لم يكن يوسف عوض أبو رقيق يعلم أن لحظات الفرح التي انطلق إليها مع عائلته لحضور زفاف في قريته ستنتهي به جثة صغيرة مضرّجة بالدم، في مشهد مفجع هزّ النقب بأكمله. في الثامنة من عمره، خُطف يوسف من الحياة برصاص لا يعرف الرحمة، حين تعرّض موكب الزفاف الذي كان يستقله لإطلاق نار كثيف، على خلفية صراع دموي بين عائلتين في المنطقة.

كان الموكب في طريقه إلى قاعة الفرح في تل السبع، حين باغتته مجموعة مسلحة من عائلة أخرى، وأمطرت السيارات بوابل من الرصاص باستخدام بنادق M-16. أصيب يوسف إصابة حرجة أثناء جلوسه في إحدى السيارات، وسرعان ما أُعلن عن وفاته في مستشفى سوروكا ببئر السبع. كما أُصيب خمسة أشخاص آخرون، أحدهم بجراح خطيرة، فيما وصفت إصابات الآخرين بالطفيفة.

عنف بلا رادع، وطفولة بلا مأوى

تحوّلت مشاهد الزفاف والفرح في النقب إلى ساحات صراع، يدفع ثمنها الأبرياء، وفي مقدمتهم الأطفال. يوسف لم يكن سوى طفل يحلم بفرح بسيط، فوجد نفسه في قلب نزاع دموي لا شأن له فيه. الجريمة التي أودت بحياته تسلط الضوء مجددًا على انتشار السلاح غير المرخّص، وتكرار حوادث القتل المرتبطة بثارات داخلية، وسط تقاعس سلطات إنفاذ القانون عن التصدي الحازم لهذه الظواهر.

العدالة المفقودة والصرخة الصامتة

الشرطة التي حضرت إلى مكان الحادث بدأت تحقيقاتها، لكنها لم تعلن عن أي اعتقالات حتى الآن. مسؤول أمني صرّح بأن "ما جرى هو نتيجة كمين نُصب لموكب الزفاف، كجزء من نزاع طويل بين عائلتين"، مضيفًا أن الجناة أطلقوا العشرات من الأعيرة النارية على سيارات الموكب.

لكن العبارات الرسمية لم تعد تكفي. فالمجتمع البدوي في النقب، الذي يعاني من التهميش والإقصاء، بات مسرحًا مفتوحًا لعنف متزايد، حيث تفقد الحياة قيمتها، وتُقتل الطفولة في وضح النهار.

يوسف.. رمز لجريمة تتكرر

قصة يوسف ليست استثناءً، بل هي امتداد لسلسلة مؤلمة من الضحايا الذين يسقطون في ظل غياب الردع وفشل الدولة في حماية مواطنيها. اغتياله خلال احتفال عائلي يجب أن يكون ناقوس خطر يُقرع بقوة: متى تتحول الوعود إلى فعل؟ 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]