أكد أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني ورئيس مركز الدراسات و الأبحاث في القانون العام جمال الدين بنعيسى لموقع بكرا ان الدعم الدولي المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يشكّل تحولًا نوعيًا في مسار هذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده لأزيد من أربعة عقود.

وقال انه بعد سنوات من الجمود وطرح حلول متجاوزة، أبرزت المبادرة المغربية التي قُدمت سنة 2007 أمام مجلس الأمن، رؤية جديدة قائمة على الواقعية السياسية والتوافق الدولي، حيث قدّمت المملكة تصورًا واضحًا يضمن لأقاليمها الجنوبية صلاحيات واسعة في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمغرب، وهو ما جعلها تحظى منذ البداية بتقدير خاص من المنتظم الدولي.

وأضاف بنعيسى ان تزايد عدد الدول الداعمة للمبادرة المغربية جاء كنتيجة طبيعية لنجاح الدبلوماسية المغربية في إعادة صياغة النقاش حول الصحراء، بعيدًا عن الطرح الانفصالي الذي أصبح فاقدًا للمصداقية، خصوصًا مع ما يشهده من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف.

الحكم الذاتي .. الحل الجاد والواقعي

وأشار بنعيسى الى انه مع مرور السنوات، بدأت القوى الكبرى تتعامل مع مقترح الحكم الذاتي باعتباره الحل الجاد والواقعي الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار الإقليمي وضمان التنمية المستدامة في منطقة الساحل والمغرب العربي..

واعتبر بنعيسى اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2020 بمغربية الصحراء نقطة تحول حقيقية، حيث غيّر ميزان المواقف الدولية لصالح المغرب، وأعطى دفعة قوية للمبادرة المغربية باعتبارها إطارًا نهائيًا للحل. مضيفا انه تبع ذلك تغير واضح في موقف عدد من الدول الأوروبية مثل إسبانيا وألمانيا، اللتين أعلنتا دعما صريحا للمبادرة المغربية، معتبرتين إياها الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع.

واكد بنعيسى أن فرنسا عبّرت عن موقف مماثل، في حين واصلت دول إفريقية وعربية كثيرة دعمها الثابت لمغربية الصحراء، تُوج ذلك بافتتاح أكثر من ثلاثين قنصلية في مدينتي العيون والداخلة، وهو ما يُعدّ اعترافًا عمليًا بالسيادة المغربية.

رؤية دبلوماسية يقودها الملك محمد السادس

ويرى بنعيسى أن هذا التحول النوعي لم يكن صدفة، بل هو ثمرة رؤية دبلوماسية استراتيجية يقودها الملك محمد السادس، تقوم على الوضوح في المواقف، وربط العلاقات الثنائية بموقف الشركاء من قضية الصحراء.

وقال أن الملك المغربي أكد في عدة خطب أن “الصحراء هي مرآة تعكس علاقات المغرب مع العالم”، مما يعني أن كل دولة تحدد موقعها من برهنت هذه السياسة برهنت على نجاعتها، حيث أصبح من الصعب اليوم على أي طرف دولي تجاهل الواقع الجديد الذي فرضه المغرب ميدانيًا وسياسيًا.

من جهة أخرى، أبرز بنعيسى ان النهضة التنموية الشاملة في الأقاليم الجنوبية ساهمت في تعزيز المصداقية المغربية، إذ أطلق المغرب مشاريع كبرى في البنية التحتية، والموانئ، والطاقة المتجددة، والاستثمار في الشباب، مما جعل هذه الأقاليم نموذجًا للتنمية والاندماج الوطني.

وقال ان هذا الواقع الملموس جعل عدداً من الدول والمنظمات الدولية ترى في مبادرة الحكم الذاتي إطارًا عمليًا يضمن كرامة الساكنة ويحافظ على الاستقرار الإقليمي.

عدالة القضية المغربية

وشدد بنعيسى ان الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في إدراك المجتمع الدولي لعدالة القضية المغربية، ونجاح الرباط في كسب معركة الشرعية والواقعية على الساحة الدبلوماسية. مضيفا أن المغرب انتقل من موقع الدفاع إلى موقع المبادرة، وأصبح الطرف الوحيد الذي يمتلك مشروعًا مقنعًا ومدعومًا دوليًا، بينما فقدت الأطروحة الانفصالية أي مصداقية.

ويرى بنعيسى في نهاية حديثه ان هذا التوجه الجديد يُؤشر إلى أن الحل النهائي للنزاع بات قريبًا، في إطار السيادة الكاملة للمغرب على أقاليمه الجنوبية، ووفق مقاربة سلمية واقعية تضمن الأمن، والاستقرار، والتنمية للمنطقة بأسرها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]