دخلت المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة مرحلة بالغة الحساسية، وسط تضارب شديد في الرؤى بين إسرائيل وحلفائها الغربيين من جهة، وقطر وتركيا وحركة "حماس" من جهة أخرى.
وبحسب تقارير الإعلام العبري، فإن تفاصيل هذه المرحلة لا تزال غامضة، ولا توجد خطة مكتملة حتى داخل أروقة الإدارة الأمريكية، حيث تشير المصادر إلى أن الخطة الأصلية، التي صاغتها إسرائيل والولايات المتحدة في نحو 20 بندًا، ما تزال محل جدل كبير، خصوصًا فيما يتعلق بمسألة سلاح المقاومة وترتيبات "اليوم التالي" في غزة.
وتتمسك إسرائيل بمطلب نزع سلاح حركة "حماس" بالكامل، معتبرة أي بدائل جزئية مثل تخزين السلاح أو إخراجه مؤقتًا من الخدمة "التفافًا خطيرًا" على جوهر الاتفاق. في المقابل، تمارس قطر وتركيا ضغوطًا لمنع تفكيك القوة العسكرية للمقاومة، واقتراح بدائل تحافظ على وجودها السياسي والأمني في القطاع، سواء عبر إشراف دولي أو نقل المسؤولية إلى جهات فلسطينية أخرى.
ويبرز الخلاف أيضًا على الإطار الزمني للمرحلة الثانية؛ حيث تقترح قطر وتركيا فترة تمتد إلى عامين لترتيبات تدريجية، بينما تصر إسرائيل على فترة قصيرة لا تتجاوز بضعة أشهر. وتشير مصادر عبرية إلى تهديدات إسرائيلية صريحة بتدخل عسكري مباشر في حال عدم تنفيذ نزع السلاح، ما يهدد بتحويل الاتفاق إلى مجرد هدنة هشة.
ومن بين الملفات الحساسة الأخرى، مسألة الوجود الدولي في غزة؛ إذ ترفض إسرائيل بشكل قاطع أي حضور تركي، بينما يرى بعض المقرّبين من الإدارة الأمريكية في أنقرة "جزءًا من الحل". ويواجه الجانب الأمريكي صعوبة في تشكيل "قوة استقرار دولية" بسبب غياب التوافق حول مستقبل سلاح المقاومة، ما يدفع عدة دول عربية وإسلامية إلى التردد في إرسال قوات.
وتشير التقارير أيضًا إلى استعداد إسرائيلي محدود لإشراك شخصيات فلسطينية "غير مصنفة أمنيًا" في ملف إعادة الإعمار، دون قبول دور مباشر للسلطة الفلسطينية بصيغتها الحالية. ويعكس هذا الانقسام الداخلي في إسرائيل، حيث يعارض وزراء اليمين المتطرف أي وجود سياسي فلسطيني منظم في غزة، حتى لو كان شكليًا أو إداريًا.
ومن أخطر ما ورد في الإعلام العبري، عودة الحديث عن خطة أمريكية لإقامة "مدينة خيام" ضخمة في رفح، كنموذج لـ"منطقة بلا مقاومة"، تشمل بنية تحتية مؤقتة من كهرباء ومياه وصرف صحي، بهدف تجميع مئات آلاف الفلسطينيين في مساحة محددة وفرض واقع جديد يمهد لتقسيم فعلي للقطاع، تحت عناوين إنسانية وإعمارية.
وتؤكد المعطيات أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ليست مسارًا واضحًا نحو إنهاء الحرب، بل أصبحت ساحة صراع على هوية غزة ومستقبلها، حيث تواجه الضغوط الدولية، والشروط الإسرائيلية، ورفض المقاومة المساس بجوهر وجودها، ما يجعل التهدئة الحالية محفوفة بمخاطر كبرى، قد تتحول إلى صراع أكثر تعقيدًا وفرض وقائع سياسية وأمنية جديدة على حساب الحقوق الفلسطينية.
[email protected]
أضف تعليق