في ظل أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية متفاقمة، أنهت البنوك الإسرائيلية عام 2024 بأرباح غير مسبوقة بلغت نحو 30 مليار شيكل، ما يشكّل ارتفاعًا بنسبة 15% عن العام السابق. هذا الارتفاع اللافت يثير تساؤلات عديدة حول مستقبل القطاع المصرفي في إسرائيل، خاصة مع تصاعد الانتقادات حول غياب الرقابة وغياب المنافسة.
في لقاء خاص مع موقع "بكرا"، تحدث الخبير الاقتصادي د. رمزي حلبي عن أبعاد هذا الارتفاع، والتحديات المستقبلية التي قد تعصف بالقطاع المصرفي، رغم ما يبدو من قوة ظاهرية في الوقت الحالي.
أرباح ضخمة في ظل أزمات مستمرة
قال د. رمزي حلبي إن "أرباح البنوك في عام 2024 ارتفعت بنحو 40% مقارنة بعام 2023، حيث بلغ متوسط العائد على حقوق الملكية (ROE) حوالي 16.9%".
وأضاف: "نتحدث عن أرباح تُقدّر بـ 30 مليار شيكل في هذا العام، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 15% عن العام الماضي، وهو أمر مذهل بلا شك".
وأوضح حلبي أن هذه الأرباح تعود إلى عدة أسباب، من أبرزها: "ارتفاع أسعار الفائدة، وفرض رسوم مرتفعة على القروض، والفوائد المتأخرة، فضلًا عن ضعف التنافسية في السوق المصرفي الإسرائيلي".
وأشار إلى أن "خمس بنوك رئيسية تهيمن على السوق، ما يضعف من فرص المنافسة ويعزز من قوة هذه البنوك في تحقيق أرباح خيالية".
وتابع: "في ظل الضغوط المالية والسياسية، اضطر بنك إسرائيل إلى إطلاق حزم إغاثة للعائلات خلال أشهر الحرب، وهو ما يشير إلى هشاشة الوضع الاقتصادي العام رغم الأرباح الظاهرة".
انتقادات متزايدة ومطالب بفرض ضرائب
أشار د. حلبي إلى أن "الوضع الحالي أثار انتقادات شديدة، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة والبنك المركزي في الرقابة على أرباح البنوك".
وأضاف: "موشي غفني، على سبيل المثال، انتقد بشدة ضعف إشراف الدولة على هذا القطاع، ودعا إلى فرض ضريبة بنسبة 6% على أرباح البنوك لعامي 2024 و2025".
وأكد حلبي أن "التحديات التي تواجه الجهاز المصرفي عديدة، أولها هشاشة البنية الاقتصادية، إذ تسببت الحرب بخسائر كبيرة، فيما تجاوزت تكلفة الحرب 56 مليار دولار، وتراجع الناتج المحلي بنسبة 10%".
وتابع: "القطاع المصرفي يتأثر كذلك بأزمة العقارات، حيث تشهد المشاريع السكنية تأخرًا بسبب غياب العمالة الفلسطينية، وهو ما يؤدي إلى ضعف في هذا القطاع، الذي ترتبط به البنوك بشكل كبير".
وأشار أيضًا إلى أن "مركزية القطاع البنكي وغياب المنافسة تُعد من العوامل التي تضر بالسوق، بالإضافة إلى تقلبات سوق الأسهم، والتأثر بالتوترات السياسية، والانقلاب القضائي، وسحب أموال المستثمرين الأجانب".
نظرة إلى المستقبل: بين التفاؤل والمخاطر
حول السيناريوهات المستقبلية، قال د. حلبي: "هناك بعض الجوانب الإيجابية، منها أن هذه الأرباح تعزز من مرونة البنوك وتُقوّي من رأس مالها، كما تتيح لها جذب مساهمين جدد وفرص استثمار مستقبلية".
وأضاف: "من الممكن أيضًا تطوير التشريعات التي تفتح المجال أمام المنافسة، خصوصًا في مجال التكنولوجيا المالية (فينتك)، وهو قطاع متطور يمكن أن يساهم في خلق بيئة بنكية أكثر ديناميكية".
لكن من ناحية أخرى، حذّر حلبي من "وجود مخاطر حقيقية تهدد استمرارية هذا النمو في الأرباح"، موضحًا أن "استمرار الأزمة الاقتصادية، وضعف قطاع العقارات، وارتفاع أسعار الشقق قد تؤثر سلبًا على استقرار البنوك".
وختم حديثه بالقول: "هناك حاجة ماسة لتشريعات جديدة تهدف إلى تقييد أرباح البنوك أو فرض ضرائب إضافية عليها، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم. المطلوب من البنوك اليوم أن توازن بين دعم العملاء والحفاظ على رأس مال كافٍ لمواجهة أوقات الطوارئ".
[email protected]
أضف تعليق