ألزمت محكمة العدل العليا وزير القضاء ياريف ليفين بعقد جلسة لاختيار القضاة ورئيس للمحكمة العليا وامهلته أربعة عشر يوما للقيام بذلك. واتخذ هذا القرار بالإجماع.
ووصف ليفين الامر الصادر عن المحكمة بأنه يتنافى والقانون وقد اتخذ رغم تعارض خطير للمصالح ويشكل استيلاء على اللجنة بالقوة من خلال تجريد الوزير من صلاحياته القانونية. واكد ان الامر القضائي هو صفعة بوجه نحو مليوني ونصف مليون شخص صوتوا لصالح الائتلاف الحكومي الحالي.
وزير القضاء يماطل
وفي حديث لموقع بكرا مع المحاضر الحقوقي وعضو الكنيست السابق، د. يوسف جبارين, قال: "قرار المحكمة العليا كان متوقعًا بين الأوساط القضائية، فالقانون بهذا الشأن واضح، اذ ان قانون أساس القضاء وقانون المحاكم ينصّان على ان لجنة تعيين القضاة تنتخب باغلبية داخلها رئيسًا للمحكمة العليا، وكما هو معروف فان الرئيسة السابقة للمحكمة أنهت عملها منذ حوالي عام، وحتى الآن يماطل وزير القضاء في عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للمحكمة العليا، ومن الواضح ان هنالك اسباب سياسية خلف ذلك، منها المعروفة ومنها المخفية".
وأضاف: "حتى الآن تم اتباع طريقة الأقدمية في انتخاب رئيس او رئيسة للمحكمة وبحسب هذه الطريقة من المفروض أن يكون القاضي يتسحاك عميت هو من يتولى هذا المنصب، وهو يتمتع فعلًا باغلبية داخل لجنة تعيين القضاة، ولكن وزير القضاء لا يريد القاضي يتسحاك عميت بهذه المكانة الهامة، بل يسعى لتعيين رئيس للمحكمة يكون على مقاييسه السياسية، وبالتالي يواصل المماطلة بعقد جلسة انتخاب في محاولة لتغيير هذا الواقع، وهو بذلك يقوم بخطوات تتعارض مع القانون ويضرب بعرض الحائط العُرف القانوني. بالتالي، فان قرار المحكمة العليا جاء ليقول ان انتخاب رئيس للسلطة القضائية في البلاد هو أمر هام، وقد مرّ الكثير من الوقت دون انتخاب الرئيس، مما يحتّم على وزير القضاء عقد جلسة لانتخاب رئيس للمحكمة خلال شهرين، والكرة الآن تعود لملعب وزير القضاء بهذا الأمر".
ليفين يمثل الحكومة
وحول تصريحات الوزير ياريف ليفين بعدم شرعية الانتخاب قال: "هذه التصريحات تكشف رغبة ليفين ورغبة هذه الحكومة ورئيسها نتنياهو بإضعاف المحكمة العليا والسيطرة على الجهاز القضائي عامًة. من الطبيعي أن من يقرر إن كان القرار شرعيًا أم لا هو الجهاز القضائي وبالتالي فهذه من صلاحيات المحكمة العليا، وبلا شك فان الأجندة التي يحملها ليفين هي اجندة سياسية واضحة، ومن الأهمية بمكان الإشارة إليها: أولًا، هناك مطلب جماهيري لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر، وبحسب القانون الإسرائيلي فإن من يقوم بتعيين أعضاء لجنة التحقيق الرسمية هو رئيس المحكمة العليا، فبالتالي فإن وزير القضاء يريد أن يؤثر على من سيكون في رئاسة وعضوية هذه اللجنة ويهدف بذلك لأن يكون تقرير اللجنة مريحًا لحكومته".
وتابع: "ثانيًا، هنالك مخطط لوزير القضاء بتغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة وبتمرير مشاريعه لإضعاف جهاز القضاء وهي الخطة التي طرحها ليفين في بداية عهد هذه الحكومة، ولتحقيق ذلك فهو بحاجة لرئيس محكمة عليا يتعاون معه ويفتح المجال لمثل هذه التغييرات بحجة الإصلاحات المطلوبة".
وأكمل قائلًا: "وثالثًا، هناك مشروع واضح للدفع بشخصيات قضائية يمينة ويمينية متطرفة لأن تكون جزءًا من تركيبة المحكمة العليا، ومنها شخصيات قضائية نعرفها ساهمت بشكل فعّال بصياغة وبتشريع قانون القومية اليهودية وغيرها من القوانين العنصرية، وليفين يستغل قضية رئيس المحكمة العليا ليضغط من أجل تعيين هؤلاء".
الحفاظ على استقلالية المحكمة العليا
وحول تأثير هذه القضايا على المجتمع العربي، قال د. جبارين: "كنا قد اشرنا الى الكثير من قرارات المحكمة العليا التي لا أقول فقط انها خيبت الآمال، بل وأعطت الشرعية للتمييز ضد المواطنين العرب ورسخّت بذلك هذا التمييز، ولكننا بنفس الوقت نرى اهمية في الحفاظ على استقلالية هذه المحكمة امام الضغوطات السياسية، كما ونؤكّد على أهمية مواصلة محاولاتنا بالتوجه الى المحكمة العليا والالتماس أمامها، خاصة في ظل مخططات هذه الحكومة لإعادة رسم العلاقة مع المواطنين العرب في قضايا مصيرية لنا مثل هدم البيوت، والملاحقات السياسية، وكبت حرية التعبير، ومن الواضح أن السيطرة على المحكمة العليا من قبل الحكومة ستسهل على وزرائها تنفيذ هذه المشاريع دون رقيب او حسيب. بالتالي فبرأيي من المهم جدًا الحفاظ على الاستقلالية النسبية القائمة حاليا في القانون الإسرائيلي للمحكمة العليا ولطريقة تعيين القضاة فيها وذلك رغم ما قلته من ان المحكمة لا تأخذ دورًا جدّيًا في حماية حقوق المواطنين العرب وفي لجم التمييز ضد المواطنين العرب، وكذلك دور المحكمة العليا في شرعنة قضايا الاحتلال".
[email protected]
أضف تعليق