أكد المحلل اللبناني في العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، الدكتور خالد العزي ل بكرا ، أن المعلومات التي تشير إلى موافقة السيد حسن نصر الله على وقف إطلاق النار غير صحيحة. وأوضح العزي أن نصر الله وافق فقط على هدنة مؤقتة كانت تُعد من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ولكن تلك الهدنة لم تصل إلى مرحلة تنفيذ وقف إطلاق النار الكامل.

وأشار العزي إلى أن الولايات المتحدة قدمت مبادرة لوقف إطلاق نار مؤقت تقوم على بنود لاحقة، وقد تم إرسال هذه المبادرة إلى الجانب الإسرائيلي. لكن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، اختار الذهاب إلى الأمم المتحدة، حيث اتفق مع قيادته العسكرية ووزير دفاعه على تأجيل عملية اغتيال نصر الله. غير أن المعلومات التي تلقاها نتنياهو في نيويورك أشارت إلى ظروف مواتية لتنفيذ الاغتيال، ما دفعه إلى إعطاء الموافقة على العملية.

وأضاف أن نتنياهو كان على علم بأهمية هذه المغامرة، التي تتطلب دقة كبيرة، مشيرًا إلى أن حزب الله كان يتوقع أن ذهاب نتنياهو إلى الأمم المتحدة يمثل بداية انفراج للأزمة. ولكن مع الضغط الدبلوماسي، أقنع المندوب الفرنسي، جان إيف لودريان، رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بالذهاب إلى نيويورك. كان هذا التحرك جزءًا من دبلوماسية مكوكية بين القوى الغربية التي كانت تعمل على صياغة هدنة.

وأوضح أن حزب الله لم يكن موافقًا على وقف إطلاق النار الكامل، مشددًا على أن وقف إطلاق النار يعتبر هزيمة لحزب الله بعد الضربات التي تلقاها. وبدلاً من ذلك، كان الحزب يسعى إلى هدنة تضمن وقف إطلاق نار متزامن للطرفين، يتم البناء عليها لإنهاء الحرب وفقًا للمبادرة الفرنسية الأمريكية، التي كانت تقضي بهدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أسابيع.

كما أكد العزي أن اغتيال نصر الله في مقر الأمم المتحدة يمثل تصعيدًا جديدًا من قبل نتنياهو، حيث تحدى الدول العالمية ومجلس الأمن. العملية تمت بغطاء أمريكي واضح، ونتنياهو صرح بعدها قائلاً: "نفذنا العملية وسنحاسب كل من حاول توجيه الرصاص نحونا"، مهددًا إيران بشكل مباشر من على منبر الأمم المتحدة.

ابعاد ايران عن الصراع

وأوضح المحلل اللبناني العزي، أن موقف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بداية عملية "طوفان الأقصى" كان يهدف إلى إبعاد إيران عن الصراع. وبالفعل، في اليوم التالي، أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي دعم إيران لحركة حماس، لكنه نفى وجود أي توافق مع العملية، مما يظهر أن إيران حاولت التملص من المسؤولية بشكل علني.

وأشار العزي إلى أن إيران كانت تحاول استغلال هذا الصراع كورقة ضغط على الولايات المتحدة عبر دعمها لمحور المقاومة، ولكنها تبرأت لاحقاً من العملية لتجنب التورط المباشر. ورغم ذلك، استمر حزب الله في تبني موقف داعم لما أسماه "وحدة الساحات"، معتبرًا نفسه رأس الحربة في هذا المحور.

وقال في الثامن من أكتوبر، أعلن حسن نصر الله، قبل وفاته، عن "شرف" مشاركة حزب الله في هذه الحرب، مشيرًا إلى أن الحزب فرض "معادلة حرب المشاغلة والمساندة".

واعتبر نصر الله أن حزب الله، باعتباره الأقوى والأكثر خبرة، كان ملزمًا بالدخول في المعركة للحفاظ على وحدة الساحات، لا سيما بعد موقفه العلني الداعم لذلك خلال الأشهر السابقة.

أضاف العزي أن حزب الله بدأ الهجوم بإطلاق الصواريخ نحو المواقع الإسرائيلية المحاذية للشريط الحدودي، وقام بضرب الأبراج والكاميرات والسواتر الترابية لمدة تقارب الشهرين. وعلى الرغم من أن الحزب أعلن أن تحركاته تهدف إلى حماية القضية الفلسطينية، فإن العزي يعتقد أن الحزب كان يشعر بخطر استهدافه بعد غزة، مما دفعه لشن ضربات استباقية.

استدراج حماس وحزب الله إلى الصراع

من ناحية أخرى، يعتقد المحلل اللبناني أن حزب الله كان يراهن على أن إسرائيل لن تتمكن من خوض حربين في نفس الوقت، وأن إيران ستحقق مكاسب سياسية من الولايات المتحدة. كما كان الحزب يهدف إلى تعزيز دوره كمدافع عن غزة وتحقيق نصر جديد. لكن، وفق العزي، كانت هذه الحسابات غير صحيحة، حيث تمكنت إسرائيل من استدراج حماس وحزب الله إلى الصراع، واستغلت وجود القوات الأمريكية في المنطقة لتنفيذ عمليات متتالية على عدة جبهات.

واختتم العزي بالقول إن إسرائيل لا تسعى فقط لحماية مناطقها الشمالية أو الرد على حزب الله، بل تقوم بعمليات قتل ممنهجة تستهدف الحجر والبشر، مما يؤدي إلى مزيد من الجرائم والاغتيالات في لبنان، والتي ترتقي إلى جرائم حرب وانتهاكات للسيادة اللبنانية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]