حول المفاوضات التي تجري بين اسرائيل وحركة حماس، قال الكاتب والمحلل السياسي د. جمال زحالقة:
"يستعد نتنياهو لإلقاء خطابه في الكونغرس الأمريكي بعد أسبوعين من اليوم، ومن المقرر أيضا أن يلتقي حينها الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض. وعلى «شرف» زيارته لواشنطن لا يريد نتنياهو الدخول في مواجهة مع الإدارة الأمريكية، وعليه وافق على إرسال وفد للمشاركة في مباحثات الدوحة، وحرص في توجيهاته للوفد الإسرائيلي وفي اتصالاته مع المسؤولين الأمريكيين على الظهور بمظهر المستعد للتوصل إلى صفقة".
وأضاف: "نتنياهو لا يريد أن تفشل المفاوضات قبل خطابه في الكونغرس، لذا يسعى إلى كسب الوقت والمماطلة إلى هذا الموعد. ماذا سيفعل نتنياهو بعدها؟ هذا ليس واضحا، لكن ما رشح إلى الآن هو أنه يقول من جهة أنه يريد صفقة وفي الوقت ذاته يضع شروطا تجعلها مستحيلة. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى تسريبات متكررة من جهات أمنية إسرائيلية عليا، بأنه سيكون من الصعب جدا على نتنياهو إفشال الصفقة هذه المرة. موعد آخر مهم في السياسة الإسرائيلية، هو خروج الكنيست إلى العطلة الصيفية حتى تشرين الأول/أكتوبر المقبل، ما يضعف إمكانية إسقاط الحكومة لمدة أشهر، ويخفف الضغط على نتنياهو، إن هو أراد التوصل إلى صفقة، لكن لا يبدو إلى الآن أنه يريد ذلك".
وتابع: "قضية أخرى مرتبطة بالتوقيت هي مسألة عودة سكان المستوطنات الحدودية الشمالية. وحين سئل نتنياهو عن عودة الطلاب إلى مدارسهم مع افتتاح السنة الدراسية في الأول من أيلول/سبتمبر، أجاب بأن ذلك سيحدث بعدها بشهرين على الأقل، أي بعد تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. علامَ بنى نتنياهو هذا الكلام؟ هناك ادعاء بأن الحرب الشرسة في غزة قد تنتهي في ذلك الموعد وعندها من الممكن أن يكون وقف لإطلاق النار على الحدود اللبنانية".
نتنياهو ينوي أصلا توسيع الحرب
واكمل حديثه: "نتنياهو تحدث عن نوفمبر قبل أشهر، ومن الممكن ألا تهدأ الأمور على الحدود اللبنانية قبل ذلك. الموعد المثير جدا، الذي يتعلق بنتنياهو هو قرار المحكمة برفض طلبه تأجيل شهادته إلى آذار/مارس المقبل، وتحديد موعد الثاني من كانون الأول/ديسمبر لبدء الإدلاء بشهادته في قضايا الفساد المتهم بها. ويرى عدد من الإعلاميين الإسرائيليين أن نتنياهو لن يمثل أمام المحكمة، وسيسعى للتوصل إلى صفقة مع النيابة العامة، ما يعني بالضرورة تخلّيه عن منصبه. هذا احتمال وارد. لكن هناك احتمال آخر وهو أن نتنياهو ينوي أصلا توسيع الحرب، ما سيعرقل جلسات المحكمة. في كل الأحوال مواعيد نتنياهو ليست هي التي تحسم موقفه، ولكنها السياق الذي يعمل خلاله هذا الشخص، الذي يحمل مفاتيح مواقف الدولة الصهيونية".
يوضح ايضًا: "في ظل الحديث والتفاوض حول التوصل إلى صفقة تبادل أسرى تشمل وقفا لإطلاق النار، تواصل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائمها المروعة في جميع أنحاء قطاع غزة. ويستدل من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أنّها حرب لسنوات طويلة. وحتى الذين ينادون بالتوصل إلى صفقة فورية مع وقف للحرب، يعلنون سلفا أن الحرب سوف تستأنف في مرحلة لاحقة. هذا يعني أن الخلاف في إسرائيل تكتيكي ويتعلق أساسا بإعادة المحتجزين، وليس بتوجه لإنهاء الحرب. المفاوضات مهمة جدا، والجهود المصرية والقطرية هي الآن أهم ما تقوم به الأمة العربية لوقف سفك الدم الفلسطيني في غزة، ولكن حتى لو تكللت هذه الجهود بالنجاح، فسيكون ذلك للمدى القصير فقط، وتبقى الحرب هي الميل الطبيعي للدولة الصهيونية، ولن يردعها عنها سوى ميل قسري وجهد عربي شامل لوقف حمام الدم، ليس بشكل مؤقت فقط، بل بشكل دائم وصولا إلى محاصرة نظام الأبرتهايد الإسرائيلي وتفكيكه. ومن نافل القول إنه لن يكون جهد عربي جدّي إلا بعد ترميم البيت الفلسطيني على أساس الوحدة الوطنية، وعنوان واحد يتحدث باسم الشعب الفلسطيني كله".
[email protected]
أضف تعليق