ذكر موقع "The New Statesman" البريطاني أنه "حوالى الساعة الثانية من صباح يوم الثلاثاء 18 آذار، استيقظ سكان غزة على صوتٍ مألوفٍ للغاية: موسيقى الحرب. فقد عادت الآلة
العسكرية الإسرائيلية إلى العمل، وسرعان ما سقط أكثر من 400 شهيد، بينهم العديد من الأطفال والعائلات، وأصيب عددٌ أكبر بكثير. نشهد الآن عودةً كاملةً للبداية المدمرة لهذه الحرب: حماس تطلق وابلًا من الصواريخ باتجاه تل أبيب، بينما تشن القوات البرية الإسرائيلية هجومًا بريًا جديدًا على ما يبدو. لقد تم الآن إخراج اتفاق وقف إطلاق النار بأكمله الذي وقعته حماس وإسرائيل في 15 كانون الثاني عن مساره، وربما تم تدميره".
وبحسب الموقع، "وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وقف إطلاق النار على مضض كبير. في الواقع، لقد عرّض إنهاء الحرب هدف نتنياهو المتمثل في تدمير حماس للخطر، لكنه خشي أيضًا من أن الوزراء المتشددين في حكومته الائتلافية سينسحبون إذا أبرم صفقة مع خصم قتل 1200 إسرائيلي في 7 تشرين الأول 2023، وأسر 251 آخرين. في الحقيق، كان محقًا في قلقه. فقد استقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وعضوان آخران في مجلس الوزراء من حزبه أوتزما يهوديت. وكان وزير
المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، زعيم الحزب الصهيوني الديني، سيحذو حذوه لو لم يؤكد له نتنياهو أن الاتفاق مع حماس لن يمنع استئناف الحرب. ومع ذلك، تعهد سموتريتش بالاستقالة إذا حال الاتفاق دون ذلك".
وتابع الموقع، "من بين مراحل الاتفاق الثلاث التي استغرقت 42 يومًا، كانت المرحلة الأولى بمثابة حبة مريرة لنتنياهو. لكنه رأى أن أحكامها لها بعض الجوانب الإيجابية. فقد طالبت حماس بإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين على دفعات، مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل. وكان رد الفعل الأولي لعودة الرهائن هو الفرح العام، مما خفف الضغط السياسي عن نتنياهو. واعتبر إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي وإطلاق سراح الأسرى ثمنًا مقبولًا، على الرغم من أنه رفض إخلاء ممر فيلادلفيا، الذي يمتد على طول حدود غزة مع مصر. في الواقع، كان هذا الرفض مؤشرًا مبكرًا على أن الاتفاق في مأزق. وكان من بين المؤشرات الأخرى قرار إسرائيل تأجيل إطلاق سراح الدفعة التالية من الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 620 أسيرًا، ومطالبتها حماس، التي سلمت لتوها ستة رهائن كما هو مطلوب بموجب اتفاق كانون الثاني، بإطلاق سراح المزيد منهم. وقد نبع هذا التحرك من غضب إسرائيل من احتفالات حماس المنتصرة بإطلاق سراح الرهائن. فقد بدت هذه المواكب وكأنها تهدف إلى إذلال إسرائيل، مبرزةً أن حماس لم تصمد فحسب، بل أجبرت القوة العسكرية الأبرز في الشرق الأوسط على الجلوس إلى طاولة المفاوضات".
وأضاف الموقع، "إذا كان نتنياهو يرى شروط المرحلة الأولى مؤلمة، فقد اعتبر بنود المرحلة الثانية سامة للغاية. فقد شملت هذه المرحلة خروج الجيش الإسرائيلي من غزة، وبعد إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وجثث القتلى، التوصل إلى
اتفاق سلام دائم، مع بقاء دور حماس المستقبلي غير مؤكد. وبغض النظر عن معارضته لهذه الشروط، كان نتنياهو يعلم أن سموتريتش سيستقيل ولن يسمح بتنفيذها. في الحقيقة، يساعد هذا في تفسير سبب بدء نتنياهو في إعاقة الأعمال مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى. فعلى الرغم من أنه كان من المقرر أن تبدأ المحادثات غير المباشرة مع حماس بشأن تنفيذ المرحلة الثانية في أوائل شباط وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه فشل في إرسال مفاوضين. وبدلاً من ذلك، أراد تمديد المرحلة الأولى وهدد باستئناف الحرب إذا رفضت حماس".
وبحسب الموقع، "رغم انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميًا في الأول من آذار، اقترح ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، تمديده حتى نيسان، على أن تُفرج حماس خلاله عن 15 رهينة مقابل رفع إسرائيل للحصار. ووصفت حماس صيغة ويتكوف بأنها محاولة للالتفاف على اتفاق 15كانون الثاني، ودعت بدلًا من ذلك إلى سلام شامل، يشمل إطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة. وقد ثبت أن الجمود بين حماس وإسرائيل لا يُحل. دفاعاً عن قراره في استئناف الحرب، ألقى نتنياهو باللوم على حماس في التعجيل بانهيار وقف إطلاق النار من خلال رفضها لمساعي ويتكوف. من جانبها، أشارت حماس إلى حيل نتنياهو المدروسة لإضعاف اتفاق 15 كانون الثاني".
ورأى الموقع أن "وقف إطلاق النار كان معلقًا بخيط رفيع لأسابيع، وربما يكون الآن في مهب الريح، ومصيره يعتمد على حسابات نتنياهو. ربما أشعل الأخير الحرب مجددًا لإجبار حماس على تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من الأسرى، أو ربما لا يزال مصممًا على تدمير حماس. إذا كان الخيار الأخير، فقد حقق بالفعل نجاحًا جزئيًا، خاصة بعد أن انضم بن غفير ووزيران آخران من حزب "عوتسما" إلى الحكومة الائتلافية. لكن تدمير حماس مسألة مختلفة تمامًا. فحتى لو افترضنا أن هذا الهدف ممكن، فإن تحقيقه سيتطلب شهورًا من الحرب الإضافية. إن سعي نتنياهو الدؤوب لتحقيق هذه المهمة سيعرض إطلاق سراح الرهائن للخطر وسيزيد من معاناة عائلاتهم، كما سيدفع سكان غزة ثمنًا أكبر بكثير".
وبحسب الموقع، "مهما فعل نتنياهو، يمكنه الاعتماد على دعم ترامب، الذي لم ينتقد قط مناوراته لإعادة صياغة اتفاق وقف إطلاق النار، كما وافق ترامب على مبيعات عسكرية خارجية لإسرائيل بقيمة 12 مليار دولار منذ عودته إلى البيت الأبيض، ويقال إنه قبل حجة نتنياهو، التي طرحها خلال زيارته إلى واشنطن في شباط، بأن إسرائيل بحاجة إلى الحرية لاستئناف الحرب رغم اتفاق وقف إطلاق النار. حتى لو أدرك نتنياهو أنه لا يمكن تدمير حماس، فقد يراهن على أن تجدد الحرب سيعيد فكرة ترامب المطروحة لإخلاء غزة وضمها، والتي وصفها الزعيم الإسرائيلي بأنها "ثورية" و"مبتكرة"، إلى الواجهة".
وختم الموقع، "يأتي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي قد لا يمكن إصلاحه، في وقت بالغ الخطورة، إذ تُصعّد إسرائيل هجماتها على لبنان وسوريا، وتتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران والحوثيين. وحذّر نتنياهو من أن استئناف الحرب "مجرد البداية"، وأنه على الرغم من انفتاحه على استمرار المحادثات مع حماس، إلا أنها ستُعقد "تحت نيران العدو"."
المصدر: خاص "لبنان 24"
[email protected]
أضف تعليق