شهدت لجنة المالية في الكنيست، الثلاثاء، جلسة عاصفة ناقشت التأثيرات الاقتصادية الواسعة الناجمة عن خدمة الاحتياط المطوّلة التي يخضع لها مئات الآلاف من جنود الجيش الإسرائيلي، في ظل استمرار العمليات العسكرية. وأظهرت البيانات والشهادات المقدَّمة صورة قاتمة لحجم الضرر الذي أصاب الإنتاجية وسوق العمل والقطاع التجاري، مع تقديرات لوزارة المالية بخسائر سنوية تقارب 30 مليار شيكل.

وقالت نيطاع بار زيف، ممثلة وزارة المالية: "تكلفة شهر من خدمة الاحتياط لجندي واحد تبلغ نحو 50 ألف شيكل. ومع وجود نحو 300 ألف جندي احتياط يخدمون بمعدل 60 يومًا في السنة، فإن الخسائر السنوية تصل إلى حوالي 30 مليار شيكل من النشاط الاقتصادي المفقود".

تحذيرات من انهيار اقتصادي
ممثلو قطاع الأعمال، من اتحاد الصناعيين والمستقلين والأكاديميين، حذروا خلال الجلسة من انهيار واسع في السوق نتيجة غياب الأيدي العاملة وتأجيل المشاريع وصعوبة الالتزام بالعقود. وطالبوا الدولة بتقديم دعم فوري، بما يشمل تعويضات على الحقوق الاجتماعية وإنشاء صندوق طوارئ لدعم المصالح المتضررة.

وقال ممثل اتحاد الصناعيين: "نواجه تدهورًا في قدرة الشركات على التقدّم، وتوظيف عمال، والوفاء بالتزاماتها، والمنافسة عالميًا".

وفي أوساط العاملين المستقلين، عُرضت صورة أكثر قتامة. فقد وصف ممثل منتدى المستقلين في الهستدروت "تجاهلًا مؤسسيًا" لمشاكل الجنود، مشيرًا إلى أن البعض استُدعي لخدمة الطوارئ (أمر 8) للمرة الخامسة أو السادسة، ما أدى لانهيار أعمالهم، ورفض البنوك منحهم قروضًا بدعوى كونهم "محفوفين بالمخاطر".

تحذير من رفع الضرائب وانهيار الاستقرار المالي
وحذّر مسؤول في وزارة المالية من أن استمرار التجنيد سيؤدي إلى فرض ضرائب جديدة وتقليصات مؤلمة، قائلاً: "لا يمكن استمرار الاقتصاد دون المساس بالنمو. إذا تم استدعاء نصف عدد الاحتياطيين البالغ 450 ألفًا – فستُفرض ضرائب جديدة".
محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، أكد كذلك أن استمرار الحرب لستة أشهر أخرى سيؤدي إلى تراجع النمو بنسبة 0.5% ورفع نسبة الدين العام إلى 71%، مقارنة بـ59% قبل الحرب.

ضرر طويل الأمد على سوق العمل
منتدى أرلوزوروف حذر من أن الانقطاع الطويل للشباب عن سوق العمل سيتسبب بأضرار تراكمية لعقود قادمة، ما لم يتم تخصيص ميزانية لإعادة تأهيلهم ودمجهم مجددًا. وقال المنتدى: "نحن نُنتج الآن جيلًا سيعود بقدرة أقل على الأداء الاقتصادي، وسندفع ثمن ذلك لعشرات السنين".

وأظهرت دراسة شاملة أجراها مكتب خدمات التشغيل أن 75% من جنود الاحتياط أبلغوا عن ضرر اقتصادي مباشر، و60% شعروا بانعدام أمن وظيفي، و41% فقدوا وظائفهم أو استقالوا منها. كما أشار 63% منهم إلى عدم رضاهم عن وضعهم المهني الحالي ونيّتهم تغيير مسارهم الوظيفي.

المديرة العامة لخدمات التشغيل، المحامية عينات مشاش، قالت: "تجنيد الاحتياط الواسع خلق تحديات غير مسبوقة في سوق العمل. علينا كدولة توفير دعم مهني واجتماعي شامل ومحترم لهم".

مقترحات عاجلة دون حلول كافية
وتضمنت المقترحات الفورية تجديد قروض الدولة للمستقلين، وفرض رقابة على البنوك، وإنشاء صندوق دعم شامل. لكن رئيس لجنة المالية، النائب موشيه غفني، طالب وزارة المالية بتقديم خطة مفصلة خلال أسبوعين، وقال: "كما تعاملنا مع الأزمة المالية في كورونا، يجب علينا الاستجابة لأزمة جنود الاحتياط بنفس الجدية".

احتجاجات وسط شعور بالتمييز والتهميش
تتفاقم أزمة جنود الاحتياط في ظل إعفاء عشرات الآلاف من اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية، بينما يُستدعى الجنود الآخرون مرارًا وتكرارًا، رغم معاناتهم الاقتصادية والنفسية.

وقال جندي احتياط يبلغ من العمر 40 عامًا إنه استُدعي للمرة الخامسة ولم يستطع إغلاق عمله مجددًا، فأُدين بالسجن لمدة شهر رغم ديونه التي بلغت 50 ألف شيكل.
كما حُكم على جندي آخر، يبلغ من العمر 26 عامًا ويعمل مدربًا ويدرس في الجامعة، بالسجن 20 يومًا بعدما امتنع عن المثول بسبب فقدانه لأصدقائه في غزة وضيق حالته النفسية والمالية.
أحد أقاربه علّق بالقول: "ما يحدث ظلم فاضح. آلاف المتدينين المعفيين من الخدمة لا يُجندون، بينما يُستدعى غيرهم حتى الانهيار".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]