يتداول الكثير من النازحين الفلسطينيين تفاصيل أزمات متعددة في توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية، تشمل التوزيع العشوائي وغير العادل في ظل صعوبة أوضاعهم المعيشية الصعبة، إذ تفتقر الغالبية إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، في ظل تكرار الحديث عن تقديم المساعدات للفلسطينيين المثقلين بهموم الحرب منذ 13 شهراً.

ويواجه النازحون العديد من التحديات منذ بداية العدوان الإسرائيلي الذي فرض عليهم التهجير القسري من محافظتي غزة والشمال نحو المحافظات الوسطى والجنوبية، وأتبعها بتهديدات متكررة لسكان مدينتي خانيونس ورفح جنوبي القطاع، ثم معاودة تهجير أهالي شمالي القطاع على وقع القصف والأحزمة النارية المترافقة مع حرب نفسية.

تعاني المناطق التي يدعي الاحتلال أنها "إنسانية" و"آمنة" تكدس نحو مليوني فلسطيني في مساحات ضيقة تنعدم فيها مقومات الحياة الأساسية، مع انتشار الأمراض، وغياب الدعم الإغاثي والصحي، والطفح المتواصل للمياه العادمة من جراء تدمير شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية.

يعيش مئات آلاف الفلسطينيين داخل مراكز ومدارس الإيواء ومخيمات اللجوء التي تضم خياماً قماشية وبلاستيكية، ويواجه النازحون مخاطر الاستهداف المباشر، إلى جانب صعوبة حياة الترحال المتكرر وسط التغيرات المناخية القاسية.

تقول الفلسطينية رندة الخالدي إنها تستوفي كل الشروط التي تتيح الحصول على المساعدات المالية والإغاثية التي تسمع عنها منذ بداية العدوان، لكنها لا تحصل عليها، إذ قصف منزلها، واضطرت إلى النزوح مع زوجها وأطفالها مرات عديدة، وعاشت داخل مدارس ومراكز لجوء وصولاً إلى إنشاء خيمة بلاستيكية غربي مدينة دير البلح في وسط القطاع.


تبين الخالدي لـ "العربي الجديد" أنها لم تحصل على المبلغ المالي المقدر بنحو مائة دولار أميركي، والذي وزعته مؤسسات دولية وأممية على عدد من الأسر النازحة، على الرغم من تشابه واقع أسرتها مع واقع تلك الأسر، والتي تلقت بعضها هذه المبالغ المالية أكثر من مرة.

وتوضح: "تقدمت بشكوى حول عشوائية توزيع المساعدات لدى إحدى المؤسسات الدولية، وعدم حصولي على أي مبلغ رغم العوز الشديد، لكني حصلت على إجابة شفهية فورية أرجعت السبب إلى شح المساعدات التي تصل إلى القطاع، وعدم القدرة على التوزيع على الجميع بفعل التباين بين حجم المساعدات والأعداد الهائلة للنازحين".

بدوره، يؤكد الفلسطيني أحمد الجعل أنه لم يحصل منذ بداية العدوان الإسرائيلي سوى على طرود غذائية تحتوي على معلبات زهيدة الثمن، فيما لم يحصل على أي من الكوبونات التي تحتوي على المواد الأساسية كالسكر وزيت القلي وزيت الزيتون والأرز والطحينية والعسل والمربى التي يسمع عنها، ويرى معظمها تباع في الأسواق بأسعار مرتفعة.

يقول الجعل لـ "العربي الجديد": "عشوائية التوزيع وغياب العدالة بدأت منذ الشهر الأول للعدوان، حين تم توزيع كرتونة تضم الأواني ومتطلبات المطبخ على عدد من النازحين. اعتقدت أنني سأحصل على تلك الكرتونة مع مرور الوقت بسبب الأعداد الكبيرة للنازحين، لكنني لم أحصل عليها رغم مرور أكثر من عام على بدء توزيعها، كما باتت تباع في الأسواق. مثال كرتونة الأواني تكرر مع العديد من الطرود، إذ لم أحصل على الطرد الغذائي الذي يضم بسكويت التمر رغم حصول عدد كبير من النازحين عليه، كما لم أحصل على الطرد الصحي الذي يضم مواد التنظيف رغم زيارة فريق المؤسسة الدولية للمخيم، وتسليم بطاقات الصرف لعدد من الأسر، إذ تحجج الفريق حينها بعدم كفاية البطاقات".


يعاني إسلام حجيلة النازح من مدينة غزة منذ بداية العدوان الأوضاع الاقتصادية الصعبة من جراء تدمير بقالته التي كانت توفر لأسرته مصدر دخل وحيداً، وقد اضطر إلى النزوح بعد تدمير منزل عائلته، وفي ظل النقص الشديد لمختلف المتطلبات الأساسية، والارتفاع الجنوني في الأسعار.

يقول حجيلة لـ"العربي الجديد": "نواجه الكثير من التحديات، من بينها النقص الشديد في مختلف أنواع المساعدات الإنسانية، وبالتالي لم أحصل على العديد من الطرود التي وزعت على النازحين، وأبرزها طرد يتضمن الفرشات والوسائد والأغطية، والتي قمت بشرائها بسبب حاجة أسرتي الماسة إليها، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة. عشوائية توزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية تزيد من الشعور بالظلم والقهر الذي يعانيه الفلسطينيون الذين خسروا بعض ذويهم إلى جانب فقدانهم لبيوتهم ومصادر دخلهم، وينبغي اتباع معايير محددة تتضمن التوزيع العادل على جميع النازحين، خاصة في ظل تفاقم سوء الأوضاع".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]