أكدت لجنة الانتخابات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية أنها ماضية في عقد انتخابات رئاسة لجنة المتابعة يوم السبت المقبل، الموافق 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، من الساعة الثانية عشرة ظهرًا حتى الخامسة مساءً، رغم الاعتراضات والاتهامات بعدم الشفافية التي ترافقت مع التحضيرات للانتخابات.

وجاء في بيان اللجنة أنه “بعد اجتماع لجنة الانتخابات اليوم وفحص كافة الترشيحات المقدّمة لها وفق النظام الداخلي، تم اتخاذ القرارات التالية: المصادقة على ترشيحات التالية أسماؤهم: د. جمال زحالقة، علي خضر زيدان, نيفين أبو رحمون, عطا أبو مديغم وسائد عيسى

وأضاف البيان أن هؤلاء هم المرشحون الذين استوفوا شروط الترشح وحصلوا على التزكيات المطلوبة وفق النظام الداخلي، مشيرًا إلى أنه في حال لم يحصل أي مرشح على النسبة المطلوبة (50% +1)، فستُجرى جولة إعادة بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات يوم السبت 22 تشرين الثاني/نوفمبر، من الساعة 12:00 حتى 15:00.

وأوضح البيان أن اللجنة قررت، بالأغلبية، إضافة عضوين ممثلين عن الحركة الإسلامية الجنوبية والقائمة العربية الموحدة “حفاظًا على وحدة لجنة المتابعة واستمرار العمل المشترك”، مؤكدة أن هذا القرار لا يتعارض مع النظام الداخلي. كما أعلنت أنه سيتم إعداد سجل الناخبين خلال 24 ساعة، ولن يُسمح لأي مركّب بتعديل الأسماء الواردة فيه، مع تمكين جميع المرشحين من الاطلاع عليه والحصول على نسخة رسمية منه.

وأكدت اللجنة أن قراراتها جاءت “لضمان نزاهة الانتخابات واستمرارها وفق النظام الداخلي والمعايير القانونية المتفق عليها”.

تصاعد الانتقادات وغياب التمثيل النسائي

بدأت موجة الانتقادات الواسعة قبل نحو ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات، بعد تصريح أدلى به عضو لجنة المتابعة منصور دهامشة قال فيه إن “النساء لا يهتممن بالسياسة”، مبررًا بذلك عدم وجود نساء في لجنة الانتخابات. وأثار هذا التصريح ضجة كبيرة واستنكارًا واسعًا في الأوساط السياسية والمجتمعية، واعتبرته ناشطات وقياديات “انعكاسًا لثقافة الإقصاء التي تعاني منها النساء في مواقع صنع القرار الوطني”.

بعد ذلك، قدمت رلى داوود ونيفين أبو رحمون ترشيحيهما لرئاسة لجنة المتابعة، في خطوة رمزية تهدف إلى كسر احتكار الرجال للقيادة السياسية. غير أن اللجنة لم تُضف أي نساء إلى عضويتها رغم المطالب المتكررة من شخصيات وناشطين بضرورة التمثيل النسائي.

خلافات واحتجاجات

تزايد الجدل مع إعلان استبعاد المرشحة رلى داوود من السباق الانتخابي بعد سحب عدد من رؤساء السلطات المحلية تزكياتهم لها، في أعقاب ضغوط وُصفت من قبلها بأنها “سياسية ومنظّمة”. وقالت داوود إن ما حدث “يمثل سابقة خطيرة تمس نزاهة العملية الانتخابية وبتمثيل النساء في مواقع القيادة الوطنية”.

من جهته، انتقد المرشح سائد عيسى من كفر قاسم آلية إدارة الانتخابات، معتبرًا أنها “تفتقر إلى الشفافية المطلوبة وتعاني من تدخلات سياسية واضحة”، بينما طالب المرشح علي زيدان بتأجيل الانتخابات “حتى تصحيح التجاوزات التي شابت عملية التحضير”.

ورغم الاعتراضات، تؤكد لجنة الانتخابات أنها لن تؤجل الموعد المحدد، وأنها ملتزمة بتطبيق النظام الداخلي “بشكل كامل وشفاف”.

تحالفات ودعم سياسي


ويبرز في المشهد الانتخابي الدكتور جمال زحالقة، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، كأحد أبرز المرشحين، حيث يحظى بدعم من الجبهة والحزب الشيوعي والحركة الإسلامية الشمالية (الوفاء والإصلاح)، إضافة إلى عدد من رؤساء السلطات المحلية وأبناء البلد والتجمع، ما يجعله حتى الآن المرشح الأوفر حظًا للفوز.

في المقابل، يرى متابعون أن إضافة مقعدين جديدين للحركة الإسلامية الجنوبية والقائمة العربية الموحدة أنهت الأزمة الأخيرة داخل لجنة المتابعة ومهّدت لإجراء الانتخابات في موعدها، بعد أن كانت الحركة قد طالبت بتأجيلها قبل أن توافق على المشاركة عقب حصولها على التمثيل الإضافي.

جدل حول توزيع المقاعد

لكن القرارات المتعلقة بتركيبة اللجنة وتوزيع المقاعد أثارت تساؤلات وانتقادات واسعة داخل الأوساط السياسية والمجتمعية. فقد تساءل ناشط سياسي – فضّل عدم ذكر اسمه – ساخرًا: “كيف يمكن أن يحصل الحزب القومي العربي والحزب الديمقراطي العربي على ثلاثة مقاعد لكل منهما في لجنة المتابعة، رغم أنهما غير فاعلين سياسيًا منذ سنوات؟”، مضيفًا: “بصراحة، أشك أن لدى كل واحد من هذين الحزبين ثلاثة أعضاء فقط ليصوتوا!”.

ويرى مراقبون أن هذه التساؤلات تعكس أزمة تمثيل عميقة داخل لجنة المتابعة، في ظل غياب معايير واضحة لتحديد حصة كل مركّب سياسي أو شعبي، إضافة إلى تجاهل مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة مثل جمعيات مساواة وعدالة ونساء ضد العنف، التي لا تملك أي تمثيل رسمي داخل اللجنة رغم دورها المؤثر منذ سنوات.

نظرة أوسع


ويؤكد متابعون أن هذه الانتخابات تكشف عن تحديات بنيوية في بنية لجنة المتابعة، التي تُعد الإطار السياسي الأعلى للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، خاصة في ما يتعلق بالعلاقة بين الأحزاب السياسية والأطر الشعبية، وتمثيل النساء والشباب، وضرورة تحديث النظام الداخلي ليعكس التمثيل الحقيقي للقوى الفاعلة في الشارع.

ورغم كل الجدل والانتقادات، تؤكد لجنة الانتخابات أنها ماضية في إجراء الاقتراع في موعده المحدد السبت المقبل، وسط ترقب سياسي واسع واحتمالات لتنافس حاد بين المرشحين الخمسة، في واحدة من أكثر الانتخابات جدلاً في تاريخ لجنة المتابعة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]