قدّم مركز مساواة ورقة عمل إلى لجنة الداخلية البرلمانية، اتهم فيها وزارة الداخلية ومديرية التخطيط وسلطة أراضي إسرائيل بوضع العراقيل التي تمنع إقامة مناطق صناعية في البلدات العربية. وأشار المركز إلى معطيات تفيد بأن الحكومة انتهجت، على مدى عقود، سياسة تمييز في مجال إقامة المناطق الصناعية في هذه البلدات. ونتيجة لهذه السياسة التمييزية، فإن العائدات الذاتية للسلطات المحلية العربية من رسوم الأرنونا (ضريبة الأملاك) المفروضة على المصانع لا تتجاوز نسبة 3%.وفي إطار قرار الحكومة رقم 550، كان على مديرية المناطق الصناعية بوزارة الاقتصاد أن تبدأ في عام 2022 بتمويل إقامة مناطق صناعية في البلدات العربية.
وشارك مدير مركز مساواة، جعفر فرح، في الجلسة التي عقدتها لجنة الداخلية اليوم بطلب من النائب د.أحمد الطيبي، بعد تقديم مسودة مركز مساواة للّجنة، حيث عرض معطيات تؤكد وجود فجوات صارخة وتمييز واسع في توزيع مدخولات المناطق الصناعية، مشددًا على أن هذا التوزيع المجحف يساهم بشكل مباشر في تعميق الفجوات الاقتصادية بين البلدات العربية واليهودية.
وتحدث في الجلسة رئيس اللجنة ايرز ملول، د. احمد طيبي، سليمة سليمان (سلطة التطوير الاقتصادي )، راسم ناطور (وزارة الاقتصاد)، رئيس مجلس عرعرة د. نزار عقل، رئيس بلدية كفرقرع فراس بدحي، رئيس بلدية باقة الغربية رائد دقة، ممثل وزارة الداخلية، خيام قعدان من مركز الحكم المحلي.
تعمل السلطة المحلية كجسم اقتصادي يُطلب منه توسيع مصادر دخله والحفاظ على استقرار اقتصادي، من أجل توفير خدمات ذات جودة للسكان. غالبية السلطات المحلية في المجتمع العربي مصنفة في أدنى الدرجات الاجتماعية–الاقتصادية (1–3)، باستثناء عدد قليل من السلطات التي تقع ضمن الدرجة 4 أو 5. هذه السلطات تعاني من ضائقة مالية مزمنة وتعتمد بشكل متواصل على “هبات الموازنة” وتخضع لإجراءات إدارية متكررة لإنعاشها اقتصاديًا. ومن هنا، تبرز أهمية تحسين مصادر الدخل – وخصوصًا الأرنونا بأنواعها – بل وزيادتها حسب الحاجة، بما يتناسب مع متطلبات البلدة وسكانها.
يقود مركز مساواة، منذ عام 2015، نضالًا من أجل إقامة وتطوير مناطق صناعية في المجتمع العربي، ويصف هذا النضال بأنه “نضال وجودي”. فهناك 8 سلطات محلية عربية لا توجد فيها مناطق صناعية على الإطلاق، و45 سلطة أخرى تبلغ مساحة منطقتها الصناعية أقل من 10 دونمات (حتى عام 2016). وتحاول 31 بلدة حاليًا إقامة أو توسيع مناطقها الصناعية. كما أن العديد من المصانع المملوكة لعرب، تغادر البلدات العربية إلى المناطق الصناعية في البلدات اليهودية.
أعدّت مديرية المناطق الصناعية في وزارة الاقتصاد خطة متعددة السنوات لإقامة مناطق صناعية ومناطق تشغيل وخدمات في البلدات العربية. وبحسب تقديرات مركز مساواة، فإن التكلفة الفعلية لهذه الخطة تُقدّر بنحو 3 مليارات شيكل، إلا أنها قُلّصت بطلب من وزارة المالية، وكان من المفترض تخصيص نحو 478 مليون شيكل فقط، وقد تم تقليص هذا المبلغ أيضًا بنسبة 15% اعتبارًا من عام 2025.
ويقترح مركز مساواة إعادة توزيع عائدات الأرنونا من المناطق الصناعية. ففي مناطق عديدة، أُقيمت مناطق صناعية لبلدات يهودية بتمويل حكومي مباشر، مع تجاهل تام للبلدات العربية المجاورة. ومنذ عام 2006 طُرحت مقترحات لتعديل السياسات وتوزيع الإيرادات بشكل عادل بين البلدات، لكن فعليًا لم يُنفذ الكثير لضمان هذا التوزيع العادل. ويطالب المركز بتشكيل طاقم مهني يُعنى بإعادة توزيع عائدات الأرنونا بين البلدات المجاورة.
وفي الوثيقة، يقترح مركز مساواة إقامة مديرية خاصة تُعنى بتعزيز إقامة مناطق صناعية في البلدات العربية، على غرار اللجنة القطرية للتخطيط والبناء للمشاريع السكنية (الفتمال). ويؤكد المركز أن الوقت قد حان لإنشاء مديرية مخصصة وممولة تُعنى حصريًا بتعزيز وتخطيط مناطق التشغيل، التجارة والصناعة في المجتمع العربي، وتعمل على تنسيق الجهود بين سلطات التخطيط، مديرية المناطق الصناعية، سلطة أراضي إسرائيل، المستثمرين، والسلطات المحلية.
ويُبرز مركز مساواة في الملف ذاته أن هيئات التخطيط واللجان اللوائية للتخطيط والبناء ملزمة بالاستجابة لاحتياجات السلطات المحلية العربية في تخطيط مناطق صناعية وتجارية وخدماتية. غير أن هذه اللجان تفرض الكثير من العراقيل على السلطات العربية عند عرض مخططاتها. وفي معظم هذه اللجان، لا يوجد تمثيل للعرب، وهو ما يُعد خرقًا لقانون التمثيل الملائم. ويطالب المركز بعقد لقاء مع وزارة الداخلية بهدف تغيير السياسة التمييزية في هذا الشأن.
كذلك، يقترح المركز تأهيل طاقم من “مركّزي مشاريع” عرب لإزالة العوائق أمام إقامة المناطق الصناعية. ويستند هذا المقترح إلى برنامج سابق بادرت اليه سلطة التطوير الاقتصادي، ويقضي بتجنيد 10 مركّزين عرب تكون مهمتهم إزالة العقبات أمام إقامة المناطق الصناعية والتجارية في البلدات العربية، والعمل مقابل الوزارات الحكومية واصحاب الاراضي والسلطات المحلية، نظرًا لاختلاف أنظمة ملكية الأراضي في هذه البلدات.
كما يشير المركز إلى ضرورة تعديل أنظمة إدارة مشاريع إقامة المناطق الصناعية من قبل السلطات المحلية. فالجهات التي تُدير حاليًا هذه المشاريع لا تعرف البلدات العربية جيدًا، وتتخلى عن متابعة المشاريع حين تواجه عقبات متعلقة بملكية الأراضي أو تحديات إدارية. لذا، يدعو المركز إلى تعديل التعليمات بحيث تتمكن السلطات المحلية من تلقي الميزانيات لتطوير وإقامة مناطق صناعية، أو اختيار شركات مُتخصصة تعرف المجتمع العربي وتُمنح أهدافًا واضحة ومحددة.
ويطالب المركز بإنشاء مديريات مهنية في البلدات العربية لتعزيز انتقال المصانع إلى هذه المناطق. ويقترح دعم هذه المديريات ماليًا وتشغيليًا، وتشجيع انتقال الأعمال والمصانع من خلال خطط مشابهة لحوافز التشغيل أو منح إقامة مصانع، كوسيلة لتحفيز الاستثمار في المناطق الصناعية العربية.
ويؤكد مركز مساواة على الحاجة الفورية لإقامة مناطق صناعية جديدة، خصوصًا في البلدات التي لا توجد فيها مناطق صناعية على الإطلاق، مثل جسر الزرقاء، وكذلك في المدن التي تعاني من نقص، مثل مدينة الطيبة، التي تحتوي على منطقة صناعية صغيرة بمساحة 10 دونمات فقط، وهناك ضرورة لتوسعتها وإنشاء منطقة صناعية إضافية فيها. ومن بين البلدات التي يشير اليها تقرير مركز مساواة: كفرقرع، عارة، باقة الغربية- جت، دير الاسد،، عرابة، قلنسوة، كفرياسيف، توسيع كفرقاسم، كفركنا، الناصرة، الرينة، جلجولية، رهط وشفاعمر.
كما يقترح المركز توسيع المناطق الصناعية القائمة حاليًا في البلدات العربية، مثل سخنين التي لا تلبي منطقتها الصناعية احتياجات السكان، وبلدة جلجولية الواقعة في وسط البلاد والتي تملك إمكانيات تطوير كبيرة غير مستغلة.
ويطالب مركز مساواة بإشراك البلدات العربية في إدارات المناطق الصناعية الإقليمية. فهناك اليوم مناطق صناعية كبيرة أُقيمت قرب بلدات عربية، لكنها تقع ضمن حدود بلدات يهودية. لذا، يجب وضع معايير تُراعي العدالة التوزيعية في الإيرادات من جهة، على هذا الأساس، يجب أن تتمكن كل من السلطة المحلية العربية واليهودية المجاورة من الاستفادة من دخل الأرنونا، كما هو الحال مثلًا في منطقة قيساريا الصناعية.
[email protected]
أضف تعليق