لا يُخفي الإسرائيليون، من قيادةٍ ومُستوطنين، رعبهم ودعرهم من ردّ إيران وحزب الله وأنصار الله في اليمن المُتوقّع في الفترة القريبة القادمة، وكلّما ارتفعت وتيرة التصعيد الأمنيّ ازداد منسوب القلق والاكتئاب لدى الإسرائيليين، الذين يعيشون منذ عشرة أشهر حربًا لم يشهدوها من ذي قبل، وتحوّل الإعلام العبريّ إلى قاعة مراهنات وقمار عن توقيت الردّ وحجمه، الأمر الذي يُثير أكثر قلق الإسرائيليين، الذين وفق البحث الأخير، الذي نشرت نتائجه صحيفة (هآرتس) العبريّة، يُعانون من أزماتٍ نفسيّةٍ بفعل الحرب، وأنّ أكثر من أربعين بالمائة منهم يُعانون من ظاهرة الاكتئاب المُزمن والصدمات النفسيّة.
وفي هذا السياق رأت مصادر أمنيّة وُصِفَت بأنّها واسعة الاطلاع في تل أبيب أنّ ردّ حزب الله على اغتيال قائدة العسكريّ، فؤاد شكر، سيكون أكثر عنفًا وقساوةً من الردّ الإيرانيّ على اغتيال رئيس المكتب السياسيّ بحركة (حماس) بالعاصمة طهران، إسماعيل هنية.
ونقل مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، اليوم الثلاثاء، عن مصادره الخاصّة بالمؤسسة الأمنيّة بالكيان أنّه من المُتوقَّع أنْ يقوم حزب الله بقصف منشآتٍ وأهدافٍ عسكريّةٍ إستراتيجيّةٍ في شمال الدولة العبريّة ومركزها، وأنْ يتّم هذا الهجوم بإطلاق نارٍ كثيفٍ لم تشهده من ذي قبل، علمًا أنّ الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، كان قد وضع معادلة مفادها أنّ ما يجري لبيروت سيجري لتل أبيب.
وخلُص المُحلِّل إلى القول إنّه يتحتّم على إسرائيل أنْ تدرس خيارات الردّ بحسب شدّة وكثافة وقوّة ردّ حزب الله وإيران وأنصار الله في اليمن، والأضرار التي ستلحق بها جرّاء هذا القصف غيرُ المسبوق، على حدّ تعبيره.
أمّا الجنرال بالاحتياط إسرائيل زيف، فرأى في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّ التصعيد الإقليميّ جاء في وقتٍ لا يوجد فيها أيّ تأثيرٍ لإسرائيل، وأنّها لا تمتلك الأدوات لوقف التصعيد. وشدّدّ الجنرال، المُقرّب جدًا من هيئة الأركان العامّة بجيش الاحتلال، شدّدّ على أنّ التعلّق الإسرائيليّ بالولايات المُتحدّة الأمريكيّة بات اليوم مطلقًا وأكثر بكثير من أيّ وقتٍ مضى، وأنّ رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يرفض فهم وتذويت هذه الحقائق، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ المؤسسة الأمنيّة منحت نتنياهو فرصةً لا تُعوَّض لخفض ألسنة اللهب عن طريق إتمام صفقة التبادل مع (حماس)، بيد أنّه رفض، على حدّ تعبيره.
أكّد مُحلِّلٌ إسرائيليٌّ بارزٌ، أنّه “من الضروري القضاء على التهديد الإيراني”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ حرب متعددة الجبهات تلوح في الأفق، وبنيامين نتنياهو استغل الاغتيالات لإعلان تمديد الحرب في غزة.
واستدرك الصحفي بن درور يميني في مقال نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية: “لكن قبل القضاء على التهديد الإيرانيّ يجب تغيير الاستراتيجية”.
وتابع: “الأمر ليس أنّ العالم ضدّ نتنياهو، بل معظم الجمهور الإسرائيليّ وجميع قادة الأجهزة الأمنية وعدد غير قليل من أعضاء الكنيست والوزراء في الليكود، يعتقدون أنّ فشل نتنياهو استراتيجيّ متجسد”، موضحًا أنّه “فشل في مواجهة إيران وحزب الله وحماس، وقاد إسرائيل منذ 8 أكتوبر إلى أدنى مستوى دبلوماسيّ في تاريخها”، طبقًا لأقواله.
وأضاف أنّه “بعد أكثر من 300 يوم، تواصل حماس إطلاق الصواريخ. ما يقرب من عشرة أشهر، ولم يكن هناك يوم واحد تقريبًا دون إطلاق نار من الشمال”، مشددًا على أنّ التغيير الاستراتيجي مرتبط بعقد صفقة تبادل للأسرى، وبموجبها يتم وقف إطلاق النار على جميع الجبهات.
إلى ذلك، ذكر موقع (WALL) الإخباريّ-العبريّ، أن التقديرات الإسرائيليّة في كيان الاحتلال تتحدّث عن أن إيران تُخطّط وتُنسّق ردّها المتوقّع إثر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة في قلب طهران مع شركات الجبهة الآخرين، أي حزب الله في لبنان والحوثيون (أنصار الله) في اليمن.
وقال الموقع، نقلاً عن محافل إسرائيليّةٍ وصفها بالمُطلعة جدًا إنّه: “على الرغم من التهديدات المستمرّة ضدّ إسرائيل، فمن الممكن التقدير أنّ الإيرانيين سوف يدرسون بعناية نطاق الردّ العسكريّ وقوته، لأنّ الهجمات غير المتناسبة قد تؤدي إلى هجمات الجيش الإسرائيليّ في عمق أراضي إيران ولبنان واليمن”، على حدّ تعبيرها.
وبحسب الموقع، تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لعددٍ من السيناريوهات التي وصفتها المصادر بالمتطرّفة، بما في ذلك الهجمات على قواعد الجيش على نطاق غير مسبوق، بطائرات من دون طياّر وصواريخ وهجمات على أهداف من المنطقة الحدودية إلى حيفا وحتى تل أبيب، وتدمير البنية التحتية القومية.
وتابع الموقع العبريّ، نقلاً عن ذات المصادر إنّ “لكلّ من هذه السيناريوهات، يملك الجيش الإسرائيليّ ردًّا في الدفاع والهجوم، فهو يمتلك أنظمة دفاع نشطة – أنظمة القبة الحديدية والعصا السحرية وأنظمة حيتس “2” و”3″.. وفي أي هجوم، يمتلك الجيش قدرة إطلاق نار دقيقة وواسعة النطاق، ويتدرب سلاح الجو وهو في حالٍ من التأهب القصوى، إلى جانب قدرات البحرية”.
[email protected]
أضف تعليق