الانتخابات التشريعية التي تُجرى اليوم في ألمانيا، تعتبر الأكثر احتداماً في تاريخ البلاد ويعتريها الكثير من التوتر، في ظل تصاعد شعبية حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف، الذي ترجح كل الاستطلاعات حلوله في المركز الثاني، بعد حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي المحافظ.
الانتخابات التشريعية التي تُجرى اليوم في ألمانيا، تعتبر الأكثر احتداماً في تاريخ البلاد ويعتريها الكثير من التوتر، في ظل تصاعد شعبية حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني المتطرف، الذي ترجح كل الاستطلاعات حلوله في المركز الثاني، بعد حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي المحافظ.
ومع رفض المحافظين والاشتراكيين الديموقرطيين الانضمام إلى ائتلاف مع اليمين المتطرف، فإن مسألة التوصل إلى ائتلاف حكومي جديد قد تطول نسبياً هذه المرة، فيما لا يزال الاقتصاد الألماني يعاني مشاكل عدة، ولم يتعافَ منذ إغلاقات كورونا وتأثيرات الحرب الروسية-الأوكرانية.
وبعد الاقتصاد، تحتل الهجرة الملف الأكثر أهمية وإثارة للجدل. وقد عاد النزاع الأوكراني ليلقي بثقله في ضوء مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بدء اتصالات بروسيا، من دون التشاور مع القادة الأوروبيين.
ووضعت سلسلة من حوادث الدهس أخيراً في عدد من المدن الألمانية والتي نفذها مهاجرون، الهجرة موضوعاً أساسياً في الحملات الانتخابية. وطرح زعيم حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي فريدريك ميرتس الشهر الماضي اقتراحاً في البوندستاغ لتشديد سياسة الهجرة، بدعم من حزب "البديل من أجل ألمانيا"، في رد على هجوم مميت على مجموعة من الأطفال اتُهم بتنفيذه طالب لجوء أفغاني، هو الأحدث في سلسلة اعتداءات نفذها مهاجرون.
ويأخذ الاشتراكيون الديموقراطيون على ميرتس، اعتماده على دعم اليمين المتطرف. لكن زعيم المعارضة نفى اعتزامه تشكيل ائتلاف مع اليمين المتطرف. وأثارت هذه المبادرة احتجاجات ضد ما وصفوه بأنه انتهاك لـ"جدار العزل"، في إشارة إلى الموقف التقليدي للأحزاب الألمانية الرافضة للتعامل مع اليمين المتطرف.
وزادت الجدل اشتعالاً، المفاجأة التي فجرها نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي، بدعوته إلى فتح الباب أمام الأحزاب اليمينية المتطرفة، وإعرابه عن القلق مما سماه التضييق على حرية التعبير في أوروبا.
وقبل فانس، أثار مسؤول وزارة الكفاءة الحكومية الأميركي إيلون ماسك غضب السياسيين الألمان، عندما دعا الناخبين الألمان إلى التصويت لحزب "البديل من أجل ألمانيا"، وهاجم أغنى رجل في العالم ومالك شركة "تسلا" للسيارات الكهربائية، الأحزاب الألمانية التقليدية، معتبراً أنها أخفقت في إيجاد حلول للتحديات التي تواجه البلاد.
تشكل تعليقات فانس وماسك سابقة في العلاقات الأميركية-الألمانية، وسط مناخات متأزمة بين ضفتي الأطلسي، بسبب أوكرانيا والحرب التجارية التي تلوح في الأفق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تعارض في المواقف من الأزمات الدولية وبينها اقتراح ترامب تهجير سكان غزة وتحويل القطاع إلى ملكية أميركية وإقامة منتجعات سياحية فيه. ولا تزال برلين تؤيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وتلتزم تأييدها حل الدولتين لوضع حد للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وبالنسبة إلى أوكرانيا، حذر المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس من "فرض تسوية" عليها، علماً أنه لم يبدِ حماسة للفكرة التي اقترحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والقاضية بإرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا في سياق أي تسوية مستقبلية.
وفي ظروف دولية معقدة، يشكل صعود اليمين المتطرف في ألمانيا وعموم القارة القديمة، قلقاً شديداً لدى النخب السياسية. هذا الصعود سيتعزز بعد الانتخابات الألمانية، على غرار ما حصل في فرنسا إثر الانتخابات التشريعية المبكرة العام الماضي التي دعا إليها ماكرون، وانتهت إلى حالة من الشلل السياسي في فرنسا، لأن الرئيس لم يكن قادراً على الإتيان بحكومة منسجمة مع برنامجه.
والخوف الآن، هو أن تقود الانتخابات الألمانية إلى حال مماثلة، بما يضعف موقف أوروبا أكثر في مواجهة ترامب وسياساته الشعبوية.
[email protected]
أضف تعليق