في مقابلة ل"بكرا"، عبّر الكاتب والمحلل السياسي الأردني ماهر أبو طير عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بـ"المخططات المتسارعة لتهجير الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن ما يجري في غزة اليوم قد يكون جزءاً من مشروع أكبر يهدف إلى تفريغ الأرض من أهلها، وتهجير ملايين الفلسطينيين من وطنهم التاريخي.
تسريبات مستمرة حول مخططات التهجير
يؤكد أبو طير أن المعلومات التي تتسرب كل يومين تشير إلى "مواقع جديدة مقترحة لتهجير الغزيين"، وآخرها الحديث عن "احتمالية تهجير مليون فلسطيني إلى ليبيا". وأضاف أن هذه ليست التسريبات الأولى، فقد سبقتها معلومات عن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، ومصر، وتركيا، وإندونيسيا، والصومال، وغيرها.
ويشير إلى أن "الرئيس الأميركي تحدث مراراً عن إخلاء غزة، تارةً بحديثه عن التهجير الطوعي دون إجبار، وتارة أخرى عن مشاريع تطوير عقاري في القطاع"، في ظل صمت دولي شبه تام.
غزة لم تعد صالحة للحياة
يقول أبو طير إن الواقع على الأرض أكثر مأساوية مما يمكن وصفه، حيث اعترف رئيس الحكومة الإسرائيلية علناً بأن الجيش يقوم بهدم البيوت لمنع الغزيين من العودة إليها. "لم يبق شيء في غزة إلا وتم تدميره: المدارس، المستشفيات، الجامعات، البنية التحتية، الشوارع، وكل مقومات الحياة"، حسب تعبيره.
ويضيف: "غزة اليوم مكان غير صالح للحياة البشرية، وتحتاج إلى مليارات الدولارات لرفع الأنقاض فقط. استشهد أكثر من 55 ألف فلسطيني، وهناك تقديرات بوجود أكثر من 15 ألف شهيد تحت الأنقاض، والتوقعات تشير إلى احتمال وفاة ربع مليون إنسان بسبب نقص الرعاية الطبية، إضافة إلى ربع مليون جريح، وآلاف حالات بتر الأعضاء".
التهجير الناعم عبر القنوات الدبلوماسية
ويكشف أبو طير عن أن "التهجير الناعم" بدأ فعلاً، عبر تنسيق سري بين مؤسسات دولية وبعثات دبلوماسية في القدس، وبتسهيلات إسرائيلية. ويضيف: "عشرات الآلاف من الغزيين غادروا بهدوء خلال الفترة الماضية، معظمهم من أصحاب الكفاءات العالية، وآخرون دفعوا مبالغ ضخمة – تصل إلى 8 آلاف دولار للفرد – للهروب من المذبحة، والالتحاق بأسرهم في الخارج".
أزمة ديموغرافية تقود المخطط
يشير أبو طير إلى أن الأزمة الأساسية لإسرائيل تكمن في "الديموغرافيا الفلسطينية"، موضحاً أن هناك أكثر من 7 ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية. ويتحدث عن مخططات إسرائيلية تستهدف:
ترحيل فلسطينيي 1948 – البالغ عددهم قرابة 1.5 مليون – إلى جنوب سوريا ولبنان، بعد نزع الجنسية عنهم.
تهجير فلسطينيي الضفة الغربية – وعددهم يزيد على 3 ملايين – إلى الأردن.
تهجير سكان غزة – أكثر من 2.25 مليون – إلى دول متعددة.
التهجير ممكن فقط بخلق ظروف دموية
ويشدد أبو طير على أن هذه المخططات قد تبدو مستحيلة التنفيذ في الظروف العادية، لكنها قد تصبح ممكنة إذا "تم تصنيع ظروف دموية تدفع الناس إلى الهروب"، كما حدث مع شعوب كثيرة في أوقات الحروب.
الاعتراض لا يكفي
يختم أبو طير حديثه قائلاً: "لا يكفي الاعتراض لوقف هذه المخططات. إذا لم يتكاتف الجميع ضدها، ومع وجود ممرات آمنة ودول تستقبل اللاجئين، فإن التهجير سيقع لا محالة. لا يمكن وضع أهل غزة تحت اختبار وطنيتهم وهم يذبحون يومياً دون مساعدة توقف المذبحة".
وأكد في ختام اللقاء: "قيل مراراً إن ما بعد حرب غزة سيكون أسوأ من الحرب ذاتها، ولكن في الوقت نفسه، لا يجب أن نفترض أن كل ما تخطط له إسرائيل سينجح."
[email protected]
أضف تعليق