أكد الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي في تصريحات حصرية لموقع "بكرا" أن الاعتراف الدولي المتسارع بالدولة الفلسطينية يعيد رسم خريطة العدالة الدولية في الشرق الأوسط ويؤسس لنظام قانوني جديد يضع حدا للاستثناء الإسرائيلي من تطبيق القانون الدولي.

وأشاد الدكتور مهران بالدور المصري المحوري في تحقيق هذا الزخم الدولي للاعتراف بفلسطين مؤكدا أن الدبلوماسية المصرية الحكيمة والمتوازنة ساهمت بشكل كبير في إقناع العديد من الدول المترددة بضرورة الاعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة.

وأوضح أن موقف مصر الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم عزز من مكانتها كحارسة للحقوق العربية والفلسطينية وجعل مواقفها محل ثقة واحترام دولي متزايد.

ولفت إلى أن استخدام الرئيس السيسي لكلمة العدو في وصف إسرائيل خلال قمة الدوحة أعطى دفعة قوية للجهود الدبلوماسية العربية والفلسطينية في حشد المزيد من الاعترافات الدولية مؤكدا أن مصر تواصل قيادة الجهود العربية لدعم القضية الفلسطينية بحكمة وثبات على المبادئ.

انجاز تاريخي

واكد الدكتور مهران إن وصول عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى ما يزيد عن 160 دولة يشكل إنجازا تاريخيا يغير قواعد اللعبة السياسية والقانونية في المنطقة ويضع إسرائيل لأول مرة منذ تأسيسها في موقع الدولة المنتهكة للقانون الدولي أمام إجماع عالمي واسع.

وأوضح الخبير القانوني أن هذا الاعتراف الجماعي يحول الصراع من نزاع حدودي إلى قضية احتلال واضحة حيث تحتل إسرائيل أراضي دولة معترف بها دوليا مما يفتح الطريق أمام تطبيق قوانين الاحتلال والمقاومة المشروعة وآليات المحاسبة الدولية الخاصة بجرائم الحرب.

وبين أن الطابع التراكمي لهذه الاعترافات يخلق زخما قانونيا متصاعدا يجعل من الصعب على أي طرف دولي تجاهل الحقوق الفلسطينية أو التعامل مع إسرائيل كدولة طبيعية بينما تحتل أراضي دولة أخرى، مؤكداً أن هذا التطور يضع الشركات والمؤسسات الدولية أمام مخاطر قانونية حقيقية إذا استمرت في التعامل مع الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

الاعترافات الاوروبية

وأشار الدكتور مهران إلى أن الاعترافات الأوروبية الأخيرة لها أهمية خاصة كونها تأتي من قلب النظام الدولي الغربي الذي طالما دعم إسرائيل مؤكدا أن هذا التحول يعكس تغيرا جوهريا في الرأي العام الأوروبي تجاه الممارسات الإسرائيلية، مشددا علي أن اعتراف دول مثل بريطانيا وفرنسا بفلسطين يحمل رمزية تاريخية خاصة كونهما القوتان الاستعماريتان اللتان رسمتا خريطة المنطقة في القرن العشرين.

وحول الآثار القانونية المباشرة لهذه الاعترافات أوضح أنها تتيح لفلسطين الاستفادة من آليات حماية أوسع في القانون الدولي تشمل حق اللجوء للمحاكم الدولية كطرف متضرر وليس مجرد مراقب والمطالبة بتعويضات عن الأضرار الناجمة عن الاحتلال وتفعيل آليات التضامن الدولي مع الشعوب المحتلة.

وأكد أن هذا الاعتراف يضع التزامات قانونية على الدول المعترفة بعدم التعامل مع إسرائيل في أي أنشطة تتعلق بالأراضي المحتلة وفرض قيود على الاستيراد من المستوطنات والضغط لتطبيق قرارات المحاكم الدولية المتعلقة بفلسطين.

وختم الدكتور مهران بالتشديد على أن هذا التطور يمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ القضية الفلسطينية حيث تنتقل من مرحلة البحث عن الاعتراف إلى مرحلة تطبيق هذا الاعتراف عمليا وإجبار إسرائيل على التعامل مع فلسطين كدولة ذات سيادة وليس مجرد قضية إنسانية مؤكدا أن العدالة للشعب الفلسطيني باتت أقرب من أي وقت مضى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]