وثقت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مذكرة من 17 صفحة، عدة أمثلة لقيام "إسرائيل" بمنع وصول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وأرسلتها إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وبحسب ما نشره موقع "بروبابليكا" للصحافة الاستقصائية، فقد قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بتقديم تقييم مفصل لبلينكن حول سلوك "إسرائيل"، متضمناً تدخلاً إسرائيلياً في جهود الإغاثة مثل قتل عمال الإغاثة وتدمير المباني الزراعية وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات. وحصل الموقع على مذكرة من الوكالة صادرة في نيسان/ أبريل الماضي والتي أوصت بوقف إرسال السلاح إلى الإسرائيليين بسبب عرقلة جهود الإغاثة، إلى جانب عدد من الأدلة التي استشهد بها المسؤولون لدعم النتائج التي وصلوا إليها.
وتشير التقارير إلى أن المواد الغذائية الضرورية، بما يكفي لإطعام 1.5 مليون فلسطيني لمدة خمسة أشهر، كانت مخزنة في ميناء إسرائيلي. لكن "إسرائيل" حظرت نقل الطحين، بزعم أن المساعدات قد تصل إلى أيدي عناصر حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس". ورفض بلينكن التقرير، وقال للكونجرس بعد شهر إن الولايات المتحدة لم تجد أن "إسرائيل" تمنع شحنات المساعدات الأميركية إلى غزة.
ولكن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم تكن الهيئة الحكومية الأميركية الوحيدة التي خلصت إلى أن "إسرائيل" تمنع عمدا المساعدات الإنسانية من دخول غزة. فقد أشارت جهات حكومية أمريكية أخرى إلى أن "إسرائيل" تقيد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك مكتب السكان واللاجئين والهجرة، الذي طالب بتفعيل قانون المساعدات الخارجية.
يحظر هذا القانون تقديم الدعم العسكري لأي دولة تمنع المساعدات الإنسانية، وإسرائيل، التي تُعَد أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية، تواجه ضغوطًا بسبب الهجمات التي أدت إلى استشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني. واستقالت ستايسي جيلبرت، المستشارة المدنية والعسكرية السابقة في مكتب اللاجئين، بسبب تقرير بلينكين المقدم إلى الكونجرس، قائلة في بيان عام إن هناك "أدلة وفيرة تثبت أن إسرائيل مسؤولة عن عرقلة المساعدات".
ورغم الدعوات من مشرعين أمريكيين، مثل السيناتور بيرني ساندرز وإليزابيث وارن، لوقف توفير الأسلحة لإسرائيل، فقد وافقت إدارة بايدن على بيع أسلحة بقيمة 20 مليار دولار، وفي الوقت نفسه، حذرت الأمم المتحدة من المجاعة في قطاع غزة وتفشي شلل الأطفال نتيجة الظروف الصحية المتدهورة، مشيرة إلى أن إسرائيل تمنع دخول المواد الحيوية لتنقية مياه الشرب إلى القطاع. وإثر هذا التقرير، دعا ناشطون لإقالة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بعد نشر موقع (بروبابليكا)، أمس الثلاثاء، وثائق مسربة تكشف تعمُّده منع دخول المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة، وتفضيله سياسة التجويع كسلاح في الحرب، فضلًا عن تضليل الكونغرس.
وقالت المرشحة الرئاسية جيل شتاين “كذب أنتوني بلينكن على الكونغرس بالرغم من علمه أن إسرائيل كانت تجوّع غزة عمدًا فقط لمواصلة تسليح الإبادة الجماعية. نطالب بلينكن بالاستقالة، كما نحث إدارة بايدن على الكف عن تسليح إسرائيل بشكل غير قانوني”. أما الباحثة آسال راد، فقد استحضرت تغريدة سابقة لبلينكن قال فيها وقتها “إن رفض روسيا تمديد مبادرة البحر الأسود للحبوب يضر بملايين الجياع حول العالم، إن استخدام الغذاء كسلاح أمر غير معقول، ونحن نحث روسيا على عكس هذا المسار”.
وتابعت آسال في تغريدة أخرى “إنه التقرير الثاني على الأقل الذي يغطي فيه بلينكن على إسرائيل في الكونغرس وينتهك القوانين الأمريكية، من خلال إرسال إسرائيل أسلحة على الرغم من الأدلة على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، بينما قال الكاتب علي أبو نعمة “يجب أن تدعو إلى محاكمة هذا الوحش الملطخ بالدماء”. ورأى الكاتب أوين جونز أن “إسرائيل تتعمد تجويع غزة من الغذاء والدواء، على علم من القيادة الأمريكية وتستر منها، وأن كل القادة الإسرائيليين والأمريكيين يستحقون السجن” وحث مشرعون ديمقراطيون بارزون آخرون، بمن فيهم السيناتور كريس فان هولن، وجيف ميركلي، وبيرني ساندرز، وإليزابيث وارن، الرئيس الأمريكي جو بايدن في رسالة في أبريل/نيسان على التوقف عن توفير الأسلحة الهجومية لإسرائيل، قائلين إنها تنتهك قانون المساعدات والمساعدة العسكرية الأمريكية الصادر في الستينيات. وفي أغسطس/آب، وافقت الولايات المتحدة على بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار.
أصدرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مذكرة بعد أن حذرت رئيسة الوكالة سامانثا باور من المجاعة الوشيكة في غزة. ووفقا للمذكرة، فإن إسرائيل تستخدم "المنع التعسفي والقيود والعوائق" لمنع المساعدات الحكومية الأميركية من دخول غزة. الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هي وكالة حكومية أمريكية مستقلة مسؤولة عن العمل التنموي والإنساني. وتتلقى توجيهاتها في مجال السياسة الخارجية من وزارة الخارجية. وقبل شهور، أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالًا يتهم فيه اتهم الكاتب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، بأنه وقف كـ (حجر عثرة) أمام مكافحة المجاعة بغزة، وضاعف من شقاء الجياع وبؤسهم، وذلك في تصديق مزاعم "إسرائيل" وعرقلة عمل أبرز المؤسسات الإغاثية في قطاع غزة. وقال نيكولاس كريستوف، في عموده الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، إن بايدن بدا في أغلب الأحوال ضعيفا في تعامله مع حرب غزة لأكثر من 8 أشهر، ومنزعجا من الخسائر البشرية، "لكنه لم يتصرف بحزم للحد منها". ولكنه كان حاسما -على غير العادة- في حالة واحدة، عندما زعمت "إسرائيل" تورط بعض موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الإرهاب، فما لبث أن أوقف تمويلها، ثم أقدم الكونغرس على تجميدها، حسبما ورد في المقال. وأضاف كريستوف أن الحقائق التي استُند إليها في الاتهامات الموجهة للأونروا ثبت أنها كانت "مضلِّلة"، لأن الهدف منها كان محاسبة الوكالة الدولية، متهما في الوقت ذاته الولايات المتحدة بمضاعفة شقاء الجياع وبؤسهم على ما يبدو. وأشار إلى أن السياسيين الإسرائيليين من اليمين المتطرف يمارسون ضغوطا لإلغاء الأونروا، التي قال إنها تنشئ المدارس والعيادات وغيرها من الخدمات للفلسطينيين.
وقال كاتب العمود في مقاله إنه أمضى يوما في الضفة الغربية مع فريق من الأونروا، معظمه في مخيم الجلزون للاجئين، وكان من الواضح أن الوكالة تقدم خدمات صحية وتعليمية حيوية، رغم أنها محاصرة. ولفت إلى أن "إسرائيل" لطالما كانت معادية للأونروا، لكن اتهاماتها لها زادت حدة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتابع أن الأغلبية الساحقة من موظفي الأونروا من الفلسطينيين، وقد حاولت التمسك بمبادئ الحياد "في منطقة شديدة الاستقطاب".
[email protected]
أضف تعليق