أفرجت محكمة الصلح في ريشون لتسيون، عصر اليوم (الأحد)، عن تفاصيل جديدة ومثيرة تتعلق بقضية تسريب وثائق سرية، وهي القضية التي هزت الأوساط الأمنية والسياسية في إسرائيل. المحكمة قررت تمديد اعتقال المتهمين، إيلي فلادشتاين وضابط احتياط في الجيش، لمدة خمسة أيام إضافية. بالتزامن، قدمت النيابة العامة إعلانًا مدعيًا تمهيدًا لتقديم لائحة اتهام رسمية، إلى جانب طلب الإبقاء عليهما قيد الاعتقال حتى انتهاء الإجراءات القانونية.
وثيقة حماس
بحسب التفاصيل التي سمح بنشرها، يُتهم إيلي فلادشتاين، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، بالتورط في تسريب وثيقة حساسة عُرفت باسم "وثيقة حماس". الوثيقة نُشرت عقب حادثة قتل ستة محتجزين في نفق برفح، التي أدت إلى اندلاع احتجاجات واسعة ضد الحكومة خلال شهر سبتمبر الماضي. تشير التحقيقات إلى أن فلادشتاين كان يسعى لتجاوز الرقابة العسكرية من خلال تسريب الوثيقة إلى وسائل إعلام أجنبية بهدف التأثير على الرأي العام الإسرائيلي بشأن مفاوضات محتملة تتعلق بالمحتجزين.
الوثائق المسربة، وفقًا للتحقيقات، تم الحصول عليها من خلال ضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي، قام بتسليمها لفلادشتاين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ثم من خلال نسخ مادية. كما التقى فلادشتاين شخصيًا لتسليمه وثائق إضافية مصنفة على أنها "شديدة السرية".
رئيس الأركان، هرتسي هليفي، كان أول من أثار القضية بعد أن طلب تدخل جهاز الأمن العام (الشاباك) لفتح تحقيق عاجل. في السادس من سبتمبر 2024، نشرت صحيفة "بيلد" الألمانية تقريرًا استند إلى هذه الوثائق، مسلطًا الضوء على مواقف حماس بشأن مفاوضات تحرير المحتجزين، مما أثار قلقًا كبيرًا في الأوساط الأمنية الإسرائيلية. الوثائق تضمنت معلومات حساسة من شأنها، وفقًا للمصادر، أن تضر بجهود تحرير المحتجزين وتعرقل الأنشطة الأمنية الإسرائيلية ضد حماس في قطاع غزة.
مع تطور التحقيق، تمكنت الجهات الأمنية من تحديد هوية المشتبه بهم، وبدأت عمليات اعتقالهم على مراحل. إلى جانب فلادشتاين وضابط الاحتياط، شملت الاعتقالات ضباطًا آخرين من الاحتياط والخدمة النظامية. التحقيقات كشفت عن ما وصفه القاضي منحم مزراحي بـ"مسار تسريب منظم"، هدفه نقل الوثائق إلى جهات سياسية وإعلامية خارجية.
التأثير على الخطاب العام
النيابة العامة أكدت أن الهدف من تسريب الوثائق لم يكن فقط تجاوز الرقابة العسكرية، بل التأثير على الخطاب العام في إسرائيل. الوثائق المسربة تضمنت معلومات حساسة للغاية، بما في ذلك تفاصيل حول أساليب المفاوضات التي تعتمدها حماس، مما أثار ردود فعل متباينة داخل وخارج الأوساط الأمنية.
على الرغم من محاولات السلطات تجنيد شهود دولة من بين المعتقلين، فإن هذه الجهود باءت بالفشل، وسيتم تقديم لائحة الاتهام دون شهود. النيابة بررت طلبها تمديد اعتقال المتهمين بحجم المواد الحساسة التي تم جمعها وتعقيد القضية.
القضية، التي أثارت جدلًا واسعًا، كشفت عن ثغرات خطيرة في منظومة أمن المعلومات داخل الجيش الإسرائيلي وأثارت تساؤلات حول العلاقة بين السياسة والأمن في البلاد. في الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات، يبقى التساؤل الأكبر حول حجم الضرر الذي ألحقته هذه التسريبات بأمن الدولة، وما إذا كانت ستُفضي إلى تغييرات جذرية في التعامل مع الوثائق السرية.
[email protected]
أضف تعليق