كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن القاهرة تعرّضت خلال الفترة الماضية لضغوط وعروض مالية كبيرة في سياق محاولات تمرير مخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكدًا أن مصر تعاملت مع هذه الضغوط من منطلق الالتزام بالقانون الدولي ورفضت أي مقايضة تمس الحقوق الفلسطينية أو الأمن القومي المصري.
وأوضح عبد العاطي، خلال مقابلة تلفزيونية، أن بعض العروض تضمّنت إسقاط ديون مالية كبيرة عن مصر إلى جانب حوافز اقتصادية أخرى، مقابل القبول بترتيبات تتعلق بتهجير الفلسطينيين، إلا أن القاهرة رفضت هذه الطروحات بشكل قاطع، معتبرة أن القبول بها يشكّل خروجًا عن قواعد الشرعية الدولية.
وأكد الوزير أن الموقف المصري ثابت ومعروف لدى جميع الأطراف، بما في ذلك الجانب الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن سنوات طويلة من العلاقات الدبلوماسية أسست لفهم متبادل للخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في قطاع غزة، شدد عبد العاطي على أن إسرائيل، بصفتها قوة مسيطرة على المعابر، تتحمل المسؤولية القانونية عن فتحها وضمان تدفق المساعدات، متهمًا تل أبيب بعدم الالتزام بتعهداتها الدولية. وأضاف أن التخلي عن منظومة القانون الدولي من شأنه أن يدفع العالم نحو الفوضى وغياب الضوابط.
وتطرّق الوزير إلى ملف معبر رفح، مؤكدًا رفض مصر تشغيله من طرف واحد، ومشددًا على أن أي حديث عن تقسيم قطاع غزة أو فرض مسارات وحدود جديدة يُعد مرفوضًا. كما أشار إلى وجود قناعة لدى الولايات المتحدة بضرورة الانتقال السريع إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مع استمرار الجهود المصرية لدفع مسار تسوية عادلة.
وعلى صعيد الطاقة، نفى عبد العاطي وجود أبعاد سياسية لاتفاقات استيراد الغاز من إسرائيل، موضحًا أنها صفقات تجارية بين شركات دولية. وأكد أن امتلاك مصر لمحطتي إسالة في إدكو ودمياط يعزز موقعها كمركز إقليمي لتجميع الغاز وإعادة تصديره، سواء من إسرائيل أو قبرص، بالتوازي مع اكتشافات جديدة تدعم الإنتاج المحلي.
وفي الملف السوري، أكد الوزير دعم مصر لوحدة الأراضي السورية واستقرارها، مشيرًا إلى تواصل مستمر مع الإدارة السورية الجديدة، مع التأكيد على أهمية مكافحة الإرهاب ومنع تحوّل سوريا إلى مصدر تهديد لدول الجوار.
كما تناول عبد العاطي ملف اللاجئين، محذرًا من الأعباء الكبيرة التي تتحملها مصر في ظل محدودية الدعم الدولي، وداعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في ظل تفاقم الأزمات الإقليمية.
وفي ختام حديثه، جدد وزير الخارجية التأكيد على أن ملف سد النهضة يمثل قضية أمن قومي لمصر، مشددًا على تمسك القاهرة بحقوقها المائية وفقًا للقانون الدولي، مع السعي للحفاظ على علاقات متوازنة مع دول حوض النيل، باستثناء الخلاف القائم مع إثيوبيا بشأن السياسات الأحادية.
[email protected]
أضف تعليق