"في هذا اليوم تم قتلي"، الرابع من ديسمبر/ كانون أول، تاريخ عالق في ذهن الأسير المحرر معزز عبيات (37 عاماً)، حين عذّبه جنود الاحتلال ورقصوا على جسده.
لا يتذكر عبيات عائلته ولا أبناؤه الخمسة، لتخيم صور التعذيب والإهانة والتجويع على ذاكرته، مردداً تاريخ "قتله" وعالقاً في سجنه رغم تحرره.
ربما كان اليوم الأصعب والأشد، حين "عذّبه الجنود واعتدوا عليه بالعصي الحديدية، ووضعوا جسده داخل كيس أسود، ليقوم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وجنودٌ آخرين بالرقص على جسده" بحسب ما قاله الأسير المحرر عبيات.
وأفرجت السلطات الاسرائيلية أول أمس الثلاثاء، عن الأسير معزز عبيات من بيت لحم، في ظروف صحية صعبة وصادمة، بعد قضائه نحو تسعة أشهر من الاعتقال الإداري.
وقال خليل عبيات والد معزز، إن نجله كان لاعب كمال أجسام ويمارس رياضة الملاكمة، ويمتلك بنية جسدية قوية وصلبة قبل اعتقاله في السابع عشر من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأضاف في حديثه لوكالة "صفا"، "كان معزز يعمل لحّاماً وضربته قوية شديدة، لا تستغرق الشاة منه خمس دقائق ليُتم ذبحها".
وبين أنه لم يتمكن من التعرف على نجله للوهلة الأولى، فقد تحول رجل الملاكمة صاحب البنية الصلبة، إلى جسد هزيل غير قادر على المشي وحيداً.
وحول حالة معزز الصحية بعد الإفراج عنه، أفاد الأب بأن نجله يعاني من كسور عدة في أنحاء جسده وأمراض جلدية وصدمة نفسية تمنعه من تذكر أي شخص من أقاربه أو أصدقائه خارج السجن.
وأوضح أن ذاكرة معزز محصورة في فترة اعتقاله، وعند إدخاله إلى صورة الأشعة للمعاينة الطبية، ظل يردد للأطباء "تريدون قتلي وإداخلي إلى القبر"، ظناً منه أنه مازال تحت التعذيب وداخل السجن.
وأضاف أن معزز رفض تناول الطعام قبل إغلاق باب ونوافذ غرفته، خشية أن يراه بقية الأسرى المحرومين من الطعام والذين يتعرضون للتجويع داخل الأسر.
وذكر عبيات " أنه من بين الحوادث العالقة في ذاكرة معزز، اليوم الأول لاعتقاله، حيث قام الجنود بإجباره على خلع كامل ملابسه وضربوه بشدة وتبولوا على جسده"
ونقل شهادة نجله عن ظروف الأسرى داخل المعتقل، واصفاً سجن النقب بمعتقل غوانتنامو، إذ يتعرض الأسرى للتعذيب والتجويع، ويمنعون من تلقي العلاج رغم انتشار أمراض جلدية بين الأسرى بسبب منعهم من الاستحمام وشح المياه.
وقال نادي الأسير الفلسطيني، إن عبيات أسير سابق تعرض للاعتقال مرتين قبل اعتقاله الحالي، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال، ولم يكن يعاني من أية مشاكل صحية قبل اعتقاله.
وأوضح النادي أن عبيات تعرض للضرب المبرح خلال اعتقاله، تحديداً على قدميه، إلى جانب تعرضه لجرائم التعذيب والتجويع، والجرائم الطبية التي شكلت أسباباً مركزية لاستشهاد أسرى ومعتقلين بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأشار النادي إلى أن الاحتلال يواصل التصعيد من جريمة الاعتقال الإداري، إذ بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية الشهر الجاري، ما لا يقل عن 3380 معتقلاً، من بينهم نساء وأطفال، ويخضع جميعهم لمحاكم صورية وشكلية تحت ذريعة وجود ملف سري.
وبيّن أن المئات من المعتقلين الإداريين هم من بين الأسرى المرضى، كما أن الغالبية العظمى منهم هم من الأسرى السابقين الين أمضوا سنوات في سجون الاحتلال.
وحمّل نادي الأسير السلطات الاسرائيلية المسؤولية عن الوضع الذي خرج به المعتقل معزز، مطالباً المؤسسات الحقوقية والدولية أن تتحمل مسؤوليتها اللازمة أمام حرب الإبادة المستمرة، والجرائم بحق الأسرى والمعتقلين كأحد أوجه هذه الإبادة.
المصدر: سفا
[email protected]
أضف تعليق