كشف تقرير حديث صادر عن وحدة مكافحة العنصرية في وزارة العدل الإسرائيلية عن انتشار واسع للتمييز والعنصرية في القطاع العام، حيث أظهرت النتائج أن 43% من الموظفين العرب تعرضوا لممارسات عنصرية في أماكن عملهم، وهي نسبة مرتفعة مقارنة ببقية الفئات. التقرير، الذي شمل 6,400 موظف حكومي، أشار إلى أن التمييز ضد الأقليات ليس ظاهرة فردية، بل مشكلة مؤسسية تتطلب معالجة جذرية.
العرب والإثيوبيون الأكثر تعرضًا للعنصرية
التقرير كشف أن 35% من الموظفين المنتمين للأقليات في القطاع العام تعرضوا للعنصرية بشكل مباشر أو شهدوا حوادث عنصرية خلال العام الماضي. وجاء الموظفون من أصول إثيوبية في المرتبة الأولى بنسبة 48%، يليهم الموظفون العرب بنسبة 43%، ثم الدروز بـ33%، والحريديم بـ23%، والمهاجرون من الاتحاد السوفيتي السابق بـ22%.
أحد الجوانب المثيرة للقلق في التقرير هو أن أكثر من نصف الذين تعرضوا للعنصرية أو شهدوا حوادث عنصرية قالوا إن هذه الحوادث تكررت أكثر من ثلاث مرات.
أشكال التمييز والعنصرية في القطاع العام
تعددت أشكال العنصرية التي سجلها التقرير، حيث أشار الموظفون إلى تعرضهم لتصريحات أو سلوكيات عنصرية من زملائهم، أو لتمييز واضح في الترقيات وفرص التطور المهني. وذكر آخرون أنهم واجهوا نكات وتعليقات ساخرة حول هويتهم العرقية، خاصة في أوقات التوتر السياسي، بينما تحدث بعضهم عن إهانات مباشرة من قبل مديريهم أو حتى من قبل المواطنين الذين يتعاملون معهم.
حوادث موثقة تكشف عمق الأزمة
تقرير وحدة مكافحة العنصرية أورد عدة حالات موثقة، أبرزها سائق إسعاف عربي تعرض لإهانات عنصرية من قبل حارس أمن في أحد المستشفيات أثناء قيامه بعمله. في حادثة أخرى، امرأة حريدية فقدت وظيفتها بسبب انتمائها الديني، بينما شكا طالب مدرسة من أن معلمته استخدمت مصطلحًا عنصريًا لوصف موسيقى السود.
إحجام عن تقديم الشكاوى خوفًا من العواقب
رغم انتشار هذه الظاهرة، أظهر التقرير أن 75% من الموظفين الذين تعرضوا للعنصرية لم يقدموا شكاوى رسمية، إما خوفًا من العواقب السلبية على مستقبلهم المهني أو لاعتقادهم أن الجهات المختصة لن تتعامل بجدية مع الشكاوى. أما من قدموا شكاوى رسمية، فقد عبر 73% منهم عن عدم رضاهم عن طريقة التعامل مع القضية، مما يعكس ضعف آليات التصدي للتمييز داخل المؤسسات الحكومية.
دعوات لمعالجة الأزمة جذريًا
وفي السياق، قال مدير وحدة مكافحة العنصرية، المحامي تسيكي شتراسبيرغ-ديل إن التقرير يؤكد أن العنصرية في القطاع العام ليست مجرد حالات فردية، بل مشكلة واسعة النطاق تتطلب إصلاحات جوهرية. وأضاف أن الاستطلاع ليس فقط وسيلة لرصد الوضع، بل أداة لدفع الجهات الرسمية لاتخاذ خطوات ملموسة نحو خلق بيئة عمل عادلة وشاملة.
رغم تعيين مسؤولين لمكافحة العنصرية في بعض الوزارات، إلا أن 35% من الموظفين لم يكونوا على علم بوجودهم، وترتفع النسبة إلى 43% بين الأقليات، مما يشير إلى غياب الوعي الكافي بآليات الحماية المتاحة.
هل هناك إرادة حقيقية للتغيير؟
التقرير يثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بمعالجة العنصرية في مؤسساتها، خاصة مع استمرار تفشي هذه الظاهرة. وبينما تدعو الجهات الحقوقية إلى إجراءات أكثر صرامة لحماية الموظفين العرب والأقليات الأخرى، لا يزال السؤال المطروح: هل سيتم التعامل مع هذه الأرقام بجدية، أم ستظل مجرد إحصائيات تُضاف إلى تقارير سابقة دون تغيير حقيقي؟
[email protected]
أضف تعليق