في ظل التوترات السياسية والأمنية المتصاعدة خلال العام الأخير، كشف تقرير "مؤشر الديمقراطية لعام 2024" الصادر عن المعهد الإسرائيلي للديمقراطية عن صورة متباينة بين المجتمعين العربي واليهودي في تقييم الأوضاع الداخلية في إسرائيل. التقرير، الذي أجري في شهري مايو وأكتوبر، يعكس تراجعًا ملحوظًا في الثقة بمؤسسات الدولة ويكشف عن فجوات متزايدة تعمق الشعور بعدم الانتماء بين العرب مقارنة باليهود.
التشاؤم كان سيد الموقف في أوساط المجتمع العربي؛ فبينما اعتبر معظم اليهود أن الوضع العام في إسرائيل تحسن قليلًا في أكتوبر، ظل 67% من العرب يقيّمون الوضع بأنه "سيء أو سيء جدًا". في المقابل، فقط 8% من العرب اعتبروا أن الوضع "جيد أو جيد جدًا"، مقارنة بنسبة أكبر بين اليهود وصلت إلى 22%. هذه التقييمات تعكس بوضوح الفجوة في النظرة المستقبلية بين الطرفين، حيث طغى التشاؤم بين العرب ليصل إلى 59% منهم ممن أعربوا عن مخاوفهم إزاء مستقبل الدولة، مقابل أغلبية يهودية بدت أكثر تفاؤلًا.
ثقة بمؤسسات الدولة
الثقة في مؤسسات الدولة هي الأخرى شهدت تباينًا حادًا. ففي حين أن الثقة بالشرطة والمحكمة العليا والحكومة واصلت تراجعها بين اليهود، بقيت هذه المؤسسات موضع شك عميق لدى العرب. الشرطة تحديدًا شهدت انخفاضًا إضافيًا في مستوى الثقة لتصل إلى 37% فقط في أكتوبر. أما المحكمة العليا، التي اعتُبرت من بين المؤسسات الأكثر استقرارًا في نظر المجتمع، لم تسجل أي تحسن يُذكر في مستوى الثقة بها. ومن جانب آخر، على الرغم من الارتفاع الطفيف الذي سجلته الحكومة والكنيست في مستويات الثقة، فإن هذه النسب بقيت ضئيلة للغاية، خصوصًا لدى العرب.
فيما يتعلق بالتضامن المجتمعي، جاءت النتائج متباينة هي الأخرى؛ فبينما وصف اليهود مستوى التضامن في المجتمع الإسرائيلي بمتوسط 5.5 من 10، قيّمه العرب بمستوى أقل بلغ 5.0. وبين فئات المجتمع العربي، كان التضامن أدنى لدى المسلمين بمعدل 4.9، بينما ارتفع قليلاً عند المسيحيين إلى 5.3، وبلغ ذروته بين الدروز بمعدل 6.0، وهو أعلى حتى من تقدير المجتمع اليهودي. هذه النتائج تُظهر أن التوترات العرقية والسياسية لا تزال تؤثر بشكل كبير على الشعور بالتضامن الداخلي.
الأزمات
وفي الوقت الذي ازداد فيه الشعور العام بعدم القدرة على الاعتماد على مؤسسات الدولة وقت الأزمات بين اليهود، لوحظت زيادة في ثقة العرب بالدولة في هذا الصدد. حيث ارتفعت نسبة من يعتقدون أنه "يمكن دائمًا الاعتماد على الدولة في وقت الأزمات" بين العرب من 52% في 2022 إلى 61% في 2024، في مقابل تراجع حاد لهذه الثقة بين اليهود من 37% إلى 25.5%.
من جانب آخر، عندما سُئل المواطنون عن مكانتهم داخل الدولة، أعرب 59% من العرب أنهم يشعرون أنهم جزء من إسرائيل ومشاكلها، رغم التوترات. ومع ذلك، هذا الشعور لا يضاهي النسبة المرتفعة بين اليهود التي وصلت إلى 84%.
في ظل هذه الصورة المعقدة، يختتم التقرير بالإشارة إلى أن غالبية الإسرائيليين، عربًا ويهودًا، يفضّلون البقاء في البلاد على الرغم من التوترات. لكن الفجوة في الشعور بالأمان والرضا بين المجموعتين تزداد وضوحًا مع مرور الوقت.
[email protected]
أضف تعليق