شهد مؤتمر الفنار السنوي للتشغيل في الناصرة نقاشًا واسعًا حول مستقبل سوق العمل في المجتمع العربي، بمشاركة قيادات محلية ومهنية وجمعيات مدنية وممثلي وزارات حكومية. وسط هذا الحضور، قدّم حسام أبو بكر، المدير العام لمؤسسة الفنار، قراءة شاملة للواقع الاقتصادي–الاجتماعي والتحديات التي تواجه الشباب العرب، مؤكّدًا أنّ التشغيل اليوم ليس ملفًا تقنيًا أو هامشيًا، بل هو جوهر قدرة المجتمع العربي على النهوض وإعادة بناء نفسه في ظل الظروف الراهنة.
من أهم التحديات
وفي حديثه لموقع “بُكرا”، قال أبو بكر إن التشغيل بات إحدى أهم القضايا على طاولة المجتمع العربي، خصوصًا في ظل التحولات الاقتصادية السريعة. وأوضح أن جزءًا كبيرًا من الضعف الاقتصادي يعود إلى غياب التمثيل العربي الكافي في سوق العمل، خاصة في الوظائف النوعية والمهن التي تقود التطور التكنولوجي والاقتصادي. واعتبر أن التعامل مع هذه الفجوة يحتاج إلى أكثر من برامج تدريب؛ يحتاج إلى منظومة كاملة من التشبيك، التنسيق، وبناء شراكات طويلة الأمد.
وأشار أبو بكر إلى أن أهمية المؤتمر لا تكمن فقط في عرض التحديات، بل في جمع مختلف الأطراف في مكان واحد. فبحسب وصفه، عندما يجلس ممثلو الوزارات والمشغّلون ورؤساء السلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني على طاولة واحدة، يصبح بالإمكان بناء حلول عملية تؤثر في السياسات وتخلق تغييرات حقيقية. وقال إن الفنار ترى في هذا النهج أساسًا لدفع التشغيل في الاتجاه الصحيح، وإن الهدف هو أن يصبح التشبيك جزءًا ثابتًا من طريقة عمل المؤسسات العربية.
تغييرات متوقعة في سوق العمل
وعند سؤاله عن رؤيته للسنوات المقبلة، تحدث أبو بكر عن ضرورة الاستعداد للتغيّرات المتوقعة في سوق العمل. وشرح أن دمج النساء العربيات يحتاج إلى تحسين نوعية الوظائف وليس فقط زيادة الأعداد، وأن الحديث عن اندماج فعلي يعني ضمان وظائف ذات قيمة وأجور عادلة. كما تطرّق إلى ظاهرة الشباب غير المؤطّر، موضحًا أنها واحدة من أخطر التحديات لأنها تبقي شريحة واسعة خارج المنظومة التعليمية والمهنية. وأكد أن الفنار تعمل على إدخال هؤلاء الشباب في أطر تشكّل نقطة بداية حقيقية نحو بناء مهنة مستقرة.
وفي رؤيته للصورة العامة، شدّد أبو بكر على أن الهدف الاستراتيجي للفنار هو بناء حصانة اقتصادية–اجتماعية داخل المجتمع العربي، بحيث يكون التشغيل محرّكًا للنهوض ومسارًا لتقليص الفجوات وتحسين جودة الحياة. وختم حديثه بالقول إن المجتمع العربي بحاجة إلى رؤية طويلة المدى ترى في التشغيل رافعة للتطور، وإن الفنار تعمل اليوم على ترجمة هذه الرؤية إلى خطوات عملية من خلال المبادرات، البرامج، والتعاون مع جميع الشركاء.
[email protected]
أضف تعليق