فرقة أوتار القدس هي الأولى من نوعها..عازفوها فاقدون لنعمة البصر، لكن أناملهم تبصر ابداعا، وقلوبهم تظهر موهبة، وعقولهم تشع نورا، فلا حدود الظلام تمنعهم ولا أسوار اليأس تأسرهم. هي الاولى في الاراضي الفلسطينية التي يكون اعضاؤها من المكفوفين وضعاف البصر، حيث أجمعوا على هدف واحد وأكدوا على انهم قادرون على الابداع والانتاج، وايجاد مصدر دخل لهم.
اعضاء هذه الفرقة متخصصون في الموسيقى ويحملون شهادات جامعية ويطورون مهاراتهم باستمرار من خلال الدورات التدريبية، أما اغانيها، فهي متنوعة بين الشعبية والتراثية والوطنية والموشحات وقد قدمت عدة عروض في مهرجانات منها مهرجان (القدس عاصمة الثقافة العربية 2009).
تأسست الفرقة قبل ثلاث سنوات وتتألف من ستة أشخاص هم خليل ابو دياب - عزف وعود وغناء، اشرف بطاش - غناء، محمد مشعل - ايقاع، معتصم قراوي - عزف على الرق، محمد عباسي - عود وغناء، حسن الشيخ - عزف على الاورغ، والفرقة بصدد اضافة اعضاء جدد خاصة من العنصر النسائي، من كافة مناطق القدس والداخل الفلسطيني، والعمل على نشر اصدارات الفرقة محليا وعالميا، ويأمل اعضاؤها كذلك بضم المواهب من الضفة الغربية رغم الحواجز والمعابر التي تشكل عائقا امامهم.
المشرف الفني..
وفي لقاء لمراسلة موقع بكرا مع الاستاذ محمد عباسي المشرف الفني على الفرقة قال :"أقوم بتدريب وتعليم الموسيقي في عدة مراكز للمكفوفين والتعرف على مواهب الطلبة، ومن خلال ذلك تم تشكيل فرقة أوتار القدس".
يعاني العباسي من مرض "العشى الليلي" حيث لم يكن يرى بالليل وتراجع نظره وهو في سن الـ 17 عاما، وبعد ذلك التحق بالجامعة العبرية وحصل على البكالوريس في العود قبل 4 سنوات. موهبته في الغناء وفي العزف رافقته منذ صغره وبعد تعلمه للعزف اصبح يلحن، وقد انتج كاسيت خاص به عام 2000 من تأليفه والحانه وكلماته بلهجات محلية ومصرية ولبنانية. وشدد العباسي على ضرورة توفير الوسائل المساعدة للمكفوفين في الجامعات الفلسطينية كالحواسيب الناطقة واجهزة التسجيل، وطالب بالاهتمام بفرقة اوتار القدس لتطويرها في البلاد وخارجها لتستطيع تمثيل فلسطين خارج البلاد، وأضاف :"رسالتي للمكفوف.. التمتع بالارادة لاثبات نفسه بالمجتمع، ثم التعليم وتحديد الموهبة وتطويرها".
خليل أبو دياب
أما خليل أبو دياب 50 عاما الذي يحمل درجة البكالوريوس في الموسيقى من الجامعة العبرية بالقدس، يتمتع بموهبة العزف منذ الصغر أيضا، ولم يجعل الاعاقة عائقا امام تطوير موهبته، بل كان يشارك في الحفلات ويتدرب باستمرار ثم التحق بالجامعة وحصل على شهادة جامعية. وقال أبو دياب :"ان الله يعوض الانسان المعاق بموهبة معينة..".
وعن سبب التأخر في انشاء الفرقة خاصة وانه اكبرهم سنا أجاب :"في الجيل السابق هناك العديد من الموهوبين بالغناء والعزف لكن للاسف لم يكن هناك تعاون وكان العمل الفرديا"، مضيفا أن الفرقة على استعداد لتقديم عروض في المجتمع المحلي الفلسطيني والخارجي والمشاركة في اي حفل او مهرجان.
اشرف بطاش
ويتحدث اشرف بطاش 31 عاما (كفيف منذ الولادة) عن تجربته ويقول : "منذ الولادة وأنا كفيف وبقيت في المنزل لفترة طويلة فلم يكن اهلي على معرفة بالمدارس والمؤسسات التي تهتم بالمكفوفين وكانت حياتي اليومية ملل بملل"، وأضاف : "منذ تأسيس الفرقة حياتي اختلفت كليا فلا اشعر بأي نوع من الملل والاحباط بل على العكس فان وقتي مليء بنشاطات الفرقة والتدريبات وتشدني بشكل خاص أغاني التراث الفلسطيني الأقرب للجمهور".
كان بطاش يهوى الغناء واكتشف موهبته الاستاذ محمد عباسي الذي اعجب جدا بصوته وساعده في تطوير موهبته، وقد استطاع الالتحاق بجمعية للمفكوفين ومنها تعرف على اصدقاء حتى تم تأسيس الفرقة.
محمد مشعل
أما محمد مشعل 32 عاما فكان يحب الضرب على الطبلة..فاستخدم ادوات المطبخ (الطناجر والاواني)، ثم التحق وهو في سن ست سنوات بمدرسة المكفوفين ببيت لحم واكتشف الاستاذ هناك موهبته وكان حريصا باستمرار على التدريب والتطوير حتى التحق بالفرقة، وقال:" في السابق كانت الموهبة خاصة ولكن مع تأسيس الفرقة نجحنا في ابراز ما لدينا".
معتصم قراوي
كان معتصم قراوي يشعر بالملل القاتل، لأنه أصبح كفيفا وهو في سن 12 عام..حتى التحق بمدرسة هيلين كيلر، ومبكرا اكتشف هوايته في سماع الموسيقى والعزف على الالات، مما دفعه للالتحاق بمركز وتعلم الاساسيات ثم تعرف على الاستاذ محمد عباسي وتعلم الايقاع والدق على الطبلة والرق "المظهر" وحاليا يتعلم على آلة الاورغ. وقال قراوي : "نحن المكفوفون بشر لدينا قدرات ونستطيع القيام بأي عمل فلا صعب أمامنا وعلينا هدم وازاحة حواجز التهميش".
حسن الشيخ
ولم يكن حسن الشيخ الذي يحمل شهادة بكالوريس من جامعة القدس يعاني من مشاكل في النظر لكن مع تقدم العمر خف بصره، يعزف على عدة آلات ويعمل في مراكز ويعطي الدروس الجامعية والخاصة للطلبة. وقال الشيخ : "في القدس الشعب محاصر وبحاجة لسنوات ليصل الى الموسيقي والفنون فلا يوجد وعي شعبي في دور الموسيقى والفنون الاخرى". وأضاف : "ان الموسيقى تهذب النفس وتنعكس ايجابا على نفسية وشخصية كل الافراد فالموسيقى هي الحضارة، ومن الضروري سماعها.
مدير الجمعية العربية للمعاقين حركيا
وفي لقاء لمراسلة موقع بكرا مع اكرم عكة مدير الجمعية العربية للمعاقين حركيا وصف فرقة اوتار القدس بـ (العمود الفقري) للدائرة الثقافية للجمعية، حيث تم تأسيس (معهد أوتار الدمجي للفن الشامل) لتعليم الموسيقى للاطفال المكفوفين والاصحاء من جيل (9-15عاما) - الغناء والايقاع والعزف. وشدد عكة على اهمية الاهتمام بالفرقة وتقديم كل اشكال الدعم لها خاصة وأن اعضائها هم اعضاء الجمعية لأنهم يؤمنون بقدراتهم وابداعاتهم. وطالب عكة بتقديم الدعم في المجالات الثقافية والفنية للمعاقين وعدم الاكتفاء بتوفير الادوات والاجهزة لهم، وقال : "احتضنت الجمعية العربية للمعاقين حركيا الفرقة حيث استطاعت توفير الاجهزة لها كما تساعد الاعضاء بنقل المعدات اللازمة للحفلات".
[email protected]
أضف تعليق