سؤال:
ابني بجيل 8 سنوات ولم أنجب أطفالا غيره- أرجّ عليه-. غرفته دائما فوضى. أنا التي ترتب أغراضه وكل شيء. هو متطلب وينتظر مني جميع خدماته. لا يتحرك من مكانه ولا يتناول كوب ماء أثناء متابعته برامج ومسلسلات يرغب بمشاهدتها. أنا لا أريد مضايقته وأستجيب لكل رغباته. كثيرا ما أحاول إثارة شفقته عليّ بالتعبير عن مشاعري ولكن بلا جدوى. لماذا يعتمد عليّ بكل ما يرغب؟ هل لأنه وحيد؟ ماذا أفعل؟
الجواب:
عزيزتي الأم،
طفلك لا ينقصه أي شيء. أنت خادمته الثابتة والخاصة. أنت على استعداد لتلبية جميع رغباته ليل نهار. لماذا يكلف نفسه العناء ويقوم بأي عمل؟
هل استخدام مشاعر الشفقة يجعله ينتفض على اتكاليته ويباشر بالتعاون؟
بالطبع لا. استخدام المشاعر ينفع بين طرفين متساويين. ليس من الصحي لطفلك أن تطلبي منه دعمك الشفقة. من الصحي مشاركته مشاعرك إحساسك بالتعب وأيضا أحاسيسك السعيدة والجميلة. أنت هي النموذج لطفلك وليس العكس. طفلك ليس مسؤولا عنك أو عن تغيير مشاعرك.
إن الأطفال بطبيعتهم المولودة تحتاج لحب الأبوين وكسب رضاهم. لحث طفلك على التعاون والاعتماد على نفسه لا حاجة لك بالتحايل عليه لاستدرار شفقته عليك. التعاون سلوك نافع له أولا وقبل أي أحد. الاتكالية سلوك ضار به أولا وقبل أي أحد.
هل الاتكالية عادة نابعة من تدريب الأهل؟
بالطبع نعم. أنت التي جعلته اتكاليا من حيث لا تدرين. حبك أضر بتطوير شخصية مستقلة وواثقة من نفسها. لقد اعتاد على وجودك بجانبه كلما احتاج لأبسط الخدمات.
ترتبين له حقيبته يوميا وتجلبين له كوب الماء وهو صحيح الجسم ومعافى. لقد اعتاد على خادم خاص به وبرغباته بحجة حبك. فالعادة إذن هي سلوك مكتسب، متكرر وثابت. للقضاء على أية عادة غير مستحبة يلزم استبدالها بعادة جديدة ومستحبة.
لا لأسلوب الأمر ونعم للأسلوب المباشر بطلب التعاون معك. أنصح باستخدام صيغة السؤال. فعند حاجته لتناول وجبته مثلا يستحسن استخدام بادئة "هيا" أي بالعامية "يلاّ" لقيامه بواجب فتقولين: (هيا نستعد لتحضير وجبة عشائك المفضلة. هل تسمح من فضلك أولا بترتيب حقيبتك؟).
أنت من جهة ترغبينه بوجبة طعام يحبها ولكنك تشترطين عليه بأسلوب غير آمر الاعتماد على نفسه لقيامه بواجباته.
الاشتراط الترغيبي هدفه استبدال سلوكه الاتكالي بسلوك تعاوني. أسلوب كهذا يعمل بطفلك كما السحر وتدريجيا يعتاد الاعتماد على نفسه بكل مجالات حياته.
من المهم تذكيرك بأن اعتماده على نفسه حالة مفيدة له أولا. فلا تعملي على ضرره وإعاقة قدراته بسبب حبك له – أرجّ عليه-.
هل تعويده على الاعتماد على نفسه يتعارض مع تدليله أو تعبيرك عن حبك له؟
بالطبع لا. التعبير له عن حبك لا علاقة له بتقديم الخدمات له وشله عن قيامه بواجباته اليومية. طفلك ليس معاقا. هو كامل القدرات. لا تبخلي عليه بحاجته العاطفية من اطمئنان وحب. هو يحتاج لعبارات حب وتقدير وشكر دائما وبلا انقطاع. بعد كل تعاون أو اعتماد على النفس يستحسن امتداحه وتشجيعه. شكره بكلمات سحرية تعمل على سرعة استبداله عادة الاتكالية. لا مانع من إدخال جو من المرح والفرح أثناء تعاونه. لا حاجة للتحايل أو الجدية الزائدة لحثه على التغيير. لا شك بأن الجو العائلي المرح له تأثيره الإيجابي والمفيد.
[email protected]
أضف تعليق