في خطوة وُصفت بالمفاجئة، أعلن وزير الإسكان الإسرائيلي يتسحاق غولدكنوبف عن توصل الحكومة إلى اتفاق مع مستوطني "رمت أربيل"، يقضي بإخلائهم طوعًا من الأراضي التي أقاموا عليها مستوطنتهم بشكل غير قانوني، والانتقال إلى أراضٍ "تابعة للدولة" في محيط الموقع نفسه. الإعلان، الذي أُرسل إلى المستشار القضائي للحكومة، يأتي بعد أشهر من التوترات الميدانية والمواجهات السياسية حول مستقبل المستوطنة التي أصبحت رمزًا للصراع الديموغرافي في الجليل.
رمت أربيل، الواقعة على أراضٍ خاصة قرب جبل طرعان في الجليل السفلي، تأسست على يد مجموعات استيطانية مدعومة من جهات سياسية يمينية، ضمن مساعٍ لتعزيز "الوجود اليهودي" في منطقة ذات أغلبية عربية. المستوطنون، الذين يُقدمون أنفسهم كـ"روّاد المشروع الصهيوني"، لطالما أكدوا تمسّكهم بالموقع كجزء من استراتيجية "إنقاذ الجليل من السيطرة العربية"، وفق تعبيرهم.
إخلاء دون صدام: تسوية أم تكتيك مرحلي؟
قرار الإخلاء الطوعي جاء بعد شهور من الضغوط، حيث شهد الموقع مواجهات ميدانية متكررة وتوترًا سياسيًا، خاصة مع إصدار أوامر هدم لعدد من المباني التي شُيّدت في المستوطنة، بما في ذلك مبانٍ سكنية. لكن اللافت أن التسوية، التي أُبرمت بدعم من وزارة الإسكان، تتضمن تأسيس موقع مؤقت على أراضي الدولة في انتظار الموافقة النهائية على إقامة مستوطنة دائمة.
في رسالته إلى سكرتير الحكومة، دعا غولدكنوبف إلى تسريع الإجراءات قائلاً:"المستوطنون أبدوا استعدادهم للانتقال إلى موقع مؤقت، وهذا يؤكد التزامهم بتعزيز الاستيطان في الجليل. نحن نرى أهمية استراتيجية في دعمهم".
الدعم السياسي: خطاب صدامي وأهداف ديموغرافية
المستوطنة، التي تحظى بدعم كبير من وزراء في الحكومة الإسرائيلية، أصبحت عنوانًا لخلاف أيديولوجي حول مستقبل الجليل. الوزيرة أوريت ستروك زارت الموقع سابقًا وأثارت الجدل بقولها: "نحن هنا في الجليل على جبل طرعان، حيث يعيش ألف يهودي فقط مقابل 35 ألف عربي. هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. علينا تعزيز الاستيطان وخلق توازن ديموغرافي".
من جهته، وزير النقب والجليل يتسحاق واسرلاوف أكد أن الحكومة ملتزمة بتحقيق "الحلم الصهيوني" من خلال إنشاء مستوطنات جديدة في مناطق ذات أغلبية عربية، مشيرًا إلى أن مستوطنة "رمت أربيل" ستكون جزءًا من خطة أوسع لتعزيز الوجود اليهودي في الشمال.
العرب في الجليل: "تهويد ممنهج وتهديد للأرض والهوية"
في المقابل، أثار الإعلان عن المخططات الحكومية غضب السكان العرب في الجليل، الذين يرون في المستوطنات الجديدة جزءًا من سياسة "تهويد الجليل". أحد السكان من طرعان عبّر عن موقفه قائلاً: "نحن نعيش على هذه الأرض منذ مئات السنين. إقامة مستوطنات هنا ليس إلا محاولة لتغيير الواقع الديموغرافي وتهجير السكان العرب تدريجيًا".
بدورها، حذرت القيادات العربية مرارًا من خطورة هذه السياسات، معتبرة أنها تكرّس واقعًا جديدًا على الأرض وتهدد مستقبل البلدات والقرى العربية في المنطقة.
"نحلاه".. المحرك الرئيسي للمشروع
وراء الستار، تقف منظمة "نحلاه" الاستيطانية، التي تُشرف على إقامة النقاط الاستيطانية غير القانونية. المنظمة، المدعومة من أوساط يمينية متشددة، تُواصل الدفع باتجاه توسيع الاستيطان في مناطق تعتبرها "حيوية للمشروع الصهيوني"، رغم ما تثيره من انتقادات محلية ودولية.
وفي بيان لها بعد الإعلان عن التسوية، دعت "نحلاه" الحكومة إلى تسريع إجراءات إقامة المستوطنة الجديدة، محذرة من "خطر فقدان السيطرة على الجليل لصالح العرب".
[email protected]
أضف تعليق