بعد نحو عام ونصف من أحداث 7 أكتوبر، كشفت مصادر إسرائيلية للمرة الأولى عن وثائق تم الاستيلاء عليها بغزة تظهر الطريقة التي استخدمها رئيس حركة حماس الراحل يحيى السنوار لخداع إسرائيل.
وحسب ما ذكرت القناة "12" العبرية في تقرير لها، دون الكشف عن مصادرها، فإن الوثائق السرية التي تم الكشف عنها مساء أمس (السبت) في أخبار نهاية الأسبوع، تظهر صورة مقلقة لنظام خداع معقد كان يستخدمه السنوار (الذي قتل في أكتوبر الماضي خلال الحرب على غزة) لتضليل إسرائيل، بما في ذلك الترويج لهدنة (وقف إطلاق النار) طويلة الأمد بينما كان يخطط للهجوم (عملية طوفان الأقصى).
وفقا للمصدر نفسه، تكشف المحادثات الداخلية بين قادة الحركة عن استراتيجية محسوبة تهدف إلى استغلال نقاط ضعف المجتمع الإسرائيلي وإحداث انهيار داخلي. كما تظهر الوثائق كيف رأى السنوار في عرض الهدنة (بعد حرب 2021) خطوة استراتيجية رابحة يمكن أن تضر بإسرائيل في جميع الحالات، سواء وافقت عليها أو رفضتها.
وكتب السنوار إلى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس الذي قتل الصيف الماضي في هجوم إسرائيلي على العاصمة الإسرائيلية طهران: "من المحتمل أن تكون هذه الخطوة، التي ستكون مقبولة من معظم دول العالم، غير مقبولة من الاحتلال، وبالتالي ستزيد من عزلته وقطيعه عنها. وإذا قرر الاحتلال السير في هذا الاتجاه، فإن ذلك سيتسبب في تمزق داخلي وحرب أهلية".
وتكشف الوثائق أيضا أن عملية "حارس الأسوار" (الحرب على غزة 2021 أو كما سمتها سمتها الفصائل الفلسطينية معركة سيف القدس) كانت نقطة تحول حاسمة في طريق عملية طوفان الأقصى. بينما اعتبرت إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع حينها بيني غانتس ورئيس الأركان السابق أفيف كوخافي، العملية نجاحا استراتيجيا وانتصارا حاسما، فإن حماس نشأت لديها مشاعر عميقة بالثقة في قدرتها على هزيمة إسرائيل. هذه الثقة، كما تظهر الوثائق، كانت أرضا خصبة لتخطيط الهجوم غير المسبوق في 7 أكتوبر.
وكتب هنية، الذي كان يقيم في قطر، إلى السنوار بحماس ظاهر: "نحن نحتفل بالانتصار الواضح. تم رفع علم حركة القسام في جميع أنحاء العالم، وهتف الملايين للقائد محمد الضيف الذي حقق انتصارا سماويا ومجيدا". ورد السنوار بثقة تامة: "الحمد لله الذي منحنا النصر، وأذل قيادة العدو، ونحن قريبون من تدمير دولته"، وفق "القناة 12".
كما تكشف الوثائق الوهم الإسرائيلي بشأن عملية "المترو" لتدمير شبكة الأنفاق. وبينما عرضت إسرائيل العملية على أنها نجاح ضخم وجهت ضربة قاسية للبنية التحتية لحماس تحت الأرض، فإن الواقع كما هو موضح في الوثائق كان مختلفا تمامًا.
وفي اجتماع مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله (الذي اغتالته إسرائيل في سبتمبر الماضي) وقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآاني، وصف كبار مسؤولي حماس الوضع بشكل مغاير تماما: "لم تتضرر شبكة الأنفاق 'المترو' على الإطلاق، فقط تضررت بشكل طفيف شبكة الأنفاق الهجومية وسيتم إصلاحها قريبا"، حيث تقرير القناة العبرية.
وكان هذا التفاوت الكبير بين التقييمات الإسرائيلية والواقع الميداني يسمح لحماس بمواصلة بناء قدراتها الهجومية بينما كانت تستفيد من الوهم الأمني لدى إسرائيل.
وفقا للتقرير، تقدم هذه الوثائق دليلا إضافيا على عمق المفهوم الخاطئ الذي كان يسيطر على القيادة الإسرائيلية وعلى قمة الجيش الإسرائيلي، الذين كانوا يروون لأنفسهم وللجمهور قصة واحدة بينما كانت هناك حقيقة مختلفة تتشكل وراء الحدود.
[email protected]
أضف تعليق