طلبت بلدية حيفا من المنظمة النسوية “امرأة إلى امرأة” تقديم رد مكتوب يتضمن “مراجع وأدلة مناسبة” لإثبات أنها لا تدعم الإرهاب ولا تحرّض على العنصرية ولا تنكر “وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية”، وذلك كجزء من فحص طلب المنظمة لتجديد الدعم المالي الذي تحصل عليه من البلدية منذ قرابة عقدين. وجاء الطلب في رسالة رسمية أرسلتها لجنة الدعم المالي في البلدية، شددت فيها على أن قرار التمويل سيُتخذ “على أساس جميع المعطيات” بعد استلام رد المنظمة.

وبحسب التقرير، فإن هذه الرسالة لم تُرسل في فراغ، بل جاءت بعد جلسة استماع عُقدت للمنظمة في البلدية قبل نحو شهر، في ظل أجواء تحريض متصاعدة ضد نشاطها وفعالياتها، واتهامات بأنها تستضيف في المبنى الذي تعمل فيه نقاشات ولقاءات تُعرَّف بأنها “سياسية”. المنظمة تعمل منذ 21 عامًا في مبنى تابع لبلدية حيفا وفق اتفاق موقّع، وهي منظمة نسوية تأسست عام 1983 وتُعد من أقدم المنظمات النسوية في إسرائيل.

شرط مبهم 

المنظمة قالت إنها تفاجأت من مضمون الرسالة، وأشارت إلى أن الشرط الذي يطلب منها إثبات عدم “نفي يهودية وديمقراطية الدولة” هو شرط مبهم وصعب التطبيق وفق ما ورد في قرارات المحكمة العليا، ما يجعل استخدامه كأداة لتقرير التمويل أمرًا إشكاليًا. كما أعربت عن استغرابها من أن البلدية حددت لها مهلة 48 ساعة فقط للرد، رغم أن المنظمة كانت قد قدّمت طلب تجديد الدعم منذ شهر فبراير، ما يعني أن الملف موجود منذ أشهر، وأن الإلحاح المفاجئ في طلب “الإثباتات” جاء في توقيت حساس بعد تصاعد التحريض عليها.

في ردها، ترى المنظمة أن ما يجري يندرج في سياق ضغط واستهداف لمؤسسة تعمل منذ سنوات طويلة في حيفا، وتقدّم نشاطًا نسويًا واجتماعيًا واسعًا يشمل برامج توعية، نقاشات، لقاءات، وفعاليات تتناول قضايا تتصل بالمساواة، الهوية، الجندر، المكانة المدنية والاقتصادية، وعلاقات القوة داخل المجتمع. وتقول المنظمة إن هذا النوع من العمل، حتى عندما يتناول قضايا عامة وحساسة، لا يمكن اعتباره “نشاطًا محظورًا” طالما أنه لا يرتبط بأي نشاط حزبي أو دعائي.

ضغوط على المجتمع المدني 

من جهتها، ردّت بلدية حيفا بأن البلدية لا تعمل ضد المنظمات التي تحصل على دعم مالي منها طالما التزمت بالشروط المنشورة مسبقًا على موقع البلدية، وأكدت أن هذه الشروط ليست جديدة. وأضافت أن طلب التوضيحات جاء ضمن إجراءات تجديد الدعم، وبعد جلسة الاستماع التي عُقدت بسبب ادعاءات تتعلق باستخدام المبنى لأغراض سياسية خلافًا لشروط تخصيصه، وبسبب “خشية” من أن يجري في المكان نشاط يتعارض مع شروط الدعم أو التخصيص.

الملف، كما يظهر في الرسائل المتبادلة، لا يقتصر على قضية تمويل بلدية فقط، بل يكشف كيف يمكن أن تتحول شروط الدعم إلى أداة ضغط على المنظمات المدنية، خصوصًا في ظل مناخ سياسي يُعاد فيه تعريف النشاط المدني والنقاش العام باعتباره “خطرًا” أو “مشكلة أمنية”. وفي حالة “امرأة إلى امرأة”، تقول المنظمة إن المطلوب منها عمليًا ليس فقط استكمال إجراءات دعم مالي، بل الدفاع عن شرعيتها ووجودها ونشاطها، في لحظة يتصاعد فيها التحريض ضد أي عمل مدني يُنظر إليه كناقد أو غير منسجم مع الخطاب الرسمي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]