بدأت عملية التصويت في الإنتخابات الأمريكية خلال الأسبوع الأخير، ويتوجه من لم يصوت قبل، اليو الثلاثاء الى صناديق الإقتراع. ومن المتوقع ان تعلن النتائج الأولية صبيحة يوم الأربعاء 6.11.2024 . وتنشر إستطلاعات الرأي العام النتائج المتوقعة يوميا، والتي يتم تنفيذها بوسائل متنوعة. فهناك من ينشر معطيات إستطلاعات تم تنفيذها بين من صوّت فعليا ويقدر عددهم باكثر من 50 مليون مصوت أدلوا بأصواتهم خلال الاسبوع الأخير وهناك من يراهن على نتائج الإنتخابات من خلال إستطلاعات تمولها شركات وتنشرها وسائل الإعلام. ودخلت الإنتخابات الى لعب المراهنات وهناك من يراهن بأمواله على نتيجة الانتخابات.
صراع الشركات
يسمح القانون الأمريكي للمرشحين للرئاسة ولعضوية مجلس الشيوخ والكونغرس بجمع الأموال لتنفيذ نشاطهم السياسي. ويؤدى هذا النظام الى تعميق التأثير السياسي للشركات وأصحاب رؤوس الأموال ويضعف الإرادة الحقيقية للناخب الأمريكي. ومما يعقد عملية الانتخابات هو نظام التسجيل المسبق المطلوب من الناخبين. حيث يضطر الناخب الى تسجيل نفسه للتصويت قبل موعد التصويت الفعلي. حيث تنشط الأحزاب بتسجيل الناخبين بسجل الناخبين لضمان ممارسة حقهم في التصويت.
يؤدي هذا الإرتباط بين المرشحين والأحزاب السياسية والشركات الى علاقة إبتزاز ينفذ خلالها المنتخب سياسة الشركات التي تدعمه، حتى لو اختلفت مواقفه الحقيقية عن المواقف المعلنة. يعمل عضو الكونغرس او السينات باستخدام موقعه في تحويل المال العام لصالح مشاريع تخدم قضايا تهم الشركات التي دعمته في الانتخابات.
تعمق هذه الشركات سياسة خصخصة الخدمات العامة لتصل الى كل مرافق الحياة. أدّت خصخصة جهاز الصحة الامريكي الى زيادة أرباح شركات الأدوية والمستشفيات وشركات العلاج الصحي. وتقوم السلطة المركزية بخصخصة خدمات الشرطة والأمن داخل الولايات وخارج امريكا. ويجري النقاش بين الحزبان على عمق الخصخصة ولا يجري نقاش حقيقي حول مسؤولية الدولة تجاه المواطنين. بنت المؤسسات الإقتصادية نظام منافسة بينها يمتد من مناطق التصويت الى المرشحين للرئاسة.
نشهد في المعارك الإنتخابية بين ترامب والحزب الديمقراطي (اوباما، بايدن وهاريس) صراع عميق بين شركات إنتاج السلاح على أنواعه وشركات العقارات والغاز والنفط والخدمات. ونشهد منذ سنوات عمق العلاقة بين شركات الأسلحة الآمريكية ومرشحي الحزب الديمقراطي للكونجرس ومجلس الشيوخ في عدد كبير من الولايات ومرشحي الرئاسة من هذا الحزب.
يملك مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، وبعض أكبر داعميه عقارات وشركات تجارية تعمل في مجالات المراهنات والتجارة والنفط والغاز. تنافس هذه الشركات الصناعات الصينية وتتعاون، ببعض مناطق العالم، مع بعض الصناعات الروسية، مما يؤثر على موقف الرئيس الجمهوري من الصين وروسيا والسعودية.
استخدام العمال
تستخدم الشركات الكبيرة والمنظمة بشبكات مصالح عمالها في الإنتخابات التمهيدية بالأحزاب والإنتخابات القطرية. فيتم تسجيل عمال الشركات الكبيرة بعضوية الأحزاب للتصويت لصالح المرشحين والمرشحات الملتزمين بسياسة أصحاب الشركات في الإنتخابات التمهيدية لإختيار المرشحين للتنافس باسم الحزبان.
لتسجيل العمال في عضوية الأحزاب أهمية خاصة في إختيار المرشحين من قبل كل حزب للمنافسة في الإنتخابات الوطنية. فقد شهدنا خلال السنة الاخيرة إنتخابات تمهيدية أدت الى إسقاط مرشحين تقدميين بسبب تجند عمال الشركات ضدهم. فمن تابع مواقف عضو الكونغرس باومن شهد مواقف تقدمية نسبيا حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. وتمتع باومن بدعم من الجالية الملونة في منطقته وأوساط كبيرة من الجالية اليهودية التقدمية JVP ولكنه فشل في الانتخابات التمهيدية مقابل مرشح ديمقراطي دعمته منظمة “ايباك” وعمال شركات كبيرة في منطقته.
تستثمر شبكة اللوبي الاسرائيلي بالتعاون مع شبكة شركات الأسلحة الأمريكية مئات الملايين في تسجيل المرشحين والمرشحات للإنتخابات التمهيدية. وتعمل شبكة ايباك بكافة الولايات وتتعاون مع الشركات الكبيرة والمحلية لتدعم المرشحين في الانتخابات التمهيدية.
قوة العرب
هناك من يبسط الحالة الأمريكية ويردد مقولة “اليهود مسيطرين على امريكا” وتؤدي هذا المقولة الى تقاعس البعض في البحث عن طرق لتحويل التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية الى قوة سياسية. تقوم بعض الجاليات العربية باختراق هذا الحصار من خلال تعميق عملية تنظيم الجاليات العربية والفلسطينية في الولايات المتحدة وتشجيعها على الشراكة السياسية.
يتجاوز عدد أبناء وبنات الجالية العربية الامريكية 3.7 مليون عربي، يتوزعوا على جميع الولايات الخمسين. ومع ذلك، فإن هناك عدد من الولايات التي يعيش فيها عدد أكبر من العرب مقارنة بغيرها. غالبية العرب الأمريكيين، حوالي 62%، ينحدرون من اصول سورية او لبنانية او فلسطينية او أردنة. فيما يتوزع بقية العرب الأمريكان على مصر والمغرب والجزائر والعراق وليبيا ودول عربية أخرى.
حظر ترامب، خلال ولايته، الهجرة من الدول العربية والإسلامية ومارس سياسة الحد من اللاجئين وطالبي اللجوء. قام الرئيس جو بايدن، بعد تنصيبه في عام 2021، بإلغاء كامل لحظر السفر المفروض على البلدان ذات الأغلبية المسلمة واللاجئين/طالبي اللجوء مما ساهم بزيادة عدد المهاجرين العرب والمسلمين الى الولايات المتحدة.
ويعيش ما يقرب من 75 في المئة من العرب الأميركيين في 12 ولاية هي كاليفورنيا، وميشيغان، ونيويورك، وتكساس، وفلوريدا، وإلينوي، ونيوجيرسي، وأوهايو، ومينيسوتا، وفيرجينيا، وماساتشوستس، وبنسلفانيا، وفيرجينيا.
وتشمل أعلى خمس ولايات أمريكية من حيث الوجود العربي: كاليفورنيا حوالي 270 ، نيويورك حوالي 170 الف ، ميشيغان حوالي 150 الف ، فلوريدا حولي 120 ، تكساس حوالي 110 الف.
يمنح النظام الإنتخابي لرئاسة الولايات المتحدة حصة معينة من أصوات “المجمع” التي يبلغ مجموعها 538 صوتاً على كل الولايات الأمريكية، بحيث يكون عدد مقاعد الولاية متناسباً مع عدد سكانها. لولاية ميشيغان، التي تعيش فيها جالية عربية كبيرة أهمية بسبب تخصيص 15 مقعداً في هذا المجمع، وهي إحدى أهم الولايات التي يشتد التنافس فيها بين دونالد ترامب وكمالا هاريس. وتجمع العرب في هذه المنطقة يمنحهم أهمية خاصة.
الحراك الشبابي
شهدنا خلال العام الأخير حراك شبابي تضامني كبير مع الشعب الفلسطيني. ورأينا المظاهرات في الجامعات الامريكية وجلسات الاستماع التي عقدتها لجان الكونغرس لرؤساء الجامعات لتوبيخهم بسبب النشاط الطلابي. ولكن الشركات الكبيرة لم تكتفي بالضغط السياسي على إدارات الجامعات وقامت بسحب جزء كبير من إلتزاماتها لتوفير منح التعليم للطلاب في هذه الجامعات، والتي تصل أجرة التعليم السنوية فيها الى حوالي 50-70 الف دولار. وتقلصت صناديق المنح التي تقدمها الشركات للجامعات كوسيلة لمنع الطلاب الفقراء والنشطاء من الاندماج في الدراسة الجامعية ومنعهم من إسماع صوتهم من خلال استخدام العلاقات المالية بين الشركات والجامعات.
طولبت بعض الجامعات بوقف إستثمارها في صناديق الإستثمار والشركات الإسرائيلية. حيث قامت الجامعات وخلال سنوات طويلة في إستثمار جزء من التبرعات التي وصلتها وأموالها بالبورصة الاسرائيلية وحتى بتقديم القروض لميزانية الحكومة الاسرائيلية، من خلال شراء سندات قروض ساهمت في إرتفاع أرباح هذه الجامعات وسمحت لها بتوفير المنح وإستقطاب باحثين ومحاضرين.
كثفت شبكة “البوندس” الصهيونية من جهود تجنيد الأموال لدعم الإقتصاد الإٍسرائيلي ونجحت بتجنيد اكثر من 3 مليار دولار. وقامت المؤسسات لمكافحة العنصرية ضد اليهود بنشر تقارير حسبها ستخسر الجامعات الامريكية المليارات بسبب سحب إستثماراتها من الإقتصاد الإسرائيلي.
سيؤدي هذا الضغط من أصحاب الشركات الى تراجع في حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني بين الشباب خلال السنة الدراسية الحالية. وهناك محاولات منهجية لخلق خلافات بين الطلاب من أصول فلسطينية والجاليات الملونة في عدد كبير من معاهد التعليم العالي.
دور الإعلام الأمريكي
تسيطر الشركات الكبيرة على الإعلام من خلال الملكية على وسائل الاعلام من جهة ومن خلال نشر الإعلانات من جهة اخرى. فالعلاقة بين السياسة والشركات المعلنة وصاحبة وسائل الإعلام وتصميم الرأي العام الأمريكي والعالمي هي علاقة قوية وترجمة للتنافس بين الشركات التي تعمل على إستغلال المال العام وتستخدم القوة العسكرية الأمريكية لنشر منتجاتها وتسويق مصالحها في الولايات المتحدة وخارجها.
وقد انضمت الى الشركات الإعلامية الإمريكية بعض الشركات الإعلامية العربية التي تقوم بتغطية أحداث العالم في عدد من اللغات. حيث تقوم شبكة “الجزيرة” والتي تملكها قطر بإنتاج برامج في اللغة الانجليزية وانضمت اليها شبكة “بلومبرغ” وغيرها من شركات النفط العربية التي تعمل على تسويق مواقفها السياسية من خلال تغطية العالم بعدد من اللغات. وتحاول بعض هذه الشركات العربية الدخول الى الإعلام الأمريكي من خلال الإستثمار المباشر فيها او من خلال نشر الإعلانات.
تقوم أنظمة ودول اضافية، مثل الصين وروسيا وتركيا والمانيا والاتحاد الاوروبي بمحاولة التأثير على الرأي العام العالمي وخصوصا في الولايات المتحدة من خلال إنتاج مضامين في اللغة الانجليزية الى جانب المضامين بلغات اضافية بما في ذلك اللغة العربية.
تقوم مؤسسات اللوبي الاسرائيلي في البحث عن فرص إستثمارية ناجعة تسمح لداعميها في توسيع تأثيرهم السياسي من خلال ملكية وسائل إعلام او من خلال شراء مساحات إعلانية تسمح لوسائل الإعلام بالحفاظ على طواقمها. ونرى مبادرات مثل مبادرة الاسرائيلي الفرنسي”درهي” الذي قرر بناء شبكة إعلامية إسرائيلية تبث في الإنجليزي والعربي والفرنسي من تل ابيب. وعليه يجب ان نتعامل مع الإعلام حسب العلاقات الإقتصادية التي تربط وسائل الإعلام بالشركات التي تقف وراءها وليس فقط حسب المضامين التي نشاهدها.
موقف اليهود الأمريكان
تنقسم الجالية اليهودية الأمريكية الى ثلاث قوى سياسية: أكبرها المؤيدين والداعمين لشبكة “ايباك” التي تدعم الحكومة الاسرائيلية ومواقفها. وقد تأسست مقابلها شبكة J street التي تعتبر نفسها ند وداعمة ثابتة للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة وتؤيد حل الدولتين. ونشهد في السنوات الاخيرة إرتفاع في رصيد التيار الثالث JVP (Jewish Voices for peace ) المناهض للعنصرية والمؤيد لمقاطعة إسرائيل خصوصا بين الشباب.
وقد رصدت الشركات الداعمة لإيباك مئات الملايين لدعم المرشحين المؤيدين لمواقفها في الانتخابات التمهيدية في الحزبان. وعملت ضد باومان في منطقة شمال نيويورك وأسقطته وعملت ضد رشيدة طليب والحان عمر وعدد كبير من المرشحين المؤيدين لحقوق الانسان وضد سياسة الحكومة الاسرائيلية داخل الحزب الديمقراطي. لا تعلن ايباك دعمها المباشر لمرشحي الرئاسة ولكنها تحصل على دعم أهم المؤيدين لتراميب مثل مريم اديلسون والتي تعهدت بدعم ترامب بمئة مليون دولار اذا وافق على ضم الضفة الغربية الى اسرائيل.
لم تنجح شبكة J street في الحفاظ على مجموعة من المرشحين المدعومين من قبلها في الحزب الديمقراطي ولكنها تواصل دعم عدد كبير من مرشحي الحزب مقابل مرشحي الحزب الجمهوري في عدد كبير من الولايات. كما تعلن الشبكة دعمها المطلق لكاميلا هاريس في الانتخابات الرئاسية.
تأمل مرشحة الرئاسة الثالثة جيل ستاين، وهي يهودية الأصل، في الحصول على أصوات التيار الغير صهيوني خصوصا بين الشباب اليهود الامريكان. وقد شهد العام الاخير عشرات التظاهرات المهمة ليهود ضد إبادة الشعب الفلسطيني. وتعلن ستاين دعمها لترشيح الحان عمر ورشيدة طليب على الرغم من عضويتهم في الحزب الديمقراطي.
البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة
يقوم خطاب هاريس الانتخابي الموجه للعرب على التشديد على التزامها هي وإدارة بايدن على العمل على وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط. وتلتزم بالثوابت الأميريكية التي تتفق عليها قيادة الحزبين في دعم إسرائيل والتحالف معها، ولكنها تحدثت عن حقوق الفلسطينيين في الأمن والكرامة وتقرير المصير.
أما ترامب، ورغم فرضه إجراءات اعتُبرت معادية للعرب والمسلمين في سياسات الهجرة إبّان عهده، ورغم دعمه الواضح لإسرائيل وعلاقته الوثيقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد حقق تقدماً كبيراً على صعيد التواصل المباشر مع الناخبين الأمريكيين العرب، خصوصاً في ميشيغان. ومن أبرز أمثلة ذلك حضوره شخصياً لتلقي الدعم المباشر من عمدة مدينة هامترامك يمني الأصل وبعض النشطاء في الجاليات اللبنانية والسورية.
يسوق ترامب نفسه بأن عهده خلا من الحروب وإن حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا ما كانت لتندلع لو كان هو الرئيس، كما أن كثيراً من الناخبين العرب يعتبرون أن إدارته للاقتصاد كانت أفضل من الديمقراطيين.
يتولى صهر ترامب اللبناني، مسعد بولس، مهمة تنسيق النشاط الانتخابي لترامب في التواصل مع الأمريكيين العرب والمسلمين. تزوج ابن مسعد بولس مايكل، من ابنة ترامب تيفاني، وهما ينتظران مولودهما الأول، وقد أعرب ترامب عن فرحه بانتظار حفيده الذي سيكون نصف عربي.
تغيب عن التغطية الإعلامية المرشحة الثالثة والتي تعتبر نفسها مرشحة “حزب الخضر” جيل ستاين ، اليهودية. ولكنها تحصل على دعم كبير في أوساط الجالية العربية والفلسطينية وبأوساط المناهضين للصهيونية في الجالية اليهودية. وتحاول ستاين من خلال تجنيد أصوات العرب والقوى التقدمية في الولايات المتحدة التأثير على نتيجة الانتخابات الحالية والمستقبلية حيث تعمل على تجاوز نسبة ال 5% لتحصل على تمويل الانتخابات في المستقبل. وقد حاول في السابق رالف نيدر إختراق الفرز بين الحزبان وتجاوز ال 4% وتأمل ستاين ان يدعمها الحراك الشبابي والطلابي الذي خرج ضد حرب إسرائيل في غزة لتتمكن في المستقبل من كسر هيمنة الحزبان على السياسة الأمريكية.
بناء التحالفات
يجب ان لا نتوقع الكثير من نتائج الإنتخابات الأمريكية للرئاسة والكونغرس. فقد قامت الشركات الكبيرة باختيار المرشحين/ات المريحين لهم في الانتخابات التمهيدية. وقامت باسقاط عدد كبير من المرشحين التقدميين. وعلى الرغم من هذا الواقع يجب ان نتعامل مع ما سيحدث في هذه الإنتخابات كجزء من معركة تراكمية في بناء التحالفات مع القوى التقدمية في العالم وبناء حركة التضامن العالمية مع الشعوب المظلومة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
لم تنته المعركة وإنتخاب أمثال الحان عمر وبيرني ساندرس ورشيدة طليب غير مضمون وعلى المؤسسات العربية الامريكية والمؤسسات التقدمية في الولايات المتحدة فحص الاخطاء التي حصلت خلال السنوات الاخيرة لإعادة بناء الحراك الشعبي والتحالفات على أسس جديدة تستطيع من خلالها التأثير على متخذ القرار السياسي.
وقف إطلاق النار
من المبكر توقع تعامل المرشحان مع القضية الفلسطينية، بعد الإنتخابات، وخصوصا بقضية وقف إطلاق النار. فمن الواضح ان الحكومة الاسرائيلية الحالية تتردد في مواصلة المعارك على الجبهة اللبنانية وتعمل حاليا على تحصيل أفضل إتفاق يمكن تحصيله لإنسحاب قواتها من جنوب لبنان وتحجيم قوة حزب الله. وبالمقابل تقوم الحكومة الإسرائيلية بتعميق سيطرتها على قطاع غزة وتهجير فعلي للسكان من شمال القطاع وتجويعهم وقتلهم وتفتيت القطاع بشوارع عرضية والسيطرة على الحدود المصرية.
حاولت إدارة بايدن، منذ إغتيال يحيى السنوار، تحصيل صفقات تبادل أسرى مع حماس من خلال علاقاتها مع السلطات المصرية والقطرية ولكنها فشلت في إجبار حماس على تسليم الأسرى الإسرائيليين دون وقف إطلاق النار وإنسحاب إسرائيل من غزة. وقامت هذه الإدارة بالضغط على الحكومة اللبنانية لتحصيل إتفاق وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية ولكنها فشلت أيضا.
ومن جهة ثانية تضغط مريام اديلسون، صاحبة صحيقة “إسرائيل اليوم” وأكبر داعمة لدونالد ترامب على نتنياهو لعدم تقديم التنازلات لتحركات المجتمع الدولي قبل ظهور نتائج الإنتخابات الأمريكية. حيث ينتظر العالم ومعه الحكومة الإسرائيلية نتائج الإنتخابات لتتخذ قراراتها.
قد تتمكن إدارة بايدن الإنتقالية من إحراز بعض التقدم على الجبهة اللبنانية قبل تسليم السلطة للرئيس المنتخب، ولكنها لن تحاول ولن تنجح بتنفيذ مطلب إنسحاب إسرائيل من القطاع. وستتركز الجهود الدولية في تقديم الإغاثة الإنسانية للفلسيطينيين في القطاع مقابل تسليم الأسرى الإسرائيليين. سيبذل نتنياهو جهوده للحفاظ على حكومته الحالية ومواصلة التغييرات الدستورية، بما في ذلك التغييرات التي من الممكن ان تخرج التمثيل السياسي للعرب ، خارج اللعبة البرلمانية. يأمل نتنياهو ان تقوم الإدارة الأمريكية القادمة بالعمل على تطبيع علني مع الأنظمة العربية التي لم تطبع مع إسرائيل حتى الأن وأن تسانده الإدارة الجديدة داخليا وتدعم مشاريع الضم والإستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة.
لمشاهدة حلقة بودكاست مركز مساواة حول الانتخابات الأمريكية اضغطوا هنا
[email protected]
أضف تعليق