كشف تقرير جديد صادر عن مركز أكورد في الجامعة العبرية بالتعاون مع منظمة "كو-إمباكت" عن تحسن ملحوظ في العلاقات بين العرب واليهود في أماكن العمل في إسرائيل، خاصةً في المؤسسات التي تشهد تفاعلاً يومياً ومباشراً بين الطرفين. التقرير، الذي استند إلى دراسة أجريت في ثلاث فترات زمنية – قبل الحرب في سبتمبر 2023، خلال أكتوبر 2023، وبعد عشرة أشهر في أغسطس 2024 – أظهر أن أماكن العمل يمكن أن تكون نقطة انطلاق للتغلب على الانقسامات الاجتماعية التي تفاقمت بفعل الحرب.

بحسب نتائج الدراسة، شهدت الأشهر الأولى من الحرب تراجعاً كبيراً في استعداد اليهود والعرب للعمل معاً. ففي أكتوبر 2023، أعرب فقط 46% من الموظفين اليهود عن استعدادهم للعمل مع زملاء عرب، مقارنةً بـ54% في أغسطس 2024، مما يشير إلى بداية استعادة الثقة بين الطرفين. كذلك، انخفضت نسبة العرب الذين يفضلون العمل في مؤسسات ذات غالبية عربية من 40% بعد اندلاع الحرب إلى 28% بعد عام تقريباً، وهي علامة على تحول تدريجي في نظرتهم للمؤسسات المشتركة.

التفاعل اليومي في اماكن العمل 

الدراسة أكدت أن العامل الأهم في تحسين العلاقات بين العرب واليهود هو التفاعل اليومي في أماكن العمل. د. دانييلا شيدلوفسكي، الباحثة في مركز أكورد، أوضحت أن "وجود بيئة عمل مشتركة يشكل المحفز الرئيسي لتحسين المشاعر بين المجموعتين، حيث أن التفاعل المستمر بين الطرفين يساهم في تقليل التوترات وتعزيز التفاهم". وأشارت إلى أن الموظفين في أماكن العمل التي تتيح فرصاً حقيقية للتفاعل، مثل تنفيذ مهام مشتركة وتبادل الآراء، كانوا أكثر انفتاحاً على العمل تحت إدارة الطرف الآخر، مقارنةً بزملائهم في المؤسسات التي تفتقر إلى هذا النوع من التفاعل.

الفرص من الحرب 

من جانبها، صرّحت نوى جهشان-بطشون، المديرة التنفيذية لـ"كو-إمباكت"، أن الحرب تركت آثاراً طويلة المدى على المجتمع الإسرائيلي، ولكنها شددت على أن القطاع الخاص يمتلك فرصة فريدة لتجاوز هذه الانقسامات. "أماكن العمل ليست مجرد فضاءات اقتصادية، بل يمكن أن تكون أدوات فعالة لتعزيز التعايش الاجتماعي، خاصةً في ظل الظروف الراهنة"، قالت جهشان-بطشون. وأضافت أن تعزيز الحوار الداخلي بين الموظفين وتقديم برامج تدريبية تركز على إدارة التنوع يمكن أن يُحدث فرقاً إيجابياً ملموساً.

ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن بعض الممارسات، مثل النشاطات التطوعية المشتركة أو محاولة تقديم نماذج قيادية كقدوة، لم تحقق التأثير المطلوب بل أثارت أحياناً بعض المقاومة. وأوضحت جهشان-بطشون أن "النماذج القيادية قد تُفهم بشكل خاطئ في هذا السياق وتُنظر إليها كتعزيز للصور النمطية بدلاً من كسرها".

التقرير ختم بدعوة صريحة إلى قادة المؤسسات الإسرائيلية لتحمل مسؤولياتهم، مؤكداً أن تعزيز التفاعل المشترك بين العرب واليهود في أماكن العمل ليس فقط ضرورة اقتصادية، بل أيضاً خطوة محورية نحو بناء مجتمع أكثر تماسكا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]