تزايدت المؤشرات بشأن مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، الذي أصبح المطلوب الأول لإسرائيل باعتباره آخر من تبقى من القادة الذين تعتبرهم إسرائيل العقول المدبرة لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويقول أشخاص على اتصال بيحيى السنوار إن زعيم الحركة غير نادم على هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، على الرغم من أنها أشعلت فتيل حملة عسكرية إسرائيلية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتحويل غزة إلى أنقاض، ووجهت ضربات قاصمة لحليفته جماعة حزب الله اللبنانية، بحسب ما تقول وكالة رويترز.

أكدت وسائل إعلام إسرائيلية عدة، مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه يفحص إمكانية مقتله خلال اشتباكات وقعت جنوب قطاع غزة.

هجمات 7 أكتوبر

وقال 4 مسؤولين فلسطينيين ومصدران من حكومات في الشرق الأوسط في الأسابيع التي سبقت مرور عام على اندلاع الحرب في غزة، إن السنوار لا يرى إلا الكفاح المسلح سبيلاً لفرض قيام دولة فلسطينية.

وأسفرت هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 250 رهينة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية، في أشد الأيام دموية منذ إعلان قيام دولة إسرائيل.

وردت إسرائيل بشن هجوم واسع النطاق أسفر عن مقتل أكثر من 42 ألفاً ونزوح 1.9 مليون فلسطيني، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية وإحصاءات الأمم المتحدة.

وامتد الصراع الآن إلى لبنان، حيث وجهت إسرائيل ضربات قاصمة لجماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك قتل معظم قاداتها. وقد تنجر طهران، التي تدعم حركة حماس، لحرب مفتوحة مع إسرائيل.

مقامرة لم تنجح

وقال حسن حسن، المؤلف والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن السنوار جرَّ إيران ومحورها بأكمله الذي يضم حزب الله والحوثيين في اليمن وجماعات مسلحة عراقية إلى صراع مع إسرائيل.

وأضاف حسن "ما نشهده الآن هو تبعات السابع من أكتوبر. مقامرة السنوار لم تنجح"، مشيراً إلى أن المحور الإيراني قد لا يتعافى أبداً.

وأضاف حسن "ما فعلته إسرائيل بحزب الله خلال أسبوعين يعادل تقريباً عاماً كاملاً من إضعاف حماس في غزة، ففي جماعة حزب الله، تم القضاء على ثلاثة مستويات من القيادة، وتقليص قيادتها العسكرية، واغتيال زعيمها البارز حسن نصر الله".

لكن قبضة السنوار على حماس ظلت محكمة، على الرغم من بعض العلامات على المعارضة بين سكان غزة.

رجل الظل

واختير السنوار زعيماً للحركة بعد مقتل إسماعيل هنية في يوليو (تموز) الماضي في ضربة يشتبه أن إسرائيل نفذتها أثناء زيارة كان يقوم بها إلى طهران. ولم تؤكد إسرائيل ضلوعها في الضربة.

ويعمل السنوار الذي أطلقت عليه إسرائيل وصف "وجه الشر"، في الخفاء، ويغير أماكنه باستمرار ويستخدم رسلاً موثوقاً بهم في الاتصالات غير الرقمية، وفقاً لثلاثة مسؤولين من حماس ومسؤول إقليمي. ولم يظهر السنوار علانية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وعلى مدى أشهر من المحادثات التي لم يحالفها النجاح لوقف إطلاق النار بقيادة قطر ومصر والتي ركزت على مبادلة سجناء فلسطينيين بالرهائن الإسرائيليين، كان السنوار هو صانع القرار الوحيد، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر من حماس. وكان المفاوضون ينتظرون أياماً للحصول على ردود تمر عبر سلسلة سرية من الرسل.

من الأسر لقيادة حماس

وساعد السنوار في التفاوض على تبادل 1027 سجيناً فلسطينياً من بينهم هو نفسه مقابل جندي إسرائيلي مخطوف في غزة عام 2011. وأدت عملية الخطف التي قامت بها حماس إلى هجوم إسرائيلي على الجيب الساحلي ومقتل آلاف الفلسطينيين.

وقضى السنوار طفولة فقيرة في مخيمات اللاجئين بغزة، وعاش حكماً بالسجن 22 عاماً في سجون إسرائيل، من بينها فترة قضاها في عسقلان، المدينة التي يصفها والداه بأنها موطنهما الذي فرا منه بعد حرب 1948.

وانضم السنوار إلى حركة حماس بعد فترة وجيزة من تأسيسها في الثمانينيات متبنياً الأيديولوجية الأصولية للجماعة.
قبل الحرب، كان السنوار يحكي أحياناً عن حياته المبكرة في غزة خلال عقود من الاحتلال الإسرائيلي، وقال ذات مرة إن والدته كانت تحيك الملابس من الجوالق، وهي الأجولة المتبقية بعد تفريغ المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة.

مهندس استراتيجية حماس


وفي رواية كتبها في السجن فيما يشبه السيرة الذاتية، وصف السنوار مشاهد للقوات الإسرائيلية وهي تدمر المنازل الفلسطينية كوحش يسحق عظام فريسته، قبل انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005.

كان السنوار شديد الحدة والصرامة عندما عُهد إليه بمهمة معاقبة الفلسطينيين المشتبه في تجسسهم لصالح إسرائيل.

واكتسب شهرة كبيرة كزعيم في السجن. وارتقى سريعاً إلى قمة صفوف قيادة حماس بعد الإفراج عنه.

ويعتبر مسؤولون عرب وفلسطينيون أن السنوار هو مهندس استراتيجية حماس وقدراتها العسكرية التي تعززت عبر علاقاته القوية مع إيران التي زارها في عام 2012.

أهداف لم تتحقق

وقبل إشرافه على تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لم يخف السنوار رغبته في ضرب عدوه بقوة.

ففي خطاب ألقاه في العام السابق للهجوم، تعهد السنوار بإرسال طوفان من المقاتلين والصواريخ إلى إسرائيل، ملمحاً إلى حرب قد توحد العالم لإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، أو تترك إسرائيل معزولة على الساحة العالمية.

ووقت إلقاء الخطاب، كان السنوار والضيف قد أعدا بالفعل خططاً سرية للهجوم. بل كانا يجريان تدريبات علنية تحاكي مثل هذا الهجوم.

لكن أهدافه لم تتحقق. إذ أن القضية عادت إلى صدارة قائمة الأولويات العالمية، لكن احتمالات إقامة دولة فلسطينية أصبحت بعيدة المنال كما كانت دوماً. ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بصورة قطعية أي خطة لغزة بعد الحرب تتضمن جدولاً زمنياً محدداً لإقامة دولة فلسطينية.

اعتُقل السنوار عام 1988 وصدرت ضده أربعة أحكام بالسجن المؤبد لاتهامه بالتخطيط لاختطاف وقتل جنديين إسرائيليين وأربعة فلسطينيين يشتبه في تجسسهم لصالح إسرائيل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]