تتواصل التحديات المتعددة التي تواجه القطاع الصناعي في البلاد وذلك في ظل الأوضاع الضبابية التي تشهدها البلاد إما من ناحية التوترات الأمنية والحالة الاستثنائية في هذا السياق من جهة، والوضع الاقتصادي القاسي الذي يعصف بمرافق الحياة شتى ويرفع تكاليف المعيشة الى ارقام قياسية من جهة أخرى.

ويبقى التساؤل المركزي في ظل كافة هذه المتغيرات حول كيفية صمود الصناعات الصغيرة والمتوسطة في البلاد مع ارتفاع الضرائب وسائر الصعوبات والأمور البيروقراطية الأخرى.

ويعتبر مصنع م. ح لإنتاج البلاستيك الواقع في المنطقة الصناعية في ترديون أحد المصانع العربية الرائدة في انتاج الاواني والاوعية البلاستيكية للاستهلاك المنزلي حيث يعمل في المصنع ما يقارب 10 عاملين، وهو أحد المصانع العربية التي واكبت التحديات خلال فترة الحرب والسنوات الاخيرة. وتحدث رجل الصناعة منير أبو الهيجا وهو أحد أصحاب هذا المصنع العريق الذي يديره نجله مهندس الماكينات محمود أبو الهيجا، حول انتاج البلاستيك في المصنع مشيرا الى ان جهوزية مصنع كهذا في التوسع وزيادة الإنتاج تكمن بادئ ذي بدء في امتلاك عدد القوالب المتعددة والمختلفة التي يتم سكب البلاستيك فيها وبالتالي يمكن من خلالها إنتاج البلاستيك سواء على شكل أواني وأدوات للاستهلاك المنزلي. المصنع مر من خلال عدة مراحل تطور. واليوم يتواجد المصنع في مرحلة أصبح ينتج فيها منتجات لا تقتصر فقط على منتجات البلاستيك للاستهلاك البيتي والمنزلي انما منتجات مخصصة لقطاع التكنولوجيا، منتجات لمجال الزراعة ومنتجات لقطاع البناء ومنتجات عديدة أخرى لمجالات مختلفة.

وقال أيضا حول هذا الموضوع ان المصنع م. ح للبلاستيك القائم في منطقة ترديون، مشيرا الى انه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة الا ان المصنع أحرز قفزة نوعية من حيث التطور وزيادة الإنتاجية، وهذا يعتبر انجاز لافت بحد ذاته انه ورغم كل الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية استطاع المصنع التقدم. هذا الامر دفعنا الى اتخاذ القرار بالتوسع واعتماد الآلات الاوتوماتيكية والحداثة في الانتاج، كما قمنا بشراء ماكينة جديدة لزيادة الإنتاج وتوسيع خطوط الإنتاج بشكل أكبر الا ان عدم التعاون من قبل البنوك خلال فترة الحرب أدى الى تعطيل هذه الخطط مع العلم اننا استثمرنا من مالنا الخاص في العديد من الخطط والمشاريع لتطوير المصنع في ظل عدم تجاوب البنوك في تخصيص التسهيلات الائتمانية المطلوبة بالنسبة لنا. أضف الى ذلك الى اننا سعينا كل الوقت لامتلاك قطعة ارض لتوسيع المصنع وشراء ماكينات إضافية، لكن الظروف حالت دون ذلك خاصة إذا كان الحديث عن شح المناطق الصناعية في المجتمع العربي مما حال دون توسيع وتطوير مجال نشاط وعمل المصنع.

من هنا اعتقد ان تعامل البنوك مع المصانع والصناعات خاصة العربية يستوجب الاستيضاح خاصة إذا كان الحديث عن الازمات والضائقة الاقتصادية التي يتوجب على البنوك ان تكون بمثابة الحل وطوق النجاة بالنسبة لصمود واستمرار المصالح في الحفاظ على استمرارية الإنتاج.

ويعتبر أبو الهيجا من ارباب الصناعة العرب ممن يتمتعون بخبرة واسعة في هذا المجال تمتد الى أكثر من 30 عاما، حيث يحمل في جعبته اختصاصا في مجال هندسة الماكينات، وعمل مستشارا ومرافقا لإقامة وتطوير العديد من المصانع العربية التي تختص في انتاج المنتجات الغذائية، ومديرا للعديد من خطوط الإنتاج في هذه المصانع.

وحول الرؤيا المستقبلية التي يحملها أبو الهيجا للمصنع، أشار الى انه بصدد العمل على تطوير مشاريع ومنتجات عديدة في المصنع أهمها انتاج مادة بلاستيكية من خلال إعادة تدوير مخلفات البلاستيك الموجودة في الاسواق وتصنيعها لتدخل كمواد في قطاع صناعة البناء، كمواد عازلة للصوت والحرارة ومضادة للحرائق وصديقة للبيئة، ذات قدرة على الصمود لعشرات السنوات، لكن هذا المشروع بحاجة الى المزيد من العمل والمجهود، لكثير من المال والوقت ليخرج الى الضوء والامر ليس بهذه السهولة، كما شدد.

ولم يُخفِ أبو الهيجا حلمه في توسيع نشاط المصنع ليشمل أيضا تصدير منتجاته الى خارج البلاد خاصة الى الأسواق ما عبر البحر مستهدفا الجاليات اليهودية المتدينة في الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر الأكثر استهلاكا للأواني والاوعية البلاستيكية، هذا التفكير الذي يسعى الى تطبيقه على ارض الواقع خلال السنوات القليلة القريبة.

وكان المصنع قد انضم مؤخرا كعضو في اتحاد ارباب الصناعة، حيث قال أبو الهيجا انه لم يتردد في الانضمام الى الاتحاد بعد ان تمت دعوته مؤكدا ان لجنة الصناعات العربية العاملة ضمن اتحاد ارباب الصناعة تعتبر العنوان لتطور وتقدم سائر المصانع العربية وتطوير نشاط الصناعات وتوسعها واكد في هذا السياق ان العديد من المصانع العربية تعتبر رائدة في مجالها من حيث انتاج منتجات ذات جودة عالية، لكنها ما زالت منحصرة في الأسواق المحلية مقارنة مع المصانع اليهودية، حيث يعزو أبو الهيجا السبب في تخلف الصناعات العربية عن اليهودية في موضوع التصدير الى الخارج الى وجود رؤية مغايرة لدى المُصنعين العرب اسوء بأرباب الصناعة في المجتمع اليهودي. اعتقد ان ارباب الصناعة العرب يفضلون التعامل مع كل ما هو قريب، في حين ان لديهم العديد من التخوفات للتعامل مع جهات أخرى جديدة. اعتقد انه لدينا كأرباب صناعة عرب عدم وعي كافي في مجال التصدير، لذا نُفضل انتاج منتجات تلائم السوق المحلي فقط. لا نفكر خارج الصندوق مثلا من خلال انتاج منتوج يُلائم الأسواق العالمية من هنا يكمن دور اتحاد ارباب الصناعة كجسم يعزز من قدرة الصناعات العربية على العمل لفتح الآفاق واكساب هذه المصانع الخبرة اللازمة في شتى المجالات لتكون مهيأة للتصدير الى الخارج. وشدد أبو الهيجا في هذا السياق انه على الرغم من ان معظم الصناعات العربية تعتبر صغيرة ومتوسطة الا ان هذا لا يعتبر عاملا يحول دون ان تتحول هذه الصناعات الى التصدير الى خارج البلاد، مشددا ان هذا الامر يتطلب وعي ودراية كافية ولا يتعلق بكبر وحجم المصنع.

ووجه أبو الهيجا كلمته الى ارباب الصناعة العرب داعيا إياهم الى ضرورة التعامل مع الامور بنظرة مغايرة واضعين امامهم هدف التطور والتقدم. السوق المحلية تعتبر مرحلة أولية بالنسبة لكل مصنع ويجب ان نتقدم من خلالها الى المرحلة التالية وهي التصدير الى الخارج لذا يجب علينا كأرباب صناعة عرب ان نؤمن بقدراتنا وقبل كل شيء ان نؤمن بمنتجاتنا وبالتالي الطريق من هنا سيكون مُتاحاً.

وكان رئيس لجنة الصناعات العربية في اتحاد ارباب الصناعة د. محمد زحالقة قد شدد مع انتخابه مجددا كرئيساً للجنة الصناعات العربية ان احدى الخطوات الرئيسية التي ستتعامل معها اللجنة تكمن في تعزيز قدرة الصناعات العربية على التصدير الى الخارج مؤكداً: "لقد آن الأوان لنتجاوز حدود السوق المحلية وننطلق بثقة نحو الأسواق العالمية. إن رؤيتنا في لجنة الصناعات العربية واضحة وهي تحويل التحديات التي نواجهها إلى فرص حقيقية للنمو والازدهار. لقد اعتدنا على التعامل مع ما هو 'قريب' ومألوف، لكن هذا النهج لم يعد كافياً في عالم اليوم المترابط. ولذلك، وضعنا على أجندتنا لهذا العام والعام المقبل خطة عمل تهدف إلى تمكين الصناعات العربية من التصدير، حيث بدأنا العمل فعلياً على تحقيق هذا الهدف من خلال ثلاثة محاور رئيسية، المحور الأول وهو التوعية والتأهيل اذ سنبادر ببرامج تأهيلية متخصصة وورش عمل لرواد الصناعة لإكسابهم الأدوات والمعرفة اللازمة حول كيفية اختراق الأسواق الخارجية، بدءاً من فهم المتطلبات القانونية والمعايير الدولية، وصولاً إلى استراتيجيات التسويق الفعالة. هدفنا هو بناء وعي تصديري لدى كل مُصنِّع عربي، لأن التصدير ليس حكراً على المصانع الكبرى. اما المحور الثاني فسنعمل من خلاله على تسهيل الوصول والربط مع الأسواق الدولية، من خلال تمثيل الصناعات العربية والمشاركة في المعارض العالمية، وتسهيل التواصل مع الموزعين والشركاء المحتملين في الخارج. المحور الثالث الذي يهدف الى تبادل الخبرات ما بين المصانع المصدرة للخارج وبين المصانع التي ما زالت قبل خطوة التصدير وذلك لإكساب الخبرة والمعرفة اللازمة لها للتعامل مع التحديات المطلوبة في هذا السياق وملاءمة المنتج للأسواق العالمية من منطلق الايمان بمنتجاتنا العربية والمحلية التي تستحق أن تصل إلى العالم".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]