قال المحلل السياسي دان بيري إن السلطة الفلسطينية تعاني من عيوب خطيرة يجب إصلاحها، لكنها تمتلك مقومات لا يملكها أي طرف آخر، وبالقريب ستكون لها قيادة جديدة، وهي الجهة الوحيدة القادرة على حكم غزة بدلًا من حركة حماس.

وأضاف بيري أن حكومة إسرائيل لا تصغي إلى أحد إلا إذا كان اسمه دونالد ترامب، وهو ما يقودها إلى تجاهل الجميع في قرارها المتهور بالسيطرة على ملايين الفلسطينيين لأول مرة منذ 30 عامًا. وأوضح أن من الأفضل لإسرائيل أن تلاحظ أن الأوروبيين ومعظم العالم العربي اصطفوا علنًا معها في قضية جوهرية، وهي أن حماس يجب ألا تترك الحكم في غزة فقط، بل أن تُجرد كليًا من سلاحها، معتبرًا ذلك ورقة قوة يمكن استغلالها بذكاء.

الموقف العربي والدولي
وأشار بيري إلى أن بيان نيويورك قبل أسابيع قليلة – الذي شارك فيه الاتحاد الأوروبي ومصر وقطر والسعودية و17 دولة أخرى من الجامعة العربية – نصّ بوضوح على أن السيطرة المدنية والأمنية في الضفة وغزة يجب أن تكون بيد السلطة الفلسطينية فقط، مع مرافقة دعم دولي مناسب. وأوضح أن هذا التحول ليس أمرًا بديهيًا، فقد تعامل العرب مع حماس بتساهل لسنوات طويلة، إما بدافع الحسابات السياسية الداخلية، أو لتجنب الظهور كمتعاونين مع إسرائيل. لكن ما تغيّر – بحسب بيري – هو حجم الدمار والصدمة الناتجة عن حرب غزة، إلى جانب إدراك أن حماس لا تعمل من أجل الفلسطينيين بل من أجل الحفاظ على قوتها على حسابهم.

وتابع بيري قائلاً إن أمام إسرائيل مسارين: الأول أن تواصل نهجها وربما تنفذ قرارها باحتلال مدينة غزة، وهو ما سيُصوّرها كمن فرضت دمارًا هائلًا كعقاب جماعي، لتكون النتيجة طريقًا قصيرًا نحو محكمة لاهاي والعزلة عن المجتمع الدولي والعقوبات الاقتصادية. أما الثاني، فيتمثل بالاستماع إلى العالم وتغيير الاتجاه وطرح خطة استراتيجية قد تُقبل كمنطقية، بحيث يمكن أن يخرج "حلو" من "مرّ" غزة.

الخطة العربية كبديل
وأوضح بيري أن الخيار الثاني يمر عبر الخطة العربية التي تقوم على تجريد حماس من سلاحها، وخروج قيادتها إلى المنفى في دولة عربية تقبل استضافتها، وعودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة غزة، مع دور مركزي للمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة في إعادة الإعمار وضمان الأمن. وبيّن أن الإمارات ستساهم بتمويل كبير في عملية الإعمار، فيما ستتولى مصر دورًا عسكريًا محدودًا على الأرض، ويصاحب ذلك وجود قوة دولية مؤقتة لمرافقة الانتقال. وستبقى غزة منزوعـة السلاح كجزء من مسار نحو دولة فلسطينية منزوعة السلاح مستقبلًا.

وأضاف أن هذا الموقف يتناغم مع تحركات غربية، حيث ربطت فرنسا وبريطانيا اعترافهما بالدولة الفلسطينية بتفكيك حماس وعودة السلطة، إذ تؤكد باريس أن خطوة كهذه "ستُجدد العملية السياسية" وتعيد حل الدولتين إلى الطاولة، بينما تشترط لندن بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر أيضًا تفكيك حماس. وختم بيري بالقول: "من دون تقسيم لا يوجد وجود ديمغرافي لإسرائيل، ولا يمكن للكلام أن يغير ذلك – وحده ضمان نزع السلاح ورسم حدود منطقية كفيل بضمان البقاء".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]