في حديث إذاعي لي عن دور الشهادة المدرسية وأهميتها بتقرير المصير على الصعيد المهني والمستقبلي اهتممت بحالة هؤلاء الطلاب الذي عادوا بشعور عدم رضى وبإحساس بالفشل بالرغم من محاولاتهم قدر مستطاعهم نيل شهادة مدرسية مرضية لهم ولأهلهم.

المشكلة هنا إذن هي ليست مع الطالب الذي نال شهادة تستجيب لتوقعات أهله ولتوقعاته فتلك نتيجة مثالية ولا تحتاج لبرناج إذاعي خاص للبحث ولا لمقال يعنى بالموضوع.

المشكلة تكمن بالذي يعلق جميع آماله وأحلامه بشهادة مدرسية لا تتطرق مواضيعها التعليمية لشغفه أو لذكائه الذاتي. المشكلة هي بالشهادة التي تكون سببا لسوء علاقة بين الطفل والأهل.

هيا نقف للحظة مع بعض أسئلة سريعة:

إنني أدعو الأهل القلقين على مستقبل أبنائهم لوقفة سريعة وقصيرة كي أطمئنهم أولا ولكي أجعلهم ينحون بتفكيرهم لأماكن أخرى مغايرة عن التفكير التقليدي، فأسأل:

--ماذا عن لاعبي الألومبيادة العالميين والمشهورين والذين يتقاضون الملايين من المال ولم تؤمن بهم مدارسهم ولم تقدر مواهبهم؟
--ماذا عن عدد من العلماء مثل، أديسون وأينشطاين الذين لم يحصلوا على شهادة مدرسية كالتي تؤرق حياة الأهل اليوم؟
-- ماذا عن أعظم الفنانين والموسيقاريين -الأخوان رحباني وسلالتهم مثلا- ونتائجهم المدرسية؟
--ماذا عن أكثر رجال الأعمال نجاحا الذين لم يحصلوا على شهادة ابتدائية؟
--ماذا عن العديد من المتفوقين المعاصرين الذين رسبوا باختباراتهم المدرسية وهم اليوم متميزون ولهم شأن في المجتمع وفي العالم أيضا.
--ماذا عن الأطفال ذوي الحاجات الخاصة والذين يتمنى أهلهم لهم مثل حياة أطفالكم الطبيعية؟ وأخيرا ماذا عن تجربة الأهل المدرسية الذاتية الماضية وعلامات تحصيلهم؟

هيا نعود بذاكرتنا لمرحلة المدرسة ونتخيل ذاتنا مكان الطفل:

كيف كنا ونحن بعمر أطفالنا نميل لبعض المعلمين فنمتاز بمواضيعهم التعليمية وبالعكس؟

كيف كنا نتفوق في فصل بموضوع ما وفي فصل آخر بذات الموضوع نتراجع بنتائجنا التحصيلية؟

لم لا نعترف بأن معظمنا قد مررنا بذات تجربة أطفالنا وعانينا الكثير لأجل تلك الشهادة.

إذا حاولنا التفكير بالأسباب فهي متنوعة وكثيرة منها ربما ظروفنا الاجتماعية، معلم الموضوع الذي لم يحسن الشرح أو ربما خوفنا من توقع أهلنا، أو ربما موضوع لم يتوافق مع ميولنا وقدراتنا، ربما السبب كان ذلك الرفيق الجالس بجانبنا والذي كان له تأثير بذلك التغيير السلبي أو الإيجابي وربما ظروفنا العائلية أو انشغالنا العاطفي في مرحلة عمرية تتميز بتأجج المشاعر وربما وربما...ألخ.

ما هي الوصفة المثلى لحياة آمنة لكم ولأطفالكم؟

من المهم أن يؤمن الأهل بالطفل. في كتابي (نعم للتربية الإيجابية) أبني جميع أساليبي التربوية على مبدئي الذي أومن به ألا وهو: (في داخل كل طفل نجم).

إن النجومية هي ليست بالضرورة مرتبطة بتحصيل علمي- نظري. لأنه يوجد العديد من أنواع الذكاء ( في الفصل الثالث) التي لا تعترف بها المناهج التعليمية التقليدي – الرسمية.

من المهم ابتعاد الأهل عن التوقع غير الواقعي من قدرات طفلهم.

وقوع الأهل بضغط المقارنة الاجتماعية يضر بتطور طفلهم. إن الابتعاد عن المقارنة والاعتراف بالفروق الفردية من ناحية قدراته، مواهبه، قدراته، ميوله، مزاجه علاقاته بمعلميه واحترام قدراته الذهنية يجعله أكثر اطمئنانا.

ميوله، مزاجه، علاقاته بمعلمي المواضيع يساعده على التطور السوي والصحي...

على الأهل الاهتمام بالبحث والمعرفة عن مميزات خصائص تطور طفلهم، فالجهل بأنواع ذكائه مثلا يضعه بقالب محدد مما يضغطه ويضر بتطوره الذهني والابداعي.

من المهم تعرف الأهل على مميزات كل مرحلة عمرية وأسلوب التعامل التربوي الإيجابي معها.

كيف يقوم الأهل بمعالجة الموضوع بعد توزيع الشهادات المدرسية على الأطفال؟

الأسلوب النموذجي هو بالمعالجة الفردية كي لا يقع الطفل بإحراج بين أفراد عائلته. أي تعليق تربوي سلبي أو غير مناسب ربما يسبب له شرخا بالعلاقة مع الآخرين أو بالعكس ربما يبني له جلدا سميكا غير مبال مما يعيقه التقاط الاشارات التي تدربه على الحياة أو التقاط خبرات تساعده على تطوير شخصيته.

من المهم في تلك الجلسة الخاصة والفردية تركيز الأهل على نتائج بعض المواضيع التي امتاز بها طفلهم. امتداحه ومحاولة التوقف عند أسباب تميزه وتحصيله العالي فيها.

حين يتحدث الطفل عن أسباب نجاحه يعي بالمقابل وفي آن الأسباب التي جعلته يخفق بغيرها.

من المهم محاولة مساعدته والتعاون معه على معالجة أسباب العجز وذلك ببعض مقترحات يقدمها تناسب خصائصه المرحلية.

لا لتكرار أو فضح فشله في كل مناسبة لاحقة أو تعييره بها.

نعم للاستمرار باحترامه وبكثير من تقدير وامتداح لموهبة أو ميول يتميز بها في كل مناسبة وذلك لتطوير تقديره الذاتي، ثقته واحترام فرديته.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]