أجمعت نقابات الأطباء الإيطاليين ونقابة أطباء إقليم صقلية ونقابة الأطباء من أصول أجنبية في إيطاليا في مؤتمر طبي، على أن عالم الصحة يعتبر أخصب أرضية للحوار والتعاون بين المؤسسات الإيطالية والمهاجرين لضمان حقوق المهاجرين في العلاج والعمل والإندماج في البلاد.
جاء ذلك في مؤتمر عُقد يوما 17 و 18 يونيو/حزيران الجاري في "جارديني ناكسوس" بمحافظة ميسّينا بجزيرة صقلية تحت عنوان "مؤتمر حوض المتوسط، صحة ومهاجرون، نهجٌ للإندماج والتعاون الصحي" نظمته نقابة أطباء محافظة صقلية بالتعاون مع قطاع الصحة للمحافظة ونقابة الأطباء الإيطاليين ونقابة الأطباء من أصول أجنبية (آمسي) ومنظمات صحية أخرى.
"مهاجرون وصحة"
وقد ناقش المؤتمر أهمية الدور الذي يلعبه قطاع الصحة كحلقة وصل بين المهاجرين من جهة والمؤسسات الحكومية والإيطاليين من جهة ثانية لتسهيل الحوار بينهما وتقديم حلول للمشاكل التي قد يواجهها كلا الطرفين. كما ألقى المؤتمر الضوء على المشاكل التي تواجهها الكفاءات الجديدة والنماذج الذي يتوجب على عالم الصحة التمتع بها لتقديم المساعدة الصحية للمهاجرين وفقاً لبيان "منظمة الصحة العالمية" (WHO) "مهاجرون وصحة" لعام 2008 الذي يدعو إلى تعزيز السياسات الصحية الخاصة بالمهاجرين لوقاية وعلاج الأمراض دون النظر إلى العرق أو اللون او الجنس أو الدين.
في ظل ثورات "الربيع العربي"
ولم يكن من محض الصدفة أن أرادت نقابة أطباء صقلية إقامة المؤتمر في الجزيرة الإيطالية التي شهدت في الأشهر الماضية موجة هجرة كبيرة من المغرب العربي في ظل ثورات "الربيع العربي"، حيث وصل نحو 30 ألف تونسي في الأشهر الأربعة الماضية إلى جزيرة لامبدوزا أقرب نقطة إلى تونس. وقال مسؤول الصحة في إقليم صقلية، ماسيمو روسو، إن جزيرة صقلية ارضاً مفتوحة للجميع وسنقدم كل الخدمات اللازمة لكل من يمر منها كأي مواطن إيطالي دون أي تمييز، مشدداً على أن المؤسسة الصحية في الجزيرة تعدُّ مشاريع تعاونية وتبادل خبرات ودورات تأهيلية في سبيل التوصل إلى الاستقرار والسلام للجميع.
توجه خاطئ في معالجة مشكلة الهجرة
كما أعرب روسو في حديث خاص، عن عدم رضائه عن بعض تلفظات السياسيين الإيطاليين المتطرفة تجاه المهاجرين وكذلك من السياسة الأوروبية تجاه ظاهرة الهجرة وقال "هناك توجه خاطئ في معالجة مشكلة الهجرة، على اوروبا أن تختار. نحن اخترنا". وكان أهم ما جاء في المؤتمر، أن المهاجرين من الدول العربية لم يحملوا معهم اية أمراض معدية وأن الأمراض قد تأتي فيما بعد، بسبب الوضع المزري لمراكز استقبال المهاجرين وقلة النظافة والخدمات المتوفرة فيها. كما أعرب المشاركون عن قلقهم من مرحلة ما بعد خروج المهاجرين من هذه المراكز وحالة الضياع وعدم المتابعة الصحية لهم الأمر الذي قد يسبب بإصابتهم بالأمراض وتردي صحتهم لاحقاً؛ ناهيك عن مشكلة غياب المعلومات والإعلام ومنع السلطات الإيطالية للصحافيين بدخول مراكز استقبال المهاجرين.
غياب برنامج حقيقي
من جهته قال فؤاد عودة رئيس نقابة الأطباء من أصول أجنبية (آمسي) ورئيس جالية العالم العربي في إيطاليا، "إن المشكلة الرئيسية مع المهاجرين في إيطاليا هي غياب برنامج حقيقي من قبل المؤسسات السياسية يَعني بإيجاد حلول لمشاكل الهجرة. إن ظاهرة الهجرة – كما قال -متواصلة ومع ذلك تجدهم يعالجونها بشكل سطحي ويعلنون حالة الطوارئ عندما تصل أعداد كبيرة من المهاجرين ومن ثم ينسون الأمر".
وشدد عودة على ضرورة التمييز بين أنواع الهجرة، فهناك الهجرة المبرمجة بموجبها يصل المهاجر إلى إيطاليا بغرض العلم أو العمل، وهناك اللجوء السياسي والهجرة غير الشرعية وكل منها لها احتياجاتها وحلول خاصة بها لكن، وحسب عودة، إيطاليا لا تفرق بهذا الشأن وتنسى المهاجرين المندمجين في المجتمع الذين يشكلون موردا فعّالاً للبلاد وتعامل الجميع من نفس منظور الهجرة غير الشرعية. مع العلم أن هناك نحو 1500 طبيب أجنبي في إيطاليا.
برامجاً للوقاية الصحية للمهاجرين
وفي نهاية المؤتمر أعلن مسؤول الصحة في محافظة صقلية ماسيمو روسو، عن تأسيس "دار الصحة الدولي" لتأهيل المهنيين والأطباء المتخصصين من إيطاليا والدول العربية على مواجهة مشاكل المهاجرين وليشكلوا حلقة وصل بينهم وبين المؤسسات السياسية. وهو مشروع كان طرحه فؤاد عودة رئيس نقابة الأطباء من أصول أجنبية في مؤتمر الأطباء بشرم الشيخ العام الماضي. وسيتضمن هذا المركز برامجاً للوقاية الصحية للمهاجرين والفئة الضعيفة من المواطنين، دورات تاهلية ودورات تحديثية للأطباء والممرضين لمواجهة مشاكل المهاجرين وكيفية الحوار معهم وسيكون مقره الرئيسي جزيرة صقلية. كما شدد مسؤول الصحة ماسيمو روسو على تأسيس شبكة بين قطاعات الصحة في منطقة حوض المتوسط لتبادل الكفاءات والمعلومات والرقابة والمساعدات الصحية.
عالم الصحة
هذا وقد شارك في المؤتمر نحو 50 طبيبا عربي من حوض المتوسط ومسؤولين من عالم الصحة من الدول العربية ومن جامعة الدول العربية ودبلوماسيين عرب لدى إيطاليا. جديرٌ بالذكر، أن عدد المهاجرين في إيطاليا يصل إلى نحو خمسة مليون أجنبي ويشاركون بنسبة 11.1% من الدخل القومي الإيطالي، وذلك حسب دراسةٍ لمنظمة الكاريتاس لعام 2008.
[email protected]
أضف تعليق