في حديث لموقع "بكرا"، وصف السياسي والباحث الفلسطيني د. جمال زحالقة المشروع الإسرائيلي لإقامة ما يُسمّى "المدينة الإنسانية" في رفح، أو ما بات يُعرف بـ"غيتو رفح"، بأنه "جريمة ضد الإنسانية وخطة تهجير ممنهجة، تمثّل ذروة في الاستخفاف بالقانون الدولي والأخلاق الإنسانية".
وقال زحالقة:"ما يُسمى غيتو رفح هو مدينة الجريمة ضد الإنسانية. إسرائيل تخطط لحشر مئات آلاف الفلسطينيين في مساحة محاصرة ومراقبة، لا تسمح لمن يدخلها بالخروج، وتديرها وفق منطق التحكم الكامل بالحياة اليومية لسكانها، في مشهد يذكّر بمعسكرات الاعتقال أكثر مما يذكّر بأي شكل من أشكال الإنسانية".
وتحدّث زحالقة عن الخلافات العميقة داخل القيادة الإسرائيلية بشأن هذا المشروع، قائلاً:"التقارير الواردة من جلسات الكابينيت الإسرائيلي الأخيرة تكشف عن صراع واضح بين السياسيين، مثل نتنياهو وسموتريتش، وبين المستوى العسكري، وخصوصًا رئيس الأركان إيال زامير، الذي قال صراحة إن المشروع خطأ استراتيجي، وسيجعل من الجيش مسؤولًا عن كل تفاصيل حياة السكان المحاصرين، من الطعام إلى الصرف الصحي".
وأضاف:"ورغم هذه التحفظات، يصر نتنياهو على المضي قُدمًا، وعيّن أمير برعام للإشراف على تنفيذ المشروع، متجاهلًا التحذيرات العسكرية والقانونية، ومتسلحًا برؤية وقحة تسعى لفرض التهجير بالقوة وتحت غطاء 'الهدنة المؤقتة'".
وأكد زحالقة أن هدف المشروع هو الترانسفير، قائلاً:"نتنياهو ووزراؤه لا يريدون العودة لحكم غزة، لكنهم أيضًا لا يريدون سكانها. لذلك يسعون لتجميعهم في هذه المدينة – الغيتو – كمرحلة أولى للترحيل خارج القطاع. هذا ليس تحليلًا سياسيًا فقط، بل تم التصريح به علنًا، وتبنته خطة كاتس التي تشمل فحصًا أمنيًا لكل من يدخل، ومنع المغادرة، ونقل المساعدات إلى الغيتو لإجبار الناس على التوجه إليه عبر 'هندسة الجوع'".
وحول الموقف الدولي، قال زحالقة لـ"بكرا":"القلق يتزايد حتى داخل إسرائيل. فخبراء قانون إسرائيليون، من بينهم من دافع عن إسرائيل أمام محكمة لاهاي، حذروا من أن المشروع يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وقد يعرّض القادة الإسرائيليين للملاحقة الجنائية، بل ويصنّف كجريمة تطهير عرقي. وأكدوا أن المسؤولية تقع أيضًا على الجيش حتى لو نفّذ أوامر سياسية، لأن 'علَمًا أسود من عدم الشرعية' يرفرف فوق المشروع".
وشدد زحالقة على أن إفشال المشروع ممكن، إذا توافرت الإرادة السياسية، قائلاً: "إقامة غيتو رفح ليس قدرًا محتومًا. يمكن بل ويجب إحباطه عبر خطة فلسطينية-عربية-دولية عاجلة، تشمل:
التوجه لمحكمة العدل الدولية لطلب قرار احترازي فوري.
موقف مصري وعربي حازم، يتجاوز البيانات الدبلوماسية.
ربط أي هدنة أو صفقة تبادل بعدم تنفيذ المشروع مطلقًا، وبموقف مشترك من الوسطاء، خاصة مصر وقطر".
وختم د. زحالقة حديثه لـ"بكرا" برسالة تحذيرية قال فيها:"ما يمنع التهجير حتى الآن هو صمود أهل غزة ورفضهم، مدفوعين بذاكرة النكبة وآمال الإعمار. لكن إسرائيل لن تتخلى عن مخططها، وهي تنتظر اللحظة المناسبة لتنفذه. ولهذا يجب زرع اليأس في عقول القيادة الإسرائيلية من إمكانية تنفيذه – وهذه مهمتنا الآن".
[email protected]
أضف تعليق