في لقاء خاص مع بكرا، أكد الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن المنطقة تتجه نحو ولادة موجة جديدة من التنظيمات العسكرية، على الرغم من الحروب التي شُنَّت على التنظيمات القائمة خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن الخارطة الحالية تضم طيفاً واسعاً من التنظيمات، من حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي إلى تنظيم الدولة والقاعدة والنصرة والحشد الشعبي وأنصار الله وغيرها، بعضها وُجد لمواجهة إسرائيل، وبعضها تحركه صراعات داخلية مع الأنظمة.
وقال أبو طير لـبكرا إن المقارنة بين هذه التنظيمات تكاد تكون مستحيلة، فكل تنظيم يمتلك بنية فكرية وعقائدية مختلفة، لكن ما يجمعها جميعاً هو طبيعتها العسكرية، ورؤيتها العدائية للغرب وإسرائيل، إضافة إلى اعتمادها على قراءات دينية وفقهية محددة تمنحها شرعية داخل بيئاتها، فضلاً عن حصولها على دعم مالي وعسكري بطرق متعددة.
تنظيمات جديدة رغم الحروب: لماذا تفشل الحلول العسكرية في إيقاف تمددها؟
ويشير أبو طير إلى أن التنظيمات التي نشأت بدافع مقاومة الاحتلالات تختلف جذرياً عن تلك التي ظهرت بفعل أسباب دينية أو مذهبية داخلية، لافتاً إلى أن بلاد الشام والعراق ومصر واليمن كانت الأكثر إنتاجاً للتنظيمات خلال العقود الماضية. ويرى أن الاعتقاد بأن بعض الأجهزة والدول صنعت هذه التنظيمات لخدمة أجنداتها – كما يُقال عن داعش مثلاً – هو تحليل سطحي، لأن معظم هذه التنظيمات تمددت وخرجت عن كل أشكال السيطرة، وأفرزت تنظيمات أخرى أكثر تشدداً أو مختلفـة فكرياً.
ويؤكد أبو طير لـبكرا أنه رغم الحرب الدولية على التنظيمات العسكرية، فإن البيئة السياسية والأمنية الحالية ما تزال تسمح بولادة تنظيمات جديدة، لأن الحلول العسكرية لا تعالج الأسباب الأساسية لنشوء هذه الكيانات، بل إن تفكيك أي تنظيم قد يؤدي إلى ولادة تنظيم بديل أكثر تشدداً، خاصة في البيئات التي لا ترى بديلاً آخر للمواجهة.
حروب إسرائيل الأخيرة وإعادة إنتاج العسكرة في المنطقة
وحول الحرب الإسرائيلية الأخيرة في المنطقة، يقول أبو طير إن “حروب العامين الماضيين التي شنتها إسرائيل على شعوب المنطقة ستسهم بشكل مباشر في توليد تنظيمات جديدة، كرد فعل على السياسات الإسرائيلية والمشروع الأمريكي في المنطقة"، موضحاً أن فترات الكمون الحالية داخل بعض التنظيمات قد تتحول إلى انبعاث جديد بعد أن تلتقط هذه التنظيمات أنفاسها، مستشهداً بمثال داعش في سوريا الذي يتراجع أحياناً ثم يستعيد نشاطه في مناطق رخوة.
ويشير أبو طير إلى وجود خلط متعمد – سياسياً وإعلامياً – بين التنظيمات التي تقاوم إسرائيل وتلك التي تنشأ لمعارضة الأنظمة من الداخل، مؤكداً أن وصف كل التنظيمات بأنها "إرهابية" لم ينجح في تقليص حضورها ولا تأثيرها. ويضيف أن التجربة الممتدة منذ أفغانستان وحتى اليوم تثبت أن عدد التنظيمات لا يتراجع بل يزداد، ما يعني أن المقاربات الغربية والإقليمية الحالية قد تنجح مرحلياً، لكنها ستُنتج بالضرورة بدائل جديدة أكثر تعقيداً.
بلاد الشام والعراق واليمن… بؤر مرشحة لولادة موجة تنظيمات خلال العقد المقبل
ويختتم أبو طير حديثه لـبكرا بالتأكيد على أن مناطق بلاد الشام والعراق ومصر واليمن هي الأكثر عرضة لولادة تنظيمات جديدة خلال السنوات المقبلة، محذراً من أن المنطقة مقبلة على عقد شديد الحساسية، لن تنجح فيه الوسائل التقليدية—لا العسكرية ولا الإعلامية—في احتواء حالة العسكرة المتصاعدة، خاصة مع هشاشة الواقع السياسي والاقتصادي والأمني الذي يولّد، تلقائياً، ردود فعل قاسية قد تعيد تشكيل المشهد بأكمله.
[email protected]
أضف تعليق