لم يكن يوم المرأة العالمي هذا العام يوماً عادياً لنساء غزة، فقد حلَّ عليهنّ وهنّ يواجهن أقسى الظروف الإنسانية، بين فقدان الأحبة والحرمان من أبسط مقومات الحياة.
"العيش في الخيام كارثة"
سعدية أحمد (45 عاماً)، نزحت من مخيم جباليا إلى خيمة في شارع الوحدة، تروي بصوت يملؤه الألم: "الحياة هنا قاسية، لا خصوصية ولا حرية، كل شيء صعب، حتى جسدي لم يعد يحتمل، ظهري يؤلمني من النوم على الأرض القاسية".
تقول إنها تضطر لحمل الماء من مسافة بعيدة لغسل الصحون، وتقضي حاجتها في دلو بلاستيكي، أما الطهي، فتعدّه على الحطب رغم الدخان الذي يعلق بجسدها وملابسها، ويترك أثره الدائم على يديها.
"أنا وأطفالي نعيش على الخبز فقط"
أما سميرة صبري (53 عاماً)، فقد وجدت نفسها وحيدة بعد استشهاد زوجها، تتحمل مسؤولية أربعة أطفال وسط الفقر المدقع. "أطفالي صغار، لا يمكنهم العمل، وأنا بلا معيل. نعيش على الخبز فقط، لا مياه ولا كهرباء، حتى أننا ننام في الظلام التام"، تقول بمرارة.
وتضيف: "لا أنام من كثرة التفكير، كيف سنعيش غداً؟ كيف سأوفر لأطفالي أبسط احتياجاتهم؟ لم أتخيل يوماً أن تكون حياتنا بهذا الشكل".
"زفافي كان في خيمة"
ربا (22 عاماً)، التي تزوجت قبل شهرين، لم تتخيل أن يكون زفافها في خيمة، بلا خصوصية أو مقومات حياة طبيعية. "أنا وعائلتي نزحنا من بيت حانون، تزوجت هنا، ولكنني أشعر أنني أعيش حياة لا تشبهني، لا راحة، لا مساحة شخصية، حتى أنني أضطر لارتداء ثوب الصلاة طوال الوقت"، تقول بأسى.
وتضيف: "كنت أحلم بحياة مختلفة، ببيت دافئ يجمعني بزوجي، لكني اليوم لا أعرف إن كنت أستطيع الاستمرار بهذا الشكل".
"نساء غزة فقدنَ الأمان والإنسانية"
الأخصائية النفسية والاجتماعية، نيبال حلّس، تؤكد أن النساء في غزة يعشن انهياراً نفسياً غير مسبوق. "المرأة الغزية معروفة بقوتها، لكنها اليوم متعبة نفسياً وجسدياً، لم تفقد فقط منزلها أو مصدر رزقها، بل فقدت أنوثتها، خصوصيتها، ومعيلها"، تقول حلّس.
وتضيف: "المجازر، الفقر، الجوع، كلها عوامل جعلت المرأة الغزية في حالة صراع مستمر مع الحياة، حتى أبسط الحقوق أصبحت رفاهية بعيدة المنال".
أرقام صادمة
التقارير الرسمية تشير إلى أن 12,316 امرأة استشهدن خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، بينما فقدت 13,901 امرأة أزواجهن وأصبحن المعيلات الوحيدات لأطفالهن، في ظل ظروف مأساوية لا توفر لهنّ الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
حلّس تختم حديثها بنداء للعالم: "في الوقت الذي يحتفي فيه العالم بحرية المرأة وحقوقها، هناك نساء في غزة يفقدن كل شيء، يُحرمن من الأمان، من الحياة الطبيعية، وحتى من مجرد الشعور بأنهن بشر. إلى متى سيبقى العالم صامتاً؟!".
[email protected]
أضف تعليق