تطرق الباحث اللبناني في الشؤون الاسرائيلي، فراس ياغي في مقال له عن مخططات وتصورات ترامب حول الشرق الأوسط.

وكتب ياغي: "المرحلة الثانية والثالثة ترتبط بالمخطط الشامل للشرق الاوسط وليس وفقا لرغبات الإئتلاف الحاكم ولا وفقا لرغبة سموتريتش، كما يوجد في حكومة ترامب مؤيدين حتى العظم لإسرائيل التوراتية، هناك من هم في زاوية أخرى، زاوية أن أمريكا اولا وان إسرائيل تجر أمريكا في غير مصالحها، وعلى رأس هؤلاء مبعوث ترامب للشرق الاوسط "ستيف ويتكوف".

ومع ذلك نرى تصريحات ترامب حول الهجرة تنطلق من معيارين، الأول تساعد نتنياهو أمام ائتلافه، والثانية تطبيق لخطة صهره كوشنير والذي وضع خارطة بالشكل المستقبلي الذي يريده لقطاع غزة "منتجع ومناطق صناعية وزراعية وعمال اي السكان المتبقين، وهذا المنتجع الكبير هو للشركات المتعددة الجنسية التي ستسيطر على صناعة الطاقة في البحر المتوسط بعد سقوط سوريا الدولة وتحولها للنفوذ الأمريكي".

لأجل تطبيق خطط ترامب في الشرق الاوسط فلا بد من استمرار المرحلة الثانية حتى لو ادى ذلك لسقوط حكومة نتنياهو، خاصة ان ترامب يبحث عن إسرائيل جديدة "نفتالي بينت" هو المحبذ، وسلطة جديدة وحماس جديدة، أي أن إدارة ترامب ليست معنية ببقاء إئتلاف نتنياهو من عدمه، فالخطط الترامبية لها الاولوية ومهما كانت النتائج، لذلك ومن أجل الوصول لتحقيق تلك الخطط فإنهاء الحرب على غزة متطلب امريكي، والتغيير في الثلاث مشاهد الداخلية الإسرائيلية والسلطوية والحمساوية تحتاج إلى سنة بالحد الأدنى، وبداية التغيير هو في استمرار وقف إطلاق النار.

هذا لا يعني ان مخططات ترامب قدر، فالحرب قد تستمر بطرق متعددة وليس فقط بالقوة النارية، كما أن الجيش الإسرائيلي منهك واي حرب يريد استئنافها في أي مرحلة قادمة تعني احتلال دائم لقطاع غزة وهذا غير ممكن لا من حيث التوجه ولا من حيث القدرة، لكن التوجه القادم هو مفهوم حرية الحركة حتى بعد إنتهاء الحرب على غزة، التوغل والقصف وفي ظل ترتيبات امنية صارمة، يرتبط كل ذلك بالإعمار، فليس صدفة كان تدمير القطاع وتحويله لمنطقة غير قابلة للحياة، لان سلاح الإعمار وإعادة بناء غزة هو سلاح اقوى من قذائف الطائرات.

لذلك ومن وجهة نظري المشهد الداخلي الإسرائيلي وأمام السيد الأمريكي تراجع بشكل كبير، فملف الجنائية الدولية وملف إيران، أهم بكثير من سموتريتش وحزبه، خاصة ان ترامب بدأ فورا بالإيفاء بوعوده باعادة تزويد إسرائيل بالذخائر والمعدات التي تم تجميدها فترة بايدن، ورفع العقوبات عن المستوطنين وجمعياتهم، وفوق ذلك كله دعا "للتطهير العرقي" علنا مخالفا بذلك كل القوانين الدولية بالدعوة لتهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن وألبانيا.

متابعة "ويتكوف" المستمرة وبشكل مباشر وميداني "سيزور محور نتساريم ومعبر كرم ابو سالم"، وتعيينه أيضا مبعوث لإيران يشير الى معطى التوجه القادم، إنهاء الحروب العنيفة، وبدء حروب الصفقات التي يتعامل معها ترامب، صفقات تجارية مغلفة بمفاهيم سياسية، مما يستدعي فلسطينيا توافق داخلي واضح انه بعيد المنال بعض الشيء لأن التوجه المرتبط بالإقليم وترامب هو التخلص من حركة حماس ليس من الحكم فحسب وإنما في قدرتها على التأثير على الحكم، إذ غزة لا يمكن أن تكون نموذج لبناني جديد، وعليه هناك عقبات كبيرة أمام أي شيء إسمه وحدة وطنية فلسطينية، إلا إذا اقتنع الطرف الذي يمثل الشعب الفلسطيني رسميا أن كل القضية مستهدفة وليس حركة حماس، ولكن ولنكن اكثر صدقا، هناك تيار في القيادة الرسمية كما يبدو مستعد للتعاطي مع صفقات ترامب القادمة ومدعوم من دول إقليمية...والايام والاسابيع والشهور القادمة سنرى هكذا تيار يتحدث علنا وستكون حجته البرغماتية "الإعمار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه"".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]