عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء أمس الأحد، اجتماعاً لتقييم الوضع مع رؤساء الأجهزة الأمنية في وزارة الأمن حول الرد المحتمل من جماعة "حزب الله" اللبنانية وإيران، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وفي وقت سابق، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التهديدات الإيرانية بمهاجمة إسرائيل، قائلاً إن تل أبيب "مستعدة لأي سيناريو دفاعاً أو هجوماً".
ويأتي الرد المتوقع بعد عمليات الاغتيال التي شهدتها المنطقة في الأسبوع الماضي، الأولى بعد ان قامت اسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية في بيروت واغتيال فؤاد شكر القائد العسكري في حزب الله، بالإضافة الى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران.
وفي حديث لموقع بكرا مع المحلل السياسي أمير مخول قال: "بخلاف الجبهة الشمالية مع لبنان، لا تتوفر لاسرائيل جبهات صراع حدودية، لا مع ايران ولا مع اليمن ولا العراق ولا غزة حيث لا شأن للحدود في الحرب عليها، فلا الحدود محور الحرب ولا الحدود ساحتها. الجبهة الشمالية التي قد تبدو حدودية لكن ومنذ تحولها الى جبهة إسناد لغزة او الانتقال الى استراتيجية وحدة الساحات، انتقلت الى تعريف الحرب المفتوحة حتى وإن كانت دون سقف الحرب الشاملة".
وأضاف: "فما هي إذن استراتيجيات الأطراف:
غياب استراتيجية فلسطينية واحدة
لا توجد استراتيجية فلسطينية واحدة موحدة، لكن السائد هو وقف الحرب عن طريق صفقة التبادل ومنع فك مصير غزة عن مصير الضفة سعيا لدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 67. بينما استراتيجية حماس هي وقف الحرب على غزة والابقاء جوهريا على حالة الحرب مع اسرائيل مفتوحة وتوسيعها اقليميا من خلال وحدة الساحات وطوق النار حول اسرائيل. في المقابل، تقوم استراتيجية السلطة الفلسطينية المعتمَدة على إقامة دولة فلسطينية من خلال النضال الشعبي والدبلوماسي والقانون الدولي وغير العسكري.
استراتيجية إيران: الإبقاء على الصبر الاستراتيجي ودمجه بمحور وحدة الساحات
استراتيجية ايران هي المضي في بناء قدراتها الاقتصادية والعسكرية وتعزيز نظامها والمشروع النووي بالشكل المعنية به، وترسيخ منظومة حلفائها اقليميا ومعظمهم تنظيمات غير دولانية او شبه دولانية، كل ذلك لتكون بمنزلة دولة عظمى اقليمية غير مهدَّدة وذات نفوذ اقليمي ودولي. وضمن ذلك التعويض عن الضربة التي تلقتها حماس منذ إعلان اسرائيل الحرب وحتى اغتيال هنية في طهران وحتى الآن.
غاية إيران الحالية هي في الأساس الردع من خلال الرد على اغتيال هنية في عاصمتها وذلك لتعزيز استراتيجيتها الاقليمية وتعزيز موقعها؛ من المتوقع ان تكون ضربة إيرانية قوية محسوبة، لأن المواجهة ستكون مع اسرائيل ومع الجيش الأمريكي وربما جيوش اخرى اوروبية. وإذا كان السعي الإيراني هو الانتقام من اغتيال هنية واستباحة سيادتها فذلك في نهاية الأمر يمكن احتواؤه واستيعابه. إيران ليست معنية كما يبدو بالحرب، ومن المحتمل اذا كان القرار محصورا بها أن تلتزم كدولة بمبدأ الصبر الاستراتيجي الدفاعي في جوهره، والاستعاضة عن التوجه الهجومي المباشر بإلقائه على مسؤولية حلفائها في محور المقاومة والذين تمدهم بمقومات القدرات العسكرية الأساسية. لكنها قد تتورط في حرب كبيرة وهذا منوط باسرائيل ايضا.
استراتيجية حزب الله هي إعادة تصويب معادلة الردع بأدوات جديدة
غاية حزب الله الآنية هي استعادة وبناء معادلة الردع على أسس جديدة بعد استهداف اسرائيل للضاحية وتصفية القائد العسكري فؤاد شكر، وضمان عدم إلحاق الدمار الشامل بلبنان. وعليه فإن الاحتمالية هي السعي الى تسديد ضربة قوية لاسرائيل بمستوى تدفيع الثمن الرادع على الاستهداف المذكور. وكذلك لمنع اسرائيل من تحويل الغارة على الحديدة الى معيار في التعامل مع لبنان بما يعني، تصعيد في "عقيدة الضاحية" من العام 2006 في زرع الدمار الشامل، وللتنويه فإن نتنياهو وكل القادة الاسرائيليين يلوحون بأن مصير بيروت سيكون كمصير غزة. هذه الاستراتيجية من طرف حزب الله من المحتمل ان تبقى الامور دون سقف الحرب الشاملة، اذا توقفت عند استهداف مرافق استراتيجية دون المدنيين.
استراتيجية اسرائيل هي تفكيك وحدة الساحات وتسديد ضربة كبرى لقدرات ايران و بغطاء أمريكي
الاستراتيجية الاسرائيلية هي في طبيعتها هجومية عدوانية تسعى الى حرب استباقية إن استطاعت، وتعتبر أن حروبها الحالية وحصريا منذ السابع من أكتوبر 2023 تشكل خطرا وجوديا وفي حالة حرب وجودية، وتسعى الى تفكيك وحدة الساحات وفصل الرابط بين وقف النار في إطار صفقة مع غزة عن التعاطي مع الجبهة الشمالية؛ والى توجيه الضربات الى كل جبهة على حدة باستهداف مقومات قوتها وتصفية قدراتها وقياداتها العسكرية والسياسية على السؤال، والسعي الى تسديد ضربة للمنشآت الاستراتيجية الإيرانية بكونها "رأس الأخطبوط"، إعداد جبهتها الداخلية للحرب؛ ويعني ذلك إرجاء البت في الصفقة اتباعا لمبدأ أن الضغط العسكري المكثف على حماس (على غزة) سيحسن شروط الصفقة؛ ضمان تفكيك القدرات العسكرية والسلطوية لحماس. اعتبار الحرب مع حزب الله هي الجبهة الأكثر جدية، والحرب الشاملة واقعة لا محالة فهل القرار هو التعجيل بها أم أرجائها الى ما بعد الصفقة ولو جزئيا والاستعداد الافضل لها لكونها ستقوم وفقا لتقديراتها باجتياح لبنان بريا، بعد الضربات الجوية ومن البحر، بينما الجبهة الداخلية في اسرائيل ستكون مستهدفة بكل جغرافيتها ناهيك عن المرافق الاستراتيجية في البر والبحر. اسرائيل معنية لو استطاعت بالقضاء على الاستراتيجية الايرانية القائمة على "الصبر الاستراتيجي"، وهي قائمة ايرانيا على استكمال ايران لبنيتها الاقتصادية والعسكرية والأمن القومي بما يجعلها دولة.
هل تبدأ استراتيجية إسرائيل بتفكيك وحدة الجبهات من "رأس الأخطبوط" أم خطوة بخطوة و لأمد طويل لا يمكن ان ينحصر بالخيار العسكري. وهل تكون على استعداد لدفع ثمن التهدئة المستدامة إقليميا بقيام دولة فلسطينية؟ لا تبدو قوى اسرائيلية حاكمة او تصبو الى الحكم قادرة على دفع هذا الثمن او معنية بدفعه من توفير باب الأمن القومي طويل الامد
تفتقر اسرائيل الى اي افق سياسي، وهذه مسألة باتت في العقدين الاخيرين بنيوية اكثر منها سياسية حزبية فحسب، استراتيجية منع قيام دولة فلسطينية في الضفة والقطاع تجعلها تعتمد استراتيجيات "إدارة الصراع" و"المعركة بين الحروب" و"تقليص الصراع" وكذلك الاستراتيجية الأمريكية "التحالف الابراهيمي" المستند الى التطبيع وحرف محورية الصراعات الإقليمية عن فلسطين. لكن اسرائيل ذاتها قد تقبل بحل سياسي نتيجة مفاوضات وجهود دبلوماسية مع لبنان، ويعود ذلك إلى توازنات القوى ومعادلة الردع والثمن نتيجة للحل العسكري.
وفي حال حسم القرار الإسرائيلي فلن يكون من المستبعد ألا تنتظر الردود، بل ان ان تقوم هي بحرب استباقية مكثفة".
وأنهى حديثه قائلًا: "للخلاصة، امكانيات تدحرج الامور نحو حرب اقليمية شاملة تكون جبهتها المركزية بين اسرائيل وحزب الله، قائمة كما لم تكن يوما. الحالة القائمة على شفا حرب اقليمية والمؤسسة على القلق والترقب والتداعيات النفسية والعسكرية والاقتصادية، تحيط بمعظم الأطراف المذكورة، والتقدير أنه لا يوجد طرف معني وقادر على خوض حرب اقليمية، سوى إسرائيل وفقط إذا ضمنت غطاء حربيا أمريكا فعليا سواء أكان ذلك بقرار أمريكي مسبق ام بتوريط إسرائيلي مقصود للولايات المتحدة".
اختلاف طبيعة الاستهدافات بين الاطراف قد تتيح لكل طرف القبول بما حقق والعودة الى معادلة الردع المتبادل.
[email protected]
أضف تعليق