شهد شهر نوفمبر الماضي حدثين متزامنين في عاصمتين مختلفتين، أعادا إلى الواجهة الحديث عن فرصة استراتيجية لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني.

الحدث الأول تمثل في سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي أدى إلى قيام سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير غير مسبوق لمعظم منظومة الدفاع الجوي السوري، التي تعد من بين الأكثر تطورًا وكثافة في العالم. هذه الضربة فتحت ممرًا جويًا مركزيًا كان حتى ذلك الحين يعتبر من أخطر الطرق لتنفيذ هجوم على إيران.

أما الحدث الثاني، فكان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما أدى خلال أسابيع قليلة إلى تغيير جذري في السياسة الأمريكية تجاه طهران وتل أبيب. من جهة، قامت واشنطن برفع التجميد عن الدعم العسكري لإسرائيل، بما في ذلك تسليح حيوي لسلاح الجو كان مجمّدًا من قبل إدارة بايدن. ومن جهة أخرى، بادر ترامب بإطلاق جهود دبلوماسية لإبرام اتفاق جديد مع إيران، بعد نحو عقد على توقيع الاتفاق النووي السابق الذي انسحب منه ترامب خلال ولايته الأولى بدفع من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

إسرائيل تستعد: مناورات وتحضيرات لضربة محتملة
على خلفية هذه التطورات، أعاد سلاح الجو الإسرائيلي تفعيل استعداده لشن هجوم واسع على "الدائرة الثالثة"، في إشارة إلى الأراضي الإيرانية، وهي أكبر عملية محتملة منذ قصف المفاعل النووي السوري قبل نحو 20 عامًا. ورغم تأكيد ترامب لنتنياهو خلال مكالمتهما الأخيرة أنه لم يمنح "الضوء الأخضر" لهجوم إسرائيلي، فإن الاستعدادات تجري على قدم وساق.

وفق تقارير، تمكنت إسرائيل خلال العام الأخير من تنفيذ عمليات هجومية في عمق إيران، شملت أهدافًا عسكرية استراتيجية، وهو ما كشف ثغرات في الدفاعات الإيرانية ورفع منسوب ثقة صناع القرار في تل أبيب بإمكانية تنفيذ ضربة منفردة، دون دعم مباشر من واشنطن.

سيناريوهات المواجهة المحتملة
الخيار الأحادي: تنفيذ الهجوم دون دعم أمريكي رسمي. رغم خطورته، أظهرت التجارب الأخيرة قدرة سلاح الجو على تنفيذ ضربات في عمق إيران والعودة بسلام.

ردود محتملة: في حال ردّت طهران، يتوقع إطلاق آلاف الصواريخ الدقيقة نحو أهداف استراتيجية في إسرائيل، إلى جانب أسراب من الطائرات المسيّرة المفخخة. كما يرجّح تفعيل الأذرع الإيرانية بالمنطقة مثل حزب الله في لبنان والمليشيات في سوريا واليمن.

الخطر على الجبهة الداخلية: تعرض المدن الإسرائيلية لهجمات غير مسبوقة يتطلب تنسيقًا دفاعيًا واسع النطاق مع الولايات المتحدة، يشمل نشر بطاريات دفاعية متقدمة ومساندة من حاملات طائرات أمريكية.

أهمية التنسيق الأمريكي
نجاح أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، التي تقع في أعماق الأرض ومحاطة بطبيعة جبلية، يعتمد على عنصرين حاسمين:

الدعم الاستخباراتي الأمريكي الذي قد يُقيد حال معارضة واشنطن للعملية.

تحليل نتائج الضربات، وهي مهمة تتطلب قدرات تكنولوجية متقدمة تمتلكها دول كبرى فقط.

ثلاثة مسارات محتملة للعمل العسكري:
خيار أحادي الجانب: إسرائيل تنفذ العملية بمفردها، مع احتمال تنسيق جزئي فقط.

خيار متوسط: تنسيق مسبق مع القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) وتوفير دعم دفاعي متقدم دون مشاركة مباشرة في الهجوم.

الخيار الأمثل: عملية عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة ودول من التحالف الإقليمي والدولي مثل بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان وإيطاليا، شريطة إنهاء الحرب في غزة والتقدم نحو حل سياسي مع الفلسطينيين.

لكن هذا الخيار الأخير يبدو مستبعدًا حاليًا، في ظل الوضع السياسي الإسرائيلي وتعقيدات الملف الفلسطيني.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]