أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الجمعة، بأن حكومته تدعم وتسلح مجموعة تنشط في جنوب غزة، وتعارض حركة حماس. الإعلان جاء بعد تسريبات فجّرها وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان، الذي كشف أن إسرائيل نقلت اسلحة إلى ميليشيا دون موافقة "الكابينت" أو إطلاع باقي الوزراء عليها، ما أثار جدلاً سياسياً وأمنياً وساعاً داخل إسرائيل.

وتنشط هذه الجماعة التي يصفها الإعلام الإسرائيلي بأنها "عصابة" أم "ميليشيا محلية"، في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية قبر معبر كرم أبو سالم، وتتهم من قبل أهالي القطاع والفصائل الفلسطينية بقيامها بعمليات نهب للمساعدات الإنسانية، وبالتعاون مع الجيش الإسرائيلي ميدانياً في رفح.

ونشر نتنياهو مقطعاً على منصة إكس قال فيه "ماذا سرّب ليبرمان؟ أن مصادر أمنية نشّطت مجموعة في غزة تعارض حماس؟ ما السيء في ذلك؟ هذه خطوة قد تنقذ حياة جنودنا".

ويشكل اعتراف نتنياهو أول تأكيد رسمي بأن إسرائيل لم تكتف بشن الحرب من الجو والبر، بل بدأت بما وصفه محللون بـ "النموذج المحلي" لتقويض سلطة حماس من الداخل، بتسليح ميليشيا محلية، وربما تشكيل "قوة أمنية بديلة" في بعض المناطق، على غرار تجارب سابقة في العراق ولبنان.

من هو ياسر أبو شباب.. وما طبيعة مجموعته؟
وفق تقارير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن أبو شباب هو شخصية أثارت جدلاً في رفح. حيث اتهم سابقاً بالاتجار بالمخدرات، وكان سجيناً سابقاً في سجون حماس.

يتزعم أبو شباب ما يُعرف بـ "القوات الشعبية"، وهي مجموعة عشائرية مسلحة من قبيلة الترابين التي تمتد عبر سيناء ورفح، وتشير المعلومات إلى أنها باتت تضم نحو 300 مقاتل، وفقاً لتقارير إسرائيلية.

وتتهم حماس أبو شباب مباشرة بـ "التخابر لصالح الاحتلال.. ونهب مساعدات الأمم المتحدة".

ظهر مقاتلو المجموعة مؤخراً في مقطع فيديو وهم يرتدون بزّات عسكرية عليها شعار "آلية مكافحة الإرهاب"، في مشهد وصفه البعض بمحاولة خلق "جيش بديل" صغير النطاق في غزة.

فيما أشار إعلاميون إلى تشكيل ميليشيات محلية مسلحة في رفح، لحراسة مراكز المساعدات الأميركية–الإسرائيلية بقيادة أبو شباب المثير للجدل، واعتبروه نموذجا تجريبيا إسرائيليا بتسليم ميليشيا متعاونة منطقة خالية من حماس.

ردود فعل غاضبة في إسرائيل.. هل يتحول سلاح الجيش إلى تهديد داخلي؟
التسريبات التي بدأها ليبرمان، أشعلت انتقادات حادة في الساحة السياسية الإسرائيلية، وربطت المجموعة "المجندة" بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، دون ذكر المزيد من التفاصيل.

وعلق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قائلاً "بعد أن سلًم نتنياهو الملايين لحماس، ها هو الآن يسلّح تنظيمات قريبة من داعش بشكل فوضوي ودون استراتيجية".

وأضاف لبيد في منشور له على منصة إكس "هذا جنون.. الأسلحة التي تدخل غزة ستُستخدم في النهاية ضد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي والمواطنين الإسرائيليين.. على هذه الحكومة أن تعود إلى ديارها.".

أما عضو الكنيست، اليسارية ميراف ميخائيلي فقالت "نحن أمام حكومة تدفع نحو الفوضى وتسليح ميليشيات في غزة.. نتنياهو يلعب بالنار من أجل البقاء في منصبه".

ومن حزب الليكود نفسه، قالت النائبة تالي غوتليب غاضبة "هذا هراء لا يُصدق.. هل نزود داعش بالسلاح؟ لا أثق بأحد في غزة".

حتى أن بعض المسؤولين الأمنيين عبروا عن قلق من أن تسليح مجموعات غير خاضعة للسيطرة المركزية، قد يؤدي إلى وقوع الاسلحة بأيدي جماعات متطرفة، أو أن يستخدم ضد الجنود الإسرائيلين نفسهم.

هل نحن بصدد تكرار سيناريو "جيش لحد"؟
وذكًر محللون سياسيون بنموذج "جيش لحد" في جنوب لبنان، أو "الصحوات" في العراق، حيث تم تسليح ميليشيات محلية لمحاربة قوى تعد "عدواً مشتركا"، وانتهى بعضها إلى انقلابات دموية أو استخدام السلاح لأهداف خاصة.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، أضاف المحلل الإسرائيلي مايكل ميلشتاين "إن تحويل عصابة إجرامية إلى وكيل ميداني بفكرة أنها ستحمي المساعدات أو تحارب حماس هي فكرة محفوفة بالمخاطر.. هذه ليست استراتيجية بل هي مغامرة"، في حال انقلبت السياسة التي تنتهجها حكومة نتنياهو من خلال "مرحلة هندسة الواقع الداخلي" بتحويل الأدوات إلى تهديدات.

المصدر: مونت كارلو الدولية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]