عم الإضراب العام بلدة الغجر على الحدود اللبنانية صباح أمس الجمعة، احتجاجا على نية تقسيم القرية بين لبنان وإسرائيل، بحيث يتفرق الأخ عن أخيه والجار عن جاره.

وقد طافت المظاهرة شوارع القرية شارك فيها أهالي قرية الغجر مطالبين الأمم المتحدة بعدم العمل أو الموافقة على تقسيم القرية، وأكد المتظاهرون بأنّ الغجر هي سورية للشهادات والوثائق التي ما زال كبار ومشايخ أهل القرية يحتفظون بها.

قرية الغجر سورية

الغجر اسم قرية في منطقة الجولان الواقعة على الحدود اللبنانية. سكانها من الطائفة العلوية ويبلغ عددهم حوالي 2200 نسمة. مساحتها المسكونة حوالي 500 دونم والأراضي التابعة لها تزيد عن 12000 دونم.

حتى يونيو 1967 كانت القرية تخضع للإدارة السورية وكان سكانها يملكون الجنسية السورية. منذ 1982 يملكون أغلبية سكان القرية على الجنسية الإسرائيلية واعترفت إسرائيل بالقرية كمجتمع سكاني إسرائيلي في محافظة الشمال التابعة لها. في 2000 رسم ممثلي هيئة الأمم المتحدة "الخط الأزرق" في قلب القرية، مما أدى إلى تقسيم القرية فعلا بين إسرائيل ولبنان.

منذ تقسيم القرية يصعب الوصول إليه إذ أقامت إسرائيل الحواجز الحدودية خارج القرية، جنوبا له. لم يفقدوا سكان الجزء اللبناني من القرية جنسيتهم الإسرائيلية إلا أنهم يعتبرون "مواطنين إسرائيليين على أراضي العدو" حسب القانون الإسرائيلي.

المكانة السياسية لقرية الغجر وسكانها هي من أكثر المشاكل تعقيدا ضمن حالة التوتر السائدة بين كل من سوريا،لبنان وإسرائيل. عندما تم رسم الحدود بين سوريا ولبنان وقعت القرية على الحدود ولم توضح السيادة عليها. حتى حرب الأيام الستة في يونيو 1967 تولت سوريا إدارة القرية ومنحت الجنسية السورية لسكانها. في الإحصاء السكاني الذي نشرته سوريا في 1960 يرد اسم القرية بين التجمعات السكانية السورية، ويشار إلى 11 مزرعة من مزارع شبعا (مع بعض المزارع الأخرى) كمزارع تابعة للقرية. وعدت السلطات السورية في ذلك الإحصاء 620 نسمة في قرية الغجر (ما عدا سكان المزارع).

في حرب 1967 احتلت إسرائيل منطقة الجولان من سوريا، ولكن الجيش الإسرائيلي لم يدخل قرية الغجر لاعتبارها لبنانية حسب الوثائق التي كان موجودة لديه.

وصرّح جمال خطيب أحد أبناء الغجر: "الغجر لم تنتمِ لبنان بل لسوريا. كانت لأبي بطاقة هوية سورية وفي حرب الأيام الستة جاء الجيش الإسرائيلي متجها من شرقي القرية. وحسب الخرائط البريطانية التي كانت لديهم قرر الضباط أن القرية تقع على الأراضي اللبنانية. فلم يتم احتلال القرية إلا أنهم اكتفوا بجمع الأسلحة وقالوا لنا إننا لبنانيون. قلنا: حسناً".

وتابع خطيب: "رفض اللبنانيون قبولنا خشية أن يـُعتبروا كمن ضموا إليهم أرضا سورية، لذلك حظروا علينا اجتياز الحدود لمدة شهرين ونصف فأصبح الغجر دولة مستقلة مكونة من 36 عائلة بين لبنان وإسرائيل ونصف سكان القرية، 350 نسمة تقريبا، هاجروا إلى سوريا إثر الحرب وعندما فرغت مستودعات الأغذية توجهنا إلى الحاكم العسكري وطلبنا منه رفع مشكلتنا إلى الكنيست وبعد أسبوعين عاد ورفع العلم الإسرائيلي فوق القرية".

قرية الغجر ليست لبنانية

 احتل جيش الدفاع الإسرائيلي هضبة الجولان في حرب الأيام الستة وتقدم إلى الغجر متجها من كيبوتس دان. وعندما وصل إلى أبواب القرية لم يحتله في الحال لاعتباره لبنانيا، توجه ممثلو القرية إلى ضباط جيش الدفاع وطلبوا منهم احتلال القرية لأنهم سوريون وإن لم يتم احتلالهم يبقوا دون سلطة.

وحينها رفضت إسرائيل فتوجهت البعثة الغجرية إلى الحاكم اللبناني بطلب مماثل. بشأن أصلهم السوري رفضت لبنان احتلالهم أيضا وحتى هددت بإطلاق النار عليهم إذا اجتازوا الحاصباني .

الحكم العسكري واعتراف إسرائيل بالغجر 

في 1978 تدخلت إسرائيل في الحرب الأهلية في لبنان حيث اجتاح الجيش الإسرائيلي الحدود اللبنانية. منذ ذلك الحين وحتى مايو 2000 سيطرت إسرائيل على كلي جانبي الحدود. ضمن هذه الفترة توسعت الغجر شمالا داخل الأراضي اللبنانية.

في 1981 قرر الكنيست الإسرائيلي ضم الجزء من الجولان الخاضع للسيطرة الإسرائيلية إلى دولة إسرائيل بما يسمى "قانون الجولان". حسب هذا القانون انتهى الحكم العسكري في الجولان حيث اعترفت إسرائيل بها كمحافظة إسرائيلية. عقب القرار تسلم سكان الغجر الجنسية الإسرائيلية

في نيسان2000 قررت الحكومة الإسرائيلية سحب قوات الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني حسب قرار 425 لمجلس الأمن. لهذه الغاية طلبت إسرائيل من هيئة الأمم المتحدة رسم الحدود بين أراضيها والأراضي اللبنانية بما في ذلك الحدود بين الجولان ولبنان. رغم أن الأمم المتحدة رفضت الاعتراف بضم الجولان إلى إسرائيل فإن قرار 425 لا علاقة لها بالنزاع بين إسرائيل وسوريا، ولذلك طالبت الأمم المتحدة بسحب القوات الإسرائيلية إلى الحدود اللبنانية الجنوبية مهما كانت السيادة المعترفة بها في الأراضي جنوبا له ("الخط الأزرق" أو "خط الانسحاب" كما يسمى في الوثائق الرسمية).

الأمم المتحدة وتقسيم قرية الغجر

حسب تعليمات الأمم المتحدة تعبر الحدود اللبنانية في مركز قرية الغجر وتقسمها إلى قسمين. بين 2000-2006 سيطر قوات منظمة حزب الله اللبنانية في القسم الشمالي من القرية بينما سيطرت إسرائيل على القسم الجنوبي. كثيرا ما تشكى أهل القرية توغل عناصر جنائية إلى البلد لعدم وجود شرطة فيه، واستغلال القرية كمعبر لتهريب المخدرات. في 2005 قامت منظمة حزب الله بمحاولة خطف جنود إسرائيليين عبر الغجر، ولكنها فشلت.

في حرب تموز 2006 احتل الجيش الإسرائيلي الجزء الشمالي من القرية وهدم موقف حزب الله العسكري فيه. ما زال الجيش الإسرائيلي يراقب الجزء الشمالي لقرية غجر بالرغم من انسحابه من باقي الأراضي اللبنانية بعد نهاية الحرب. وكان من المقترح نقل المسؤولية عن مراقبة شمالي القرية إلى قوات يونيفيل ولكن تطبيق هذا الاقتراح ليس كاملا بعد، وما زالت المفاوضات بين قادة يونيفيل وكل من إسرائيل ولبنان في هذا الموضوع مستمرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]