ناقش مشاركون في لقاء تشاوري، آليات تقصير أمد التقاضي والتعديلات التشريعية اللازمة لتعزيز قطاع العدالة، وتوفير أفضل الخدمات للمواطنين.
وقال رئيس المحكمة العليا، محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي محمد عبد الغني العويوي، خلال اللقاء الذي عُقد بمدينة رام الله، اليوم الأربعاء، إن السلطة القضائية بحاجة إلى تطوير أدائها، وعلى وجه الخصوص بما يتعلق بعمل المحاكم، وتقديم أفضل الخدمات للجمهور الفلسطيني، من أجل تعزيز صموده.
وأشار إلى أن التركيز ينصب حاليا على تقصير أمد التقاضي، وإزالة كل العقبات التي تحدّ من سرعة التقاضي، إضافة إلى تطوير البنى التحتية التي تحتاج إليها المحاكم، وغيرها من المعيقات التي تعترض العمل في المحاكم، والاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة.
وأضاف، أن السلطة القضائية بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى والقضاة/ وضمن الظروف المالية الخانقة التي تعيشها كل مؤسسات الدولة، نتيجة للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، وضعت خطة للتعامل مع أكثر القضايا إلحاحاً بحسب جميع استطلاعات الرأي المتعلقة بالشأن القضائي، ومنها: تيسير سبل وصول المواطنين إلى العدالة كحاجة فلسطينية، ومتطلب أساسي، لحسن سير العمل في المحاكم، إضافة إلى استقلال القضاء.
وتابع، أنه تم تحديد معيقين أساسيين للتعامل مع هذه المسائل، وهما: معيقات مادية، وأخرى إجرائية، والأمر ينطبق على المحافظات الشمالية، وأما بالنسبة إلى المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، فالأمر أكثر تعقيداً وصعوبة، إذ إن حجم الدمار والإبادة هائل في كل مجالات الحياة، بما فيها قطاع العدالة برمته.
وبهذا الصدد، أوضح أن الاحتلال دمر جميع المحاكم بما تحتويه، واستُشهد عدد من القضاة، وأعضاء النيابة، والموظفين، وعدد كبير من السادة المحامين، وشُرّد الباقون سواء بالنزوح داخل قطاع غزة، أو إلى الخارج، فالأمر عظيم لا يمكن وصفه، والمطلوب من كل الأطراف سواء الحكومية، أو الأهلية، والجهات الإقليمية، أو الدولية أن تصب جهودها في الأيام المقبلة على وضع الخطط اللازمة لتجاوز الدمار، وتوفير الإمكانيات المادية لهذا الغرض.
ولفت إلى أن توفير الميزانيات للقضاء هو متطلب أساسي للتعامل مع بعض المعيقات المرتبطة بانتظام العمل في المحاكم، التي تعاني أزمة حقيقية، من حيث توفر المساحات الكافية، إضافة إلى المبنى الحالي كحاجة ملحّة ومؤقتة، إلى حين إقامة مجمع للمحاكم عصري، وملائم كبقية المحافظات الشمالية.
ونوه إلى أنه قام بتكليف دائرة المحاكم بالبحث عن مبنى إضافي كحل مؤقت، لتحقيق هذه الغاية، وتمّ استئجاره، وتوفير موازنة لهذا الغرض من قبل وزارة المالية، على الرغم من الضائقة المالية التي تعانيها الحكومة.
وأوضح أنه تم توفير مبنى بديل لمحكمة أريحا، إلى أن يتم ترميم بناء المحكمة القديم، وتأهيله، وتطويره، من خلال استئجار مساحات إضافية، وتأهيلها، والعمل جارٍ حالياً على قدم وساق لتحقيق ذلك.
وأردف، أنه تم تقييم احتياج المحاكم من حيث الموارد البشرية، بما في ذلك القضاة، والكادر الإداري، وتم إصدار مرسوم من الرئيس محمود عباس يقضي بتعيين (12) قاضياً للعمل في محاكم الصلح، ومرسوم آخر بتعيين دفعة خريجي الدبلوم القضائي الفلسطيني وعددهم (13) قاضياً متدرجاً، والموافقة على تعيين (12) قاضياً للعمل لدى محاكم التسوية، وتم من قبلنا الإعلان عن إجراء مسابقة لتعيينهم، وبهذا يكون مجموع عدد القضاة الذين تم تعيينهم وما ستفرزه المسابقة القضائية خلال الأشهر الثلاثة الماضية (37) قاضيا، كما تم تعيين عدد من الموظفين الإداريين.
وبخصوص المعيقات الإجرائية، قال العويوي، إن عدم القدرة على تبليغ الأوراق القضائية أدى إلى ما نسبته 80% من أسباب تأجيل الجلسات في المحاكم، وهو أمر يمكن التغلب عليه بسهولة من خلال التبليغ الإلكتروني، الذي أصبح معمولاً به في أغلب دول الجوار ودول العالم المتحضر، إذ تمكن المجلس من تطوير كل الإمكانيات الإلكترونية لتطبيق التبليغ الإلكتروني والمحاكمة عن بُعد، ولكن ما زال هناك قصور في التشريع في هذا الخصوص.
بدوره، قال النائب العام المستشار أكرم الخطيب، إن النيابة تدرك أهمية تسريع وتيرة التقاضي كجزء من مسؤوليتها في حماية حقوق المواطنين وتحقيق العدالة، فالعدالة في هذه الأوقات الحرجة ليست مجرد مطلب، بل ضرورة تفرضها علينا التحديات التي تواجه مجتمعنا، ونحن نؤمن بأن تعزيز كفاءة النظام القضائي هو جزء لا يتجزأ من صمودنا ومقاومتنا للاحتلال والظلم.
وأضاف، أن النيابة تؤمن بأن العدالة المتأخرة هي عدالة منقوصة، ولهذا السبب، تضع على عاتقها مسؤولية المشاركة في قيادة الجهود الرامية إلى تقليل أمد التقاضي، وتعمل باستمرار مع كل الشركاء على مراجعة الإجراءات والسياسات، لضمان أن تكون محاكمة المتهمين وإصدار الأحكام في القضايا المختلفة في أسرع وقت ممكن، دون الإخلال بمبادئ العدالة.
من جانبه، أكد وزير العدل المستشار شرحبيل الزعيم، أن الحكومة الفلسطينية بتكليف من الرئيس محمود عباس في برنامجها الذي أعلنه رئيس الوزراء محمد مصطفى، وضعت ضمن أولوياتها في برنامجها الحكومي تمكين الجهاز القضائي بما يضمن استقلالية القضاء ونزاهته والارتقاء به، بما يشمل وضع خطة تفصيلية بالشراكة مع السلطة القضائية تؤدي إلى تعزيز كفاءة إجراءات التقاضي، ورفع كفاءة القضاة وأعضاء النيابة العامة وقدراتهم، ما يؤدي إلى سرعة الفصل في القضايا، ويعزز سيادة القانون، ويمكّن المواطنين من الوصول إلى العدالة في الوقت المناسب، لمعرفة الحكومة بأهمية القضاء في إشاعة الأمن والطمأنينة، ودوره في تشجيع الاستثمار، واستقرار المعاملات، واستتباب الأمن والأمان في الدولة.
وأضاف الزعيم أن أحد سبل تعزيز الثقة بالقضاء هي قوانين وتشريعات، من شأنها مساعدة القاضي على البت في الدعوى المنظورة أمامه بسرعة دون إبطاء أو تعطيل، "فالعدالة المتأخرة عدالة ناقصة".
وقال: "علينا جميعاً التكاتف والعمل بجد وبروح وطنية خالصة على تهيئة الظروف والوسائل والأدوات، لنمكّن القاضي من النطق بالعدل وفي وقت قياسي، وأن يبذل الجهد والوقت الكافيين للنظر في القضايا المنظورة أمامه".
وقدم قاضي المحكمة العليا رائد عساف، عرضا حول طول أمد التقاضي، والحاجة إلى إجراء بعض التعديلات على التشريعات الإجرائية، وبرنامج إدارة الدعوى "ميزان".
وتخلل اللقاء نقاش حول "أمد التقاضي في القضايا المدنية" والتدخلات التشريعية المطلوبة، و"أمد التقاضي في القضايا الجزائية" والتدخلات التشريعية المطلوبة، و"قانون التنفيذ" والتعديلات التشريعية المطلوبة.
[email protected]
أضف تعليق