شارك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو اليوم، الاثنين، في جلسة خاصة للكنيست بعنوان "أربعون توقيعًا"، بطلب من أحزاب المعارضة، لمناقشة مطلب إقامة لجنة تحقيق رسمية حول إخفاقات 7 تشرين الأول. تأتي الجلسة بعد مرور ثمانية أشهر على المطالبة الأولى في الكنيست بإنشاء اللجنة، في ظل تصاعد الغضب الشعبي ومطالبات عائلات الضحايا والمحتجزين بتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصّرين.
وقال نتنياهو في كلمته أمام الهيئة العامة: "هناك أيام، مثل هذا اليوم، أتأمل فيها في جذور المهمة التي أوجّه بها حياتي العامة – النضال ضد أعدائنا الذين يسعون لإبادتنا، وضمان بقائنا في أرضنا". وأضاف مشيرًا إلى الذكرى الخمسين لقرار الأمم المتحدة الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية: "كان واضحًا لنا جميعًا أن الهجوم لم يكن على الفكرة الصهيونية فقط، بل على الدولة التي تمثل تحقيقها".
انتقادات للجيش
وتطرّق نتنياهو إلى الحرب الجارية، موجهًا انتقادات مبطنة للجيش الإسرائيلي، إذ قال: "الحرب الحالية، حرب النهوض، هي حرب عادلة لا مثيل لها ضد من هبّوا علينا من سبع جبهات. في 7 تشرين الأول تلقّينا ضربة قاسية جدًا، لكنها ضربة نهضنا منها بسرعة. قالوا لنا لا تهاجموا لبنان، ومؤخرًا لا تدخلوا مدينة غزة، بأعذار مختلفة من محللين، وليس فقط منهم بل من داخل البيت ومن منتديات أخرى. الضغط العسكري في غزة، إلى جانب الضغط السياسي لعزل حماس الذي قادته الولايات المتحدة، هو ما أتاح إعادة جميع المحتجزين الأحياء ومعظم القتلى منهم إلى الوطن".
وأمام تصفيق الوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف، تابع نتنياهو: "المعركة لم تنتهِ بعد. أعداؤنا يعيدون التسلح ولم يتخلّوا عن نيتهم في تدميرنا. يقولون إنني أكرّر نفسي كما في الحديث عن التهديد الإيراني، لكننا نواجه تهديدات قديمة متجددة وأخرى جديدة. حماس ستُجرّد من سلاحها، وغزة ستُنزع سلاحها – إما بالطريقة السهلة أو بالطريقة الصعبة".
هجوم من المعارضة
في المقابل، شنّت المعارضة هجومًا حادًا على نتنياهو، إذ قال النائب رون كاتس من حزب "يش عتيد": "بعد عامين من أكبر كارثة في تاريخ الشعب اليهودي منذ الهولوكوست، لا توجد استخلاصات ولا مسؤولية، هناك حكومة تخاف من الحقيقة". أما رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان فقال: "أنت المسؤول الأول عن طوفان 7 تشرين الأول. أنت من نقل الأموال القطرية إلى حماس رغم معارضتنا، وأنت من رسم سياسة الاحتواء. لن تتمكن من الهرب هذه المرة – سنقيم لجنة تحقيق حقيقية بمسؤوليات شخصية".
كما قالت النائبة نعماه لازيمي من حزب "الديمقراطيين": "أنا أحمّلك المسؤولية يا نتنياهو. ستُقام لجنة تحقيق رسمية، وستحقق أيضًا في محاولات التغطية. لن تنتصر على عائلات الثكلى، فهنّ بوصلتنا الأخلاقية".
في موازاة الجلسة، عقدت عائلات ضحايا ومحتجزين من "مجلس أكتوبر" مؤتمرًا صحافيًا في الكنيست، أعلنت خلاله عن نيتها تنظيم تظاهرة ضخمة مساء السبت المقبل في ساحة "هبيما" بتل أبيب للمطالبة بإقامة لجنة التحقيق. وقال رافي بن شطريت، والد الجندي القتيل إلرؤوي بن شطريت: "نحن نقاتل منذ نحو عامين من أجل هذه اللجنة، لكننا نصطدم بجدار صمت وإنكار. الحكومة التي كانت تمسك بالدفة أثناء الكارثة تفعل كل ما بوسعها للهروب من المسؤولية".
أما ديف عزر، والد الجندي عيلي عزر، فأضاف: "لم أرَ في تاريخ الدولة من اشترط هوية رئيس لجنة التحقيق إلا عندما يتعلق الأمر بنتنياهو. فقط هنا نجد أعذارًا وشروطًا، في محاولة للهروب من الأسئلة الجوهرية حول ما حدث".
اخلاء مسؤولية
ويأتي النقاش بعد أن كُشف الشهر الماضي عن بحث نتنياهو تعديل "قانون لجنة التحقيق الرسمية" بهدف إلغاء البند الذي يتيح للجنة فرض توصيات شخصية على أصحاب المناصب، أو الحدّ من صلاحياتها لتقتصر على المؤسسات فقط. كما يسعى إلى تغيير آلية تعيين رئيس اللجنة بحيث لا يكون بيد رئيس المحكمة العليا، بل بمشاركة الحكومة أو الائتلاف.
وبحسب تقارير إسرائيلية، يفحص نتنياهو ثلاثة مسارات: تعديل القانون القائم، طرح قانون خاص جديد من قبل نائب عن الليكود، أو تشكيل لجنة فحص حكومية بصلاحيات مشابهة للجنة تحقيق رسمية.
تأتي هذه التطورات بينما يواصل الشارع الإسرائيلي الضغط لتشكيل لجنة مستقلة تكشف مسؤوليات القيادات الأمنية والسياسية عن فشل 7 تشرين الأول، في وقت يحاول فيه نتنياهو إدارة النقاش القانوني والسياسي بما يخفف من تبعات التحقيق المحتملة عليه شخصيًا.
[email protected]
أضف تعليق