هذا هو قَدر مُعظم الفَلسطينيين، أَنْ يُغَرَبوا عن بلادهم قسرًا، ويصلون أرضهم بعد طول غياب، غرباء! سخرية القدر بدّلت الأدوار، فأصبح الغريب "ابن الدار" التي خلت من أصحابها، ولا يربط هذا الضيف بتلك القرية المهجرة، غير ذكريات، حدثه عنها الكبار ( جيل النكبة).

كذلك لسان حال محمد علاء الدين، ابن قرية صفورية المهجرة، والذي لم يتردد وهو في زيارة لأقاربه من عائلة عُثمان، بتلبية الدعوة للمشاركة بمسيرة العودة إلى قرية صفورية، التي صادفت، يوم الثلاثاء الماضي، 31.5.11، حيث اعتبر الأمر واجبًا عليه.

من هجرة لأخرى..

مراسلة موقع "بكرا" التقت بـ محمد علاء الدين، بين حزن وأمل العودة، يقول محمد: هاجر والدَي محمد من قرية صفورية بعد سقوطها، عام 48، على يد العصابات الصهيونية، إلى لبنان، حيثُ ولدت وترعرعت لمجة من الزمن في مُخيم عين الحلوة، رغم الجفا، بقي طيف صفورية يلاحق والدي، وشدت به الرحال وكانت فنلندا هي واجهة بوصلته، فمن بعد الهجرة، هجرة أُخرى، لكنها كانت مستقراً له ولعائلتنا.

بعد حصول محمد على الجنسية الفنلندية، أصبح حلم ، زيارة قريته التي هجر منها والديه أقرب للحقيقة، لطالما حدثته والدته كما قال لنا، عن نبعة القرية وقسطل صفورية، كيف كانوا الفتيات يتجمعّن حول النبعة ويملأن الجرار بالماء، ويتغندرن، ويغنين العتابا، فيقول محمد: حدثتني والدتي عن هداة البال التي كان ينعم بها أهالي القرية، وعن طيبة القلب التي يتميزوا بها، حيثُ كانوا أهل وعائلة واحدة، بحزنهم وفرحهم. لكن ذهبت طفولتهم وشبابهم مع الهجرة الطفولة عام 48 عندما هاجروا الى لبنان، فمنهم من قضى نحبه خلال الطريق الى لبنان، ومنهم من مات بعيداً عن تُراب الوطن".

لم أستطع أن أرسم صفورية في مخيلتي..

وأضاف: كنت أتمنى أن أبقى في وطني، لكن الزيارات التي اقوم فيها تبقيني على تواصل مع قريتي المهجرة، التي بين الحين والآخر تُهدئ من نار شوقي إلى ترابها، لقد تربينا على أن صفورية هي الوطن، لم نعرف وطن غيرها، و"صفورية تجمعنا".

وتابع محمد في حديثه: لم أستطع أن أرسم صفورية في مخيلتي، ولم أكن أدرك أن سُكانها هجروا بالكامل، أم هي مهجرة فقط. إني متفاجئ من قرار عدم السماح للسكان الأصليين في زيارة القرية، وإعتبارهم غُرباء، وأن الدخول فقط متاح للمستوطنين، بالإضافة إلى محي المعالم العربية في القرية، وهدم المنازل الأصلية وتبديلها بأخرى، وهذا النهج خصيصاُ لمحو الذاكرة العربية.

كيف نرسخ صفورية في ذهن الأجيال والأبناء؟

وردًا على سؤالنا قال محمد: قبل نحو 13 عاما كنت في زيارة مع ابنائي للقرية وقد رأوا القرية ونبع القسطل، وشربوا من مياهها الذكية، ولعبوا حولها. انا دائما أحدثهم عن قريتهم صفورية، وهي راسخة في ذاكرتهم ودائما يُعرفون أنفسهم بإنتمائهم للقرية ( صفورية – فلسطين)، سوف يكون لهم زيارات قادمة ودائمة للقرية.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]