سلط رحيل صانعة محتوى مغربية الضوء على خطر "التنمر الإلكتروني" الذي أصبح ظاهرة مقلقة في غياب تام للرقابة والوعي، فيما يزيد صمت المجتمع من جراح المتعرضين لسهام النقد وفقا لخبراء.

ويتسلل "التنمر" كوحش خفي لشبكات التواصل في عالم أصبحت فيه الشاشات نوافذ يومية للتواصل، ويفتك بالأرواح في صمت مطبق، ويزرع القلق والخوف في نفوس الكثيرين، حتى عند أولئك الذين يظهرون أقوياء خلف صورهم اللامعة.

وتصدر خبر وفاة سلمى "تيبو"، صانعة المحتوى المغربية الشهيرة على "تيك توك"، عناوين مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية. وكانت سلمى معروفة بابتسامتها اللافتة ومقاطعها المرحة التي جذبت ملايين المتابعين، ولكن خلف هذه الصورة المشرقة، خاضت رحلة صعبة نحو تغيير مظهرها، انتهت بمأساة مؤلمة.

"التيك توكر" الشهيرة سلمى المغربية، المعروفة بلقب "زوجة تيبو"، توفيت فجر الاثنين، عقب إجرائها عملية جراحية لإنقاص الوزن، كانت قد قررت الخضوع لها بسبب تعرضها المستمر لحملة تنمر واسعة استهدفت شكلها.

وكانت "التيك توكر" الشهيرة، التي تحظى بمتابعة أكثر من مليون ونصف المليون شخص، قد أجرت عملية جراحية لتغيير مسار المعدة، بعد معاناتها نفسيا لفترة طويلة من تأثير التعليقات السلبية التي فاقت حدود احتمالها.

وعلى إثر ذلك، تدهورت الحالة الصحية لها بشكل سريع، قبل أن يعلن زوجها وفاتها، ما شكل صدمة لمتابعيها الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى المتنمرين، ممن لم يتوقفوا لحظة عن إيذائها بكلماتهم السامة حتى دفعوها نحو النهاية المأساوية.

ونشر زوج الراحلة فيديو مؤثرا أمام الكاميرا، باكيا، كما ظهرت أخت "التيك توكر" لتصب جام غضبها على المتابعين الذين دفعوا سلمى نحو الهاوية بتعليقاتهم التي تجاوزت حدود الوصف، مؤكدة أنها "كانت متصالحة مع نفسها وشكلها ولكن بعد خمس سنوات من الصبر على الأذية قررت وضع حد للمعاناة بإجراء تدخل جراحي يسكت الأفواه الشامتة".

وأصبح التنمر عبر شبكات التواصل ظاهرة مقلقة، حيث أكد خبراء أن هذه الحوادث المأساوية تظهر خطورته، وتستدعي تحركا جادا من الأسرة، المدارس، المنصات الرقمية، والمشرع، لتوفير بيئة إلكترونية أكثر أمانا.

وبتحول "التنمر الإلكتروني" إلى أزمة متشابكة بين المنظور النفسي والرقمي والقانوني، وبناء على أحدث الدراسات والتوصيات الدولية (2024–2025) يمكن تفادي مخاطر "التنمر الإلكتروني" بالإجراءات الآتية:

1ـ تعزيز الوعي الأسري والتربوي، وذلك بتثقيف الأطفال والمراهقين حول المخاطر المحتملة، وتشجيع الحوار المفتوح بين الآباء والأبناء بشأن ما يتعرضون له على الإنترنت.

2ـ توفير خدمات الدعم النفسي المجاني أو شبه المجاني لضحايا التنمر، وتخصيص خطوط ساخنة للاستشارة النفسية بسرية، مع تطوير برامج المناعة الرقمية لمساعدة الشباب على التعامل مع الضغط الرقمي.

3ـ تشريعات واضحة وتنفيذ حازم، وذلك بتحديث القوانين لتجريم التنمر الإلكتروني بوضوح، وتسريع التحقيقات في البلاغات الرقمية المتعلقة بالتهديد أو الإساءة النفسية، وأيضا فرض غرامات على المنصات التي تتقاعس في إزالة المحتوى الضار.

4ـ استخدام خوارزميات لرصد الإساءة والتنمر في التعليقات والمنشورات، وتطوير أدوات تنبيه فوري للمستخدمين عند التعرض لمحتوى مسيء، مع تمكين المستخدمين من أدوات فعّالة: مثل الحظر، الإبلاغ، إخفاء التعليقات.

5ـ تنظيم منتديات حول الأمان الرقمي، وإشراك المؤثرين في نشر ثقافة الاحترام، دون إغفال إطلاق مبادرات خاصة على مستوى الجمعيات للكف عن التنمر.

6ـ حظر دخول المنصات للفئات العمرية الأقل من 13 أو 16 عاما، مع فرض أدوات تحقق من العمر لضمان حماية القصّر، وتطوير تطبيقات رقابية للأهل بإشراف تربوي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]