مع اقتراب اليوم العالمي للمرأة، كشفت تقارير حديثة عن تراجع كبير في نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا في الشركات العامة في إسرائيل، في تناقض صارخ مع الاتجاهات العالمية، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث شهد تمثيل النساء في المناصب القيادية ارتفاعًا ملموسًا.
وفقًا لتقرير صادر عن ديلويت حول المساواة الجندرية، انخفضت نسبة النساء اللواتي يشغلن منصب الرئيس التنفيذي (CEO) في الشركات العامة في إسرائيل إلى 3.5% فقط في عام 2023، مقارنة بـ8.1% في عام 2018. يأتي هذا في وقت أظهرت فيه دراسة لمؤسسة "ماكينزي" أن نسبة النساء في المناصب العليا في الولايات المتحدة ارتفعت من 17% عام 2015 إلى 29% في 2024.
وعلى الرغم من أن النساء يشكلن غالبية خريجي الجامعات، إلا أن ما يُعرف بـ"السقف الزجاجي" لا يزال يمنع الكثير منهن من التقدم إلى المناصب العليا في عالم الأعمال. بيانات أخرى أظهرت أنه مقابل 100 رجل تمت ترقيتهم إلى منصب إداري، لم يتم ترقية سوى 87 امرأة، ما يشير إلى استمرار الفجوة بين الجنسين في فرص التقدم الوظيفي.
عقبات مستمرة أمام المرأة رغم النجاحات الأكاديمية
وفق التقرير، تواجه النساء في إسرائيل تحديات متجذرة في سوق العمل، حيث تهيمن على العديد من القطاعات أفكار قديمة تقلل من فرصهن في الوصول إلى المناصب العليا. إيلانيت غريوبيتش برغر، المديرة العامة لـمول "شاعر هتسفون"، أكدت أن النساء يواجهن صعوبات خاصة في قطاعات مثل تجارة التجزئة وإدارة العقارات، حيث لا تزال هناك مفاهيم تقليدية تحد من تقدم المرأة. في المقابل، هناك وعي نسبي أكبر بالمساواة في قطاع التكنولوجيا، ما يفسر نسبة التقدم الملحوظة للنساء فيه.
أما المحامية رعوت غولدمان، المتخصصة في الابتكار الاستراتيجي، فتؤكد أن النساء يشكلن جزءًا أساسيًا من التطور الصناعي والاقتصادي، لكن العقبات غير المرئية مثل الصور النمطية والتحيزات المؤسسية لا تزال تمنعهن من التقدم. وترى أن الحل يكمن في تعزيز ثقافة عمل تدعم التنوع، وإنشاء برامج إرشاد مهنية تساعد النساء على كسر الحواجز التقليدية.
تحولات إيجابية في بعض المجالات
ورغم أن الصورة العامة ليست مشجعة، إلا أن هناك تطورات إيجابية في مجالات معينة. فوفقًا لبيانات هيئة الابتكار الإسرائيلية، زادت نسبة النساء في البحث والتطوير التكنولوجي بنسبة 130% خلال العقد الأخير، مما يشير إلى تقدمهن في هذا المجال.
غالي ميخال حنان، المديرة التنفيذية لمنصة "MuniPlus"، أشارت إلى أن الحل يكمن في خلق بيئة تدعم التنوع في سوق العمل، عبر بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحفيز النساء على قيادة المشاريع المبتكرة. وأكدت أن النساء لديهن القدرة على إحداث تغيير جوهري في الهيئات المحلية والشركات، لكن يلزمهن الدعم المؤسسي والسياسات المشجعة لتحقيق ذلك.
المساواة لا تزال بعيدة.. فما الحل؟
تظهر البيانات أن إسرائيل لا تزال متأخرة في تمثيل النساء في المناصب الإدارية العليا، مقارنة بالولايات المتحدة ودول أخرى. ومع تزايد الاهتمام العالمي بإدماج المرأة في الاقتصاد، يبرز السؤال: ما الذي يمنع الشركات والمؤسسات الإسرائيلية من كسر هذا الحاجز؟
الإجابة تكمن في ضرورة إحداث تغيير جذري في السياسات المؤسسية والثقافة التنظيمية، بحيث تُتاح للنساء الفرص ذاتها التي تُتاح للرجال في التقدم الوظيفي. وإلى أن يتحقق ذلك، ستبقى الفجوة بين الجنسين في المناصب القيادية عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق المساواة الحقيقية في سوق العمل الإسرائيلي.
[email protected]
أضف تعليق