شهدت المناقصات الأخيرة التي أجرتها "سلطة أراضي إسرائيل" في حي الفيلات الفاخر "الرّكافوت" شمال بئر السبع فوزًا لافتًا للمواطنين العرب، حيث بلغت نسبتهم حوالي 24% من إجمالي الفائزين بالمناقصات. في المناقصة، التي شملت 165 قطعة أرض بأسعار تراوحت بين 500 إلى 750 ألف شيكل، كان للفائزين العرب حضور كبير ومؤثر، مما أثار موجة من ردود الفعل والتساؤلات حول التغيرات الديموغرافية التي تشهدها المدينة.

لم يكن هذا التطور مجرد حدث عابر، بل إن وسائل الإعلام المحلية لم تغفل عن تسليط الضوء على هذا الموضوع، حيث كتب موقع "بئر السبع نت": "تفاجأ الفائزون بالمناقصة لشراء أراضٍ في حي 'الرّكافوت' الجديد في شمال بئر السبع، بأن الحي الذي فازوا فيه لبناء منازل أحلامهم سيكون حيًا مختلطًا بين اليهود والعرب".

يعكس هذا الحدث التحولات الجارية في التركيبة السكانية لبئر السبع، وهي مدينة تاريخية تعرف بأنها مركز للنقب وتستقبل يوميًا الآلاف من السكان العرب للحصول على الخدمات الصحية والتعليمية والحكومية. على الرغم من أن بئر السبع ليست مصنفة كمدينة مختلطة وفقًا لتعريفات الحكومة الإسرائيلية، إلا أن التغيرات الديموغرافية الملحوظة تشير إلى تنامي عدد السكان العرب فيها.

عدد السكان العرب في بئر السبع

وفقًا لإحصاءات مكتب الإحصاء المركزي لعام 2022، يبلغ عدد سكان بئر السبع 214 ألف نسمة، بينهم 6,587 عربًا، مما يشكل 3.1% من سكان المدينة، مقارنة بـ1.6% في عام 2008. ورغم هذه الزيادة الطفيفة في النسبة المئوية، إلا أن الاهتمام المتزايد بالعقارات في المدينة من قبل العرب، سواء من البدو أو من المواطنين العرب من الشمال، يعكس تحولًا كبيرًا.

داني (اسم مستعار)، وهو وسيط عقاري في المدينة، قال إن "الطلب من العرب على شراء واستئجار العقارات في بئر السبع تضاعف عشر مرات في السنوات الأخيرة". وأضاف أن "بعض المشترين العرب في حي 'الرّكافوت' ومناطق أخرى لا ينوون العيش فيها بشكل دائم، بل يتصرفون كمستثمرين، يشترون المنازل ويعيدون بيعها لاحقًا لليهود".

من جانبه، أوضح المحامي شحدة بن بري، أحد الفائزين بالمناقصة، أن "الفوز بالمناقصة لا يجب أن يكون مفاجئًا، لأن كل مواطن في الدولة له الحق في شراء أرض وبناء منزل". وأضاف: "هناك العديد من العرب الذين يعملون في بئر السبع ويعيشون فيها، منهم أطباء ومعلمون ومهندسون، ومن الطبيعي أن يبحثوا عن فرص سكن أفضل".

تحديات

رغم ذلك، يواجه المواطنون العرب في بئر السبع تحديات كبيرة، أبرزها التمييز والعنصرية التي تفاقمت في الآونة الأخيرة. وقال بن بري: "ليس من السهل أن تكون عربيًا وتعيش في بئر السبع، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة والجو المشحون منذ 7 أكتوبر".

بالمقابل، يرى بعض سكان المدينة أن هذا التغيير الديموغرافي يثير قلقًا اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث يخشون من تأثير تدفق السكان العرب على طبيعة الأحياء والمدينة بشكل عام.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]