يرتسم في سوريا مشهد جديد مع انتهاء نظام حكم الرئيس بشار الأسد وإعلان فصائل المعارضة المسلحة السيطرة على البلاد، الأحد، بعد هجوم بدأ على نحو سريع استمر على مدى 11 يوماً، أنهى حكماً دام 24 عاماً، وحقبة استمرت لنحو 6 عقود.
وتوالت ردود الفعل الدولية في تعقيب على المشهد السياسي الجديد، إذ تراوحت التعليقات بين ترحيب بسقوط النظام وتحميله مسؤولية ما حدث، والدعوة إلى توحيد الصف السوري وحماية السيادة وسلامة الأراضي السورية، وصولاً إلى الإعراب عن مخاوف مما قد ينتظر مستقبل البلاد.
انهيار "المحور الشيعي"
في حديث لموقع بكرا مع د. راز تسيمات، خبير بالشؤون الإيرانية في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) قال: "التطورات في سوريا، برأيي، تمثل انهيارًا لما يُعرف بـ’المحور الشيعي’ في الشرق الأوسط. هذا المحور، الذي يضم إيران وحلفائها، تلقى خلال الأشهر الأخيرة ضربات قاسية جدًا. أبرز ضربتين هما:
1. العقوبات على إيران، التي رغم أنها لم تختفِ تمامًا، إلا أنها ألحقت بها أضرارًا كبيرة، وسيستغرق الأمر وقتًا طويلاً للتعافي منها.
2. الوضع الداخلي لإيران، الذي أصبح اليوم صعبًا بسبب الضربات الإسرائيلية التي كشفتها لمزيد من الهجمات.
سوريا كعمق استراتيجي
فقدان سوريا، أو انهيار نظام الأسد، يضع إيران والمحور في أسوأ وضع شهدوه منذ سنوات عديدة. بالنسبة لإيران، كانت سوريا تُعتبر عمقًا استراتيجيًا، ولهذا السبب استثمر الإيرانيون الكثير من المال، والجنود، والموارد في محاولة لإنقاذ النظام خلال العقد الماضي. كانوا يعلمون أنه إذا انهار هذا النظام:
أ. سيفقدون حليفًا رئيسيًا، ربما أفضل حليف لهم في العالم العربي بعد حزب الله.
ب. لن يتمكنوا من استخدام سوريا كطريق لدعم حزب الله كما يفعلون الآن، وهو أمر كان دائمًا مهمًا بالنسبة لهم، وأصبح أكثر أهمية مؤخرًا مع محاولة إيران إعادة بناء قدرات حزب الله.
زلزال
لذلك، فإن فقدان الأسد يمثل زلزالًا حقيقيًا، ولا أرى كيف يمكنهم التعافي من ذلك، لأنه ببساطة لا يوجد بديل للأسد. بالطبع، هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا إعادة بناء قدراتهم أو الحفاظ على نفوذهم، لكن في النهاية، من الصعب جدًا تخيل بديل لنظام الأسد في الوقت الحالي.
برأيي، هذا يمثل انهيارًا للمحور الشيعي الذي تحدثوا عنه دائمًا، والمحور الإيراني. صحيح أن لديهم الميليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن، لكنها ليست بديلاً عن حزب الله أو النظام السوري.
مكسب لاسرائيل
بالعودة إلى سؤالك، من الواضح أن انهيار المحور الإيراني هو مكسب لإسرائيل. لكن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك تحديات كبيرة تواجهها إسرائيل في هذا الوضع الجديد. على إسرائيل أن تضمن أن منطقة الحدود لن تتحول إلى ساحة لاختراقات من عناصر أكثر تطرفًا، وخاصة الجهاديين. ويجب على إسرائيل أيضًا التأكد من أن الأسلحة الكيميائية أو القدرات المتبقية في سوريا لا تقع في أيدٍ خطيرة جدًا.
لكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن الصراع الرئيسي الذي خاضته إسرائيل في السنوات الأخيرة كان ضد المحور الإيراني وفروعه. وبالتالي، فإن انهيار هذا المحور، على الأقل في المدى القريب، هو أمر يمكن لإسرائيل أن تستفيد منه.
بالطبع، لن يظهر بجوار إسرائيل الآن وضع مثالي أو دولة سويسرا، لكن هذا الوضع يوفر فرصًا لم تكن موجودة من قبل.
شخصيًا، لم أعتقد يومًا أنه يمكن زرع إسفين حقيقي بين الأسد والإيرانيين. صحيح أن الأسد في العام الأخير كان أقل التزامًا بالإيرانيين مما كان عليه في الماضي، لكنه ظل جزءًا من هذا المحور.
فرص جديدة
لذا، أعتقد أن هناك الآن فرصًا جديدة. السؤال هو: إلى أي مدى يمكن لإسرائيل استغلال هذه الفرص وتحويل هذا الوضع إلى واقع أفضل بالنسبة لها، بما في ذلك السعي لإنهاء الحرب، وخلق وضع مستقر، وتحقيق تطبيع مع السعودية، والوصول إلى واقع أكثر استقرارًا.
في النهاية، كانت النجاحات التي تحققت عسكرية، سواء من جانبنا أو من جانب المعارضة. ولكن الآن، يجب تحويل هذه النجاحات إلى واقع أفضل لإسرائيل، وهذا يتطلب تغييرًا على المستوى الإقليمي، ويستوجب من إسرائيل أن تفكر في الطريقة التي تريد أن ترى بها الشرق الأوسط مستقبلاً.”
[email protected]
أضف تعليق